الكاتبة إليف شافاق تركية والرواية قواعد العشق الاربعون تتحدث عن .جلال الدين الرومي .الصوفي وعصره .وتتحدث عن العصر الحديث عبر كاتبة الرواية (المفترضة) الأمريكية اليهودية والتي تعيش في أمريكا في العقد الأول في القرن الواحد والعشرين..
.تبدأ الرواية من (ايلا) التي تعمل مع مكتب نشر أدبي في احدى الولايات الامريكية . والتي ارسل لها رواية للدراسة من أجل النشر .الرواية (الكفر الحلو) تتحدث عن جلال الدين الرومي .والكاتب اسمه عزيز زاهارا.. عند هذه المحطة سنطل على الرومي وشمس التبريزي والصوفية والحياة المعاصرة وتغيرات الحياة عند شخوص الرواية في عصر الرومي وفي عصر كاتب الرواية وفي حياتهم ايضا
.ايلا ربة منزل يهودية ناجحة لديها ابنه كبيرة وتوأم أصغر .هي تعيش العصر وفي نفس الوقت لها التزامها الديني حضورها في بيتها طاغي. عشرين عام من الزواج .اصبحت الحياة الزوجية روتين والتزام أكثر منه حب وعواطف وحتى علاقه جسدية بينها وبين زوجها. تعرف أنه يخونها لكنها تقبل انه مازال يعطيها احترامه والتزامه. وطالما يعيش انفلاشه سرا . فهي تتصرف وكأنها لا تعرف. ابنتها ارادت الاقتران بمن تحب اعتبرتها صغيرة وهو غير يهودي ايضا .عملت لتبعد ابنتها عن عشيقها ولم تفلح .. قوانين الحياة بدأت تعاكسها وهي أمام تحولات كثيرة قادمة
الرواية التي بين يديها تتحدث عن عصر تحولات كبيرة في التاريخ بداية عصر المغول ونهاية الخلافة العباسية حوالي 1250 م ..هناك تغيرات كثيرة أصابت التجربة الإسلامية حكما وفكرا وحياة.. شمس التبريزي المنسوب لمدينته تبريز طفل متميز يعتقد انه يتصل مع الله والأنبياء ويعتقد أن له قرين يعلمه بما فات وما هو آت . الّب عليه معلميه و أهله ومحيطه.. اكتشف مبكرا أن طريق الله يبدأ من نفسه وأن يتجرد بالمطلق لحب الله .وبالتالي حب كل شيء وكل المخلوقات وحتى المختلف وحتى المخطئ.. قرر أن يجوب الأرض كدرويش صوفي. بحثا عن ذاته وعن الله الذي يراه في نفسه وفي كل الوجود المحيط به .يحركه هوى جارف واستشراف لحب يراه متحققا في الوجود وعبر بشر محيطين به.. الدين عنده قلب خير سلوك متفهم وتقبل الخطأ والمخطئ على أنه من قواعد الوجود.. حدّثه قرينه إن له في مكان ما من يكمله في بحثه عن الحب الوجودي كمرآة لنفسه.. وحثه بالبحث عنه.. ذهب الى بغداد بحثا عن الحبيب . ومن بغداد جاءته البشارة انه جلال الدين الرومي في قونية.. يذهب ليلتقي بالرومي.. الرومي الامام ابن الامام رجل الدين المتبحر الناجح في حياته المقبول من ناسه ومن الحاكم والنموذج في كل شيء .الامام الذي يتبعه الآلاف ويترصد خطبه الناس ، أنه نموذج للدين في صورته الاجتماعية المقبولة.. لكنه يحتاج الى الاخوة في الروح ولمن يوجهه ان الدين ليس فقط سلوك في الحياة ، هو حب جارف في الأعماق وعمل للتوحد مع الله عبر البشر و مخلوقات الله كلها.. هكذا ترى الصوفية التي جاءت متمثلة بشمس التبريزي.. والتقى الاثنان ذات وظلّها . قلب وحبه وتبحر الاثنان كل يكمل الآخر . هذا ينهل من علم الدين المنقول والمفهوم وذاك ينهل من علم الدين كعرفان وحب يغمر القلوب والوجود.. ودخل الاثنان في كل التجارب لينجحا كحبيبين في ذات الله . وفي تمثل التجرد والتنازل والالتحاق بالله والتخلي عن كل مسرات الدنيا.. كانت تجربة فريدة عاشها الاثنان بكل شغف ووصلا إلى حالة من التوحد الوجداني والوجودي المباشر.. غير أن ذلك لم يرق لمن يحيط بالرومي فقد تحول من امام بأنصار وحضور وجاه وعظمة.. ليصادق المجذوم والغانية التائبة والسكير وأبناء الفقر. وليقبل كل عطاءات الوجود ويحبها لانها احدى صور الله ايضا.. يرفض ذلك أحد أبناء الرومي وبعض معاصريه ممن يحمل الدين كنصوص دون غوص في عمق الدين ورسالته الوجودية. سيرون في التبريزي غاويا للرومي ويعملون على إبعاده عن الرومي ليعود لهم كما كان.. يدرك التبريزي ذلك ويعلم أن دورة الحب عندما تكتمل ستعود للفقد مجددا ولا يكتمل حب الا عند الله وفي الله أيضا.. ستلتقي مصلحة مريدي الرومي مع الحكم مع المتعصبين مع ابنه على التخلص من شمس التبريزي ويقتلوه.. لكن الرومي لن يعود كما كان سيدخل في دورة الصوفية و يؤسس لمدرسة تكنّا به ويصنع فرقته الصوفية باسم (سما) المولوية ورقصتها الدوران حول الذات وروح الكون و اتصال مع الخالق وانغراس في الوجود. ويبدع اروع اشعار التاريخ في الحب الإلهي وحب الحبيب المفارق والحاضر في الوجدان
في الرواية تقديم سلس للصوفية بصفتها أحد أشكال الفهم للدين عموما وللاسلام هنا على انه حب وخير وسلام وصراع مع الغرائز.. هي وثيقة تعريف بالصوفية والدفاع عنها والدعوة لها ايضا.. عبر قواعد العشق الاربعون وعبر تلمّس حياة شمس التبريزي والرومي ايضا
.لم تنتهي الرواية بعد فالرواية تقدم كفصول يتحدث في كل فصل احد ابطالها في عصر الرومي أو عصر ايلا قارئة رواية عزيز المعاصرة (الكفر الحلو) .لذلك ستكون الرواية روايتين و تتراكب الأحداث كنسيج خيوط طولية وعرضية ماض وحاضر. ورسوم تعطي التشكيل الكامل لها. حياة الرومي، عصره وعصر الراوية المعاصر. اننا امام حياة ايلا وتأثير قراءتها للرواية عليها.. ستتغلغل افكار الصوفية في نفسها. ستفتقد للحب وستكتشف ان حياتها خاوية. وان نمط معيشتها تافهة.. ستتفاعل مع كاتب الرواية وستعلم أنه اسكتلندي احب فتاة تدافع عن حقوق الإنسان والشعوب يرافقها كظلها وانه سيكتشف فيها ومعها رسالة حياته : مساعدة الإنسان المظلوم.. وفي يوم يفقدها في حادث سير.. سيدخل في عالم المخدرات والتشرد والضياع.. وقبل الضياع الكامل . سيعيد اكتشاف طريقه كمصور صحفي .سيتعرف على مجموعة صوفية في المغرب بقصد الوصول لمكة والمدينة . ولكنه سيدخل معهم في أفكارهم الصوفية ويعلن اسلامه وسيجد نفسه التي أضاعها ويتفرغ للحب الإلهي ويتحرك لصناعة حياة صوفية .. سيكتب روايته عن شمس التبريزي والرومي ويبعثها لدار النشر لتصل لايلا .وتتواصل معه وتعتنق أفكاره وتحبّه.. وتترك حياتها السابقة وأولادها وزوجها . وتلتحق بعزيز الذي اعلمها انه مصاب بالسرطان وانه سيموت بعد سنة او يزيد.. التحقت بحبها ورافقته بحثا عن الحب الالهي في كل مكان وزرعه ايضا.. سترافقه في حياته ولحظة موته.. وستقرر ان تستمر في رسالة الحب التي تغمر روحها
.انتهت الرواية.. وفي الحديث النقدي عنها سنجد أننا أمام رواية تمتلك كل مواصفات النجاح . موضوع فكري (الصوفية) .مهم يتسرب للنفس والعقل بسلاسة.. حكاية من التاريخ وسرد حكاية العصر . وضع اليد على ما ينقص الإنسان قديما والان .الانتصار للجانب الروحي والقلب والحب في حياة تأكل بماديّتها ووحشيتها كل شيء.. لن اناقش الصوفية فهي مدرسة فكرية وسلوكية. والحياة والعصر تحتمل كل المدارس والأفكار.. المهم أن ننتصر للانسان وانسانيته وحقه بالحرية والكرامة والعدالة والتشاركية والحياة الأفضل .في الرواية كثير من هذه المفاهيم وانتصار لها. وهنا روعتها .رواية تستحق القراءة فيها غذاء للعقل والروح والمعنى والخيال ايضا.
9.8.2014
رواية “قواعد العشق الأربعون” رواية عن جلال الدين الرومي للكاتبة التركية “إليف شافاق” وترجمة “خالد الجبيلي” قراءة جميلة وتعقيب للأخ “احمد العربي” الرواية تتحدث عن .جلال الدين الرومي .الصوفي وعصره .وتتحدث عن العصر الحديث عبر كاتبة الرواية (المفترضة) الأمريكية اليهودية والتي تعيش في أمريكا في العقد الأول في القرن الواحد والعشرين موضوع فكري (الصوفية) .