تمر القضية الفلسطينية بمنعطف بالغ الدقة، فمن جهة هناك تلك الصحوة العالمية التي لم يسبق لها مثيل في وعي عدالة القضية الفلسطينية، وكونها تمثل تحديًا للإنسانية المتحضرة، في تثبيت قيم الحق والعدالة، التي توصلت إليها البشرية في هذا العصر، أو الاستسلام لشريعة الغاب والقوة العمياء، إضافة لما أظهرته المقاومة الفلسطينية الباسلة، من مكامن الضعف لدى الكيان الصهيوني، ومكامن القوة لدى العرب، مما أدى لرفع معنويات الشعب الفلسطيني واستعادة الأمل باسترداد حقوقه المشروعة. هذا من جهة، ومن الجهة المقابلة فهناك اليوم خطر حقيقي في تهجير الشعب الفلسطيني من غزة، ويبدو واضحًا أن إسرائيل عازمة على القيام بكل ما تستطيع، لإنجاز تلك الجريمة، ويبدو الغرب والإدارة الأميركية في الظاهر، في وضع العاجز عن لجم إسرائيل، بينما يتواطأ معها في الواقع، وفي حين يحمل الخطاب الغربي الأسف والتمني على إسرائيل حماية المدنيين ووقف عملية رفح، يجري بصورة سريعة واستثنائية تمرير ما قيمته مليارات الدولارات من أحدث الأسلحة لإسرائيل فأي نفاق هذا؟
وفي ظل هذا التواطؤ الغربي، والضعف العربي، الذي لم يسبق له مثيل تجد إسرائيل نفسها مطلقة اليدين في المضي قدمًا في مخطط التهجير، باعتباره الطريق الأسهل لإحراز انتصار استراتيجي، بعد أن عجزت عن إحراز مثل ذلك الانتصار على المقاومة الفلسطينية الباسلة، في الميدان خلال خمسة أشهر، تكبدت فيها خسائر بشرية وعسكرية غير مسبوقة في تاريخها منذ العام 1948 .
ليست المجازر التي ترتكب بصورة شبه يومية في غزة مجرد وحشية منفلتة من عقالها، لكنها أعمال واعية مدروسة بعناية لتخدم مخطط التهجير، وكلما زاد تشبث الشعب الفلسطيني البطل بأرضه ووطنه، زادت المجازر عنفًا ووحشية، لإرهاب ذلك الشعب تمامًا كما كان يحدث في فلسطين قبل النكبة، من مجازر في دير ياسين وقبية وغيرها من البلدات الفلسطينية، والهدف ليس سوى دفع الفلسطينيين للهجرة.
المجازر كما تدمير البنية التحتية من مستشفيات ومدارس وأبنية حكومية ومحطات الطاقة وأبنية سكنية أعمال تكمل بعضها البعض وصولًا لجعل غزة غير صالحة للعيش، وجعل البقاء فيها غير آمن بحيث لا يبقى من خيار للشعب الفلسطيني هناك، سوى الهجرة للبقاء على قيد الحياة.
وفي حال تمكنت إسرائيل من تنفيذ مخططها الوحشي في التهجير فسيكون لذلك عواقب كبرى لا يمكن التنبؤ بها، ليس على الشعب الفلسطيني في غزة فقط، ولكن على الضفة الغربية وربما من بعدها على الأردن ولبنان وعلى المنطقة العربية برمتها.
يعادل التهجير إن تم (لا سمح الله) في كارثيته نكبة فلسطين، وربما يكون الضربة القاضية للقضية الفلسطينية، التي لم تتمكن إسرائيل من إنهائها، حتى بعد مضي 75 عاماً على النكبة.
كل ذلك يحدث وسورية في أسوأ حال مر عليها منذ الاستقلال عام 1946، وشعبها ممزق في المنافي وأرضها تحتلها الجيوش والميليشيات الغريبة، وقد فقدت إرادتها المستقلة، ولم تعد قادرة على الدفاع عن نفسها فضلًا عن القيام بما هو واجب في نصرة غزة وفلسطين.
لكن كل ذلك الظلام، وكل ذلك الانهيار، لن يكون سوى مرحلة عابرة، فالشعب السوري كما الشعب الفلسطيني، لن يستسلم لليأس وسيظل مؤمنًا أن أشد ساعات العتمة هي أقرب وقت لضوء الفجر.
الفجر الذي ستصنعه عزيمة شعب مصمم على النهوض والعودة لميادين الكفاح الوطني.
وهل ايران بريئة من هذا التهجير والعدوان ؟؟ عملية ٧ اكتوبر جاءت انتقاماً لمقتل سليماني عليه تراب
القضية الفلسطينية أصبحت قضية حق وقضية إنسانية عالمية من خلال صحوة لم يسبق لها مثيل في وعي عدالة القضية، وأثبت المقاومة الوطنية الفلسطينية بإمكانها مجابه قوى الاحتلال من خلال نقاط ضعفه بعد فشل الطرق السلمية، قوات الإحتلال الصhيوني وبدعم غربي بقيادة أمريكا تمارس التدمير والقتل لتحقيق التهجير وشعبنا ثابت بأرضه ولن ييأس .