قراءة في رواية: جمهورية سورية الجنوبية ||  انج بنفسك

أحمد العربي

أمية الهاشمي روائية سورية واعدة، تنتمي للثورة السورية، كنت قد قرأت لها روايتها السابقة آخر رجال آل الأسد، وكتبت عنها.

جمهورية سوريا الجنوبية – انج بنفسك رواية أمية الهاشمي الجديدة من اصدار كتاب سراي في اسطنبول تتحدث عبر فصول متتابعة معبرة عن زمن قادم لنقل انها من روايات المستقبل. أحداثها تحصل بعد سنة ٢٠٥٠م. وهي تنبئ بحال سوريا آنذاك بأنها مقسّمة إلى دولتين أولهما جمهورية سوريا الحرة التي تتواجد شمال سوريا بدءا من حلب وادلب وجوارها بما فيها المناطق التي يتواجد بها الأكراد السوريين، حتى الحدود مع تركيا الجارة. حيث يعيش الناس في حياة مريحة ، محقق فيها أسباب العيش الكريم، مستفيدين من كل التطورات العلمية ومن كونها دولة حاصلة على القبول الشعبي وتعمل لمصلحة الناس فيها. واما الجمهورية الثانية فهي جمهورية سوريا الجنوبية التي تمتد على باقي سوريا. حيث ما زالت السلطة السياسية ذاتها من خلال سيطرة الأب القائد ونموذج الحياة المبرمج على عبادة القائد والعمل المتواصل، وحياة الفقر والجوع والفاقة…

تبدأ الرواية بفصولها تارة تتحدث عن دولة الشمال السوري المحرر وتارة عن دولة الجنوب تحت حكم الأب القائد. وذلك من خلال تتبع حياة علي وصديقه في دولة سورية الجنوبية حيث العيش السيء والتصورات المزروعة في أذهانهم عن دولة الجن والشر في الشمال السوري. مازال الناس يبرمجون على خطابات الأب القائد والتدريب العسكري والعمل المجهد المتواصل. هم ماكينات عمل تلتزم بما يطلبه النظام المهيمن على حياة الناس بشمولية لا تعطيهم اي فرصة لعيش حياتهم الخاصة على اي مستوى..

 علي يعمل لينتقل إلى دولة الشمال ليلحق بحبيبته شهرزاد التي يتمنى أن يصل إليها ويعيش معها…

أما جمهورية الشمال الحرة فإننا نتابع الحياة المقبولة وفرص العيش الكريم. من خلال تتبع حياة “ري” الفتاة التي تعاني من أعراض نفسية سيئة وأنها تحاول الانتحار. هي بالأصل من سوريا الجنوبية وتتمنى ان تعود الى هناك لترى حيث نشأ أهلها وعاشوا. يتابعها كنان طبيب نفسي تركي مهتم بها. ومتعاطف معها، ويحمل لها من العواطف والود ما يعتبر حب في حالة توالد. هي تحس به لكنها لا تتقبل العيش وتفكر بشكل دائم انها من سوريا الجنوبية. امها اسمها ورد الشام. تعيش معها ومع جدتها. الذين يحدثونها عن الشام والجنوب السوري بما يختلف بشكل كبير جدا عما يعيشه اهل سوريا الجنوبية الآن وبعد ثورة الناس في عام ٢٠١١م. وما فعله النظام المستمر للآن بعد عام ٢٠٥٠م من قتل وتهجير واعتقال للناس وتدمير لأغلب سوريا. ومع ذلك تبقى ري متعلقة بفكرة السفر الى الجنوب للتعرّف على الواقع بحقيقته…

تقرر ري الانتقال إلى دولة الجنوب السوري. تخرج عبر البوابات التي تسمح بالخروج من سوريا الشمالية الحرة. لكن لا تسمح لأي أحد بالدخول إليها. تنتقل ري إلى سوريا الجنوبية. يتلقفها علي وصديقة. ويتعاملون معها انها من الجن اهل الشمال، كما برمجهم النظام. ومع الوقت يتعاطف معها علي وصديقه ويجعلها تطل على واقع حياتهم، وقعت في حب علي. ونقلوا إلى مدرّسهم الذي يحبونه ويثقون به حكاية ري ويلتقي بها. ويتفقوا ان يخرجوا من سوريا الجنوبية بعدما عايشت حياتهم الأقرب للجحيم. وذلك بالاتفاق مع المدرس وعلي وصديقه. لكن المدرس يتبين أنه مخبر يسرق منهم خريطة العودة إلى دولة الشمال الحرة ويخبر السلطات عنهم. هرب إلى سوريا الشمالية الحرة. وهم علموا بما فعل المدرس معهم. هربوا ايضا من الامن و استطاعوا العبور الى سوريا الحرة . كشفوا خيانة المدرس وتمت محاكمته. وهم بدؤوا حياتهم من جديد في سوريا الحرة في الشمال …

ري وقعت في معاناة بين حب الطبيب النفسي لها. وبين حبها لعلي. الذي يحب شهرزاد التي سبقته الى سوريا الحرة وهو يبحث عنها…

وجدت ري نفسها متنازعة المشاعر بين رجل يحبها ولا تتجاوب معها ورجل تحبه ولا يفكر بها. لذلك تقرر عدم الارتباط بأي منهم…

هنا تنتهي الرواية.

في التعقيب عليها أقول:

إن الكتابة عن المستقبل على شكل رواية وعن وقائع معينة وذلك عن سوريا بعد عقود عن ثورتها. يعتبر مغامرة، الرواية تثبّت واقع تقسيم سوريا، رغم تعقيد الواقع هذه الأيام. بعض سوريا بيد النظام برعاية روسية ايرانية مع ميليشيات طائفية حزب الله وغيره. بعض سورية تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني وال ب ي د وقوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات تحت الرعاية والحماية الامريكية. بعض سوريا في ادلب والشمال السوري محرر وتحت الرعاية التركية. هذا الواقع الآن. واهلنا في السويداء في الجنوب السوري يعيدون احياء الثورة بعنفوانها على النظام…

 ما ضمان استمرار ذلك لعقود، وتحويل الحدث إلى رواية تغوص في وحل الواقع المتغير في سيولة كبيرة يومية. فكيف والحديث عن عقود…

غير ذلك كنا نود لو توسعت الرواية في الحديث عن حياة اهل سوريا المحررة… وحتى سوريا المستمرة تحت سيطرة النظام، حتى نستطيع المقارنة…

بكل الأحوال مازال الثورة السورية تعطي للادباء السوريين مادة روائية ينتجون فيها اعمالهم الادبية التي تحاول أن تطل على واقع الثورة والشعب والنظام والظروف المحيطة…

 كل كما يرى…

ثورة أرادها الشعب السوري لإسقاط الاستبداد وبناء دولة الحرية والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل. لكل السوريين…

مازالت الثورة مشروعة وأهدافها تحتاج ان تتحقق…

6
2

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى