شددت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية على أنّ البلد لا يزال غير آمن لعودة اللاجئين، وذلك في إطار ردها على إجراءات ترحيل اللاجئين السوريين التي اتخذتها الحكومة اللبنانية أخيراً.
وقال المتحدث باسم اللجنة التابعة للأمم المتحدة، يوهان إيركسون، لـ”العربي الجديد”، إن موقف اللجنة واضح، بكون سورية “لا تزال غير آمنة للعودة. ولا يزال المدنيون يتأثرون بانعدام سيادة القانون وانعدام الأمن السائد”، مضيفاً أن “سورية تشهد موجة من العنف غير المسبوق لم تشهدها منذ أربعة أعوام”.
وأوضح إيركسون أن اللجنة لا تزال تتسلّم بلاغات من عائدين واجهوا الاحتجاز والاختفاء والتعذيب عندما وصلوا إلى سورية. وينتشر هذا على نحو خاص في المناطق التي يسيطر عليها النظام كما أوضح، مضيفاً “هناك مخاطر في المناطق جميعها، التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة والجهات الفاعلة غير الحكومية”.
وكشف أن لدى اللجنة وفرة من النتائج، لوصف الحالة متزايدة الخطورة على المدنيين داخل سورية، في جميع مناطق السيطرة في البلاد، بما في ذلك المنطقة التي تسيطر عليها حكومة النظام السوري.
وعن آليات إعادة اللاجئين السوريين من لبنان، قال إن العودة يجب أن تكون طوعية وآمنة و”كريمة ومستدامة إلى الوجهة التي يختارها العائدون”، دون خطر إصابات عند العودة بسبب التعذيب أو سوء المعاملة أو غير ذلك من الانتهاكات الجسيمة للالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان. وتابع “يحتاج السوريون الآن أكثر من أي وقت مضى منذ بداية الصراع إلى المساعدة الإنسانية. يعيش أكثر من 90% الآن في فقر، والاقتصاد في حالة انهيار وسط تشديد العقوبات، حتى إن النقص الحاد في تمويل المانحين للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة العاملة داخل سورية أدى إلى تعليق المساعدات الغذائية العادية، مما وضع الملايين في قبضة الجوع”.
ولفت إلى أن “سورية تشهد موجة عنف لم تشهدها منذ عام 2020″، قائلاً: “عبر عدة جبهات، هاجمت أطراف الصراع المدنيين والبنية التحتية بطرق ترقى على الأرجح إلى جرائم حرب، في حين أن أزمة إنسانية غير مسبوقة تدفع السوريين إلى اليأس المتزايد باستمرار”.
ضبط وجود اللاجئين السوريين لا ترحيلهم
بدوره، أوضح الباحث السوري في مركز جسور رشيد حوراني في حديثه لـ”العربي الجديد” أن معظم اللاجئين السوريين المرحّلين في لبنان يقيمون في منطقة البقاع، مضيفاً “المنطقة فيها أكبر تجمع للسوريين في لبنان، وهي منطقة تضمّ مخيمات للعمال السوريين منذ ما قبل عام 2011، وأضيفت عليها مخيمات بعد الثورة”. وتابع “البعض من المخيمات مسجّل لدى وكالات الأمم المتحدة، وتشرف عليها منظمات تابعة لها أو شريكة، تعمل على تقديم الإغاثة والخدمات، وبعض المخيمات غير مسجل، والمخيمات غير المسجلة في منطقة البقاع فيها مشكلات أمنية كثيرة، وبعض المقيمين في هذه المخيمات يتعاملون مع الأمن العام اللبناني، ويقدمون تقارير كيدية ضد الموجودين وهذا تسبب بدفع قوى الأمن لإجراء هذه الحملة بداعي أن وجودهم مخالف للقانون وغير نظامي”، مشيراً إلى أن ملف اللاجئين يحتاج إلى الضبط وليس الترحيل.
تسييس الأزمة
وشهد لبنان حملة تصعيد ضد اللاجئين السوريين على أراضيه من جهات تناهض وجودهم، تبعتها إجراءات من قبل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، وبعدها جلسة لمجلس النواب في 15 مايو/ أيار، ناقش خلالها أعضاء المجلس ملف اللاجئين السوريين والمساعدات الأوروبية لهم. وعلى إثرها أقرّ مجلس النواب تشكيل لجنة من الوزارات المختصة والجيش وقوى الأمن العام والداخلي والدولة، يرأسها نجيب ميقاتي، لتتولى إعادة اللاجئين الذين دخلوا لبنان عبر طرق غير شرعية، وتقييم الحالات مع وجود إمكانية الاستثناء لديها.
وسبق الجلسة خطاب للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، دعا فيه لفتح البحر أمام اللاجئين السوريين في لبنان كي يغادروا إلى أوروبا وقبرص، مشيراً إلى عدم إجباره السوريين على ركوب السفن. ولفت نصر الله إلى أن السوريين ممنوعون من الهجرة بقرار سياسي من الجيش اللبناني. وطالب بالضغط على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لرفع العقوبات عن النظام السوري، الأمر الذي يتيح عودة السوريين، بحسب قوله.
وفي وقت سابق، حمّل الائتلاف السوري الحكومة اللبنانية مسؤولة حياة أي لاجئ سوري يرحل من لبنان، مشيراً في بيان صدر عنه في 15 مايو/ أيار إلى أن “الحكومة أصرّت على عمليات الترحيل رغم توضح المخاطر، وبرغم التأكيدات على أن النظام السوري لم يغير من نهجه القائم على الاعتقال والتعذيب والتغييب والقمع”. ودان الائتلاف في بيانه “غياب الإجراءات” الفعالة من قبل الأمم المتحدة والدول الفاعلة التي من شأنها حماية اللاجئين السوريين من الترحيل والانتهاكات. وأكد أن عودة اللاجئين السوريين مرهونة بالتزام المجتمع الدولي بمسؤولياته المتعلقة بتحقيق انتقال سياسي وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254.
وطالب الائتلاف في وقت سابق الحكومة اللبنانية بسحب المليشيات اللبنانية من القرى والبلدات السورية وتعويض السكان الذين فقدوا منازلهم بسببها، إضافة لاتخاذ خطوات من قبل الأمم المتحدة لحماية اللاجئين ضمن المناطق التي سيعودون إليها في سورية. وقال رئيس الائتلاف هادي البحرة، في بيان صدر في 3 مايو/ أيار، إنه يمكن لحكومة تصريف الأعمال في لبنان تمويل التعويضات من المساعدات التي تتلقاها لقاء استضافة اللاجئين السوريين، وآخرها مبلغ “مليار يورو” خصصها الاتحاد الأوروبي لدعم اللاجئين والمجتمعات اللبنانية التي يعيشون ضمنها.
يشار إلى أن أزمة اللاجئين السوريين في لبنان شهدت انفجاراً بعد مقتل القيادي في حزب القوات اللبناني باسكال سليمان، إذ شهد البلد موجة من حملات العنف ضد اللاجئين، تبعها تحرك حكومي في هذا الملف.
المصدر: العربي الجديد
في إطار ردها على إجراءات ترحيل اللاجئين السوريين التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية “أنّ سورية لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين”، إن وضع اللاجئ السوري بلبنان كسبب رئيسي لكل مشاكله هروب الطبقة السياسية المتحكمة بلبنان من مشكلتها ووضعها باللاجئ السوري، قراءة موضوعية.