انتشر عناصر الأمن والشرطة في وسط السويداء لمنع خروج مظاهرات تطالب بالإفراج عن معتقلين على خلفية احتجاجات الأسبوع الماضي، في وقت لا يزال التوتر سائداً في درعا المجاورة وسط مطالبات بإخراج إيران و«حزب الله» من جنوب سوريا، وسط احتدام المنافسة بين «الفيلق الخامس» التابع لروسيا، و«الفرقة الرابعة» التي يقودها اللواء ماهر شقيق الرئيس بشار الأسد، الذي يعتقد أن له علاقة مع إيران. وأفادت شبكة «السويداء 24» بانتشار الأمن في وسط المدينة أمس بعد إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن وقفة احتجاجية لبعض النساء أمام مبنى المحافظة في مدينة السويداء لرفع لافتات كُتب عليها: «بدنا المعتقلين، بدنا شبابنا كلن، إخوتنا سلميون».
يأتي ذلك بعد قرار أجهزة النظام الأمنية التابعة للنظام في السويداء، الذي يقضي بتحويل البعض من معتقلي المظاهرات المناوئة للنظام إلى دمشق.
كانت قوات النظام اعتقلت 10 متظاهرين، جراء خروجهم بمظاهرة مناوئة للنظام السوري في مدينة السويداء، عقب مهاجمة المظاهرة أيضاً من قبل موالين للنظام، ورصد «المرصد»، مظاهرة خرج بها العشرات من أبناء السويداء أمام ساحة السير بالمدينة، مطالبين بـ«رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وإسقاط نظامه، بالإضافة لمطالبتهم بإخراج المعتقلين من أفرع النظام الأمنية، تزامناً مع ذلك تجمع العشرات من الموالين للنظام بالقرب من المظاهرة المناهضة، وخرجوا بمسيرة موالية للنظام. ووفقاً لـ«المرصد»، فإن الموالين عمدوا إلى مهاجمة المتظاهرين وضربهم بأدوات صلبة، ما تسبب بوقوع عدد من الجرحى في صفوف المتظاهرين.
في موازاة ذلك، شاركت أعداد كبيرة من أبناء محافظة درعا بتشييع عناصر «الفيلق الخامس» التابع لروسيا الذين قضوا بتفجير استهدف حافلة كانت تقلهم يوم السبت، ونادى المشيعون بشعارات مناهضة للوجود الإيراني و«حزب الله» في سوريا وضد النظام السوري.
وأفادت مصادر محلية بمقتل 9 عناصر من قوات «الفيلق الخامس» في درعا، وجرح 20 آخرين، بعد انفجار عبوة ناسفة مركونة على الطريق العام عند بلدة كحيل بريف درعا الشرقي، مستهدفة حافلة كان يستقلها حوالي 40 عنصراً من قوات اللواء الثامن في الفيلق الخامس الروسي في درعا، الذين معظمهم مقاتلون سابقون في صفوف فصائل المعارضة، ممن أجروا تسويات مع النظام، وانضموا لقوات «الفيلق الخامس» في درعا بعد اتفاق التسوية، وأضاف أن أعداد القتلى مرشحة للارتفاع بسبب قوة التفجير، حيث أدى الانفجار إلى انقلاب الحافلة بشكل كلي وتدميرها وإحداث حفرة كبيرة في الأرض، وتوجهت سيارات الإسعاف والإطفاء إلى موقع الحادثة، وقامت بنقل القتلى والجرحى إلى مشفى بصرى الشام الوطني، ومشفى درعا الوطني.
وتعد هذه الحادثة الأولى من نوعها التي تستهدف الفيلق الخامس الروسي جنوب سوريا منذ تشكيله.
وتشكل اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس الروسي، جنوب سوريا، في عام 2018. بعد اتفاق التسوية وسيطرة النظام على المنطقة بتدخل روسي، وتضم قواته عناصر من فصائل المعارضة سابقاً ومدنيين، وتم تشكيله من قبل الروس بالتنسيق مع أحمد العودة قائد قوات «شباب السنة»، أحد أكبر فصائل المعارضة سابقاً جنوب سوريا، ويضم «الفيلق الخامس» حالياً قرابة 2000 عنصر من أبناء محافظة درعا، يتلقى العنصر منهم مرتب 200 دولار شهرياً، شاركوا مع الجيش السوري في معاركه ضد تنظيم «داعش» في بادية السويداء، كما يتمركز وجودهم حالياً في ريف اللاذقية الشمالي، يتلقون أوامرهم من جنرالات روس بشكل مباشر.
وقال ناشطون من جنوب سوريا إن حادثة استهداف عناصر الفيلق الخامس الروسي تزامنت مع الدعوات الجديدة التي أطلقها «الفيلق الخامس»، لضم المزيد من أبناء المنطقة الجنوبية ضمن قوامه، في وقت بدأت به الفرقة الرابعة كسب أبناء المنطقة، وفتح باب الانضمام إليها مقابل إغراءات سلطوية ومادية، وبقاء الخدمة في المنطقة الجنوبية، وإدارة «فصائل التسويات» حواجز المنطقة التابعة لها، بعد استقدام الأخيرة لتعزيزات بنية اقتحام المنطقة الغربية، وتوصلت لاتفاق مع لجان التفاوض المركزية بضم من يرغب من أبناء المنطقة، وتسليمهم لإدارة حواجز المنطقة الغربية، وسحب قواتها التي استقدمتها مؤخراً، وأن يلعب المنظمون الجدد دوراً في حماية أمن المنطقة الغربية في درعا – التي تشرف عليها «فصائل التسويات» – من بقايا تنظيم «داعش».
وقالت المصادر إن هذا «دفع الجانب الروسي مؤخراً لإعادة النظر بوضع الفصائل في درعا واحتوائها محاولة لاستعادة التوازن، وعدم ترك الساحة في الجنوب لأطراف أخرى»، مشيرة إلى أن الجانب الروسي «يسعى جنوب سوريا لتشكيل قوات تابعة لـ(الفيلق الخامس اقتحام) بقيادة واحدة في المنطقة الجنوبية تضم كل الفصائل المعارضة سابقاً التي وقعت على اتفاق تسوية مع روسيا مؤخراً، وأن تكون القيادة موحدة».
وتوقع خبراء أن «يتم تسليم قيادة (الفيلق الخامس) في المنطقة الجنوبية لفصائل التسويات إلى أحمد العودة قائد فصيل (شباب السنة) سابقاً والقيادي في اللواء الثامن في الفيلق الخامس، باعتباره أول قيادي في المعارضة سابقاً أجرى أولى عمليات التفاوض والاتفاق مع الجانب الروسي بريف درعا الشرقي، واستجاب للمطالب الروسية بإرسال مجموعات من عناصره للقتال في البادية السورية، وإلى ريف اللاذقية الشمالي».
واعتبر ناشطون أن التنافس بين «الرابعة» و«الفيلق» ليس وليد الحال، فإن الطرفين عملا منذ بدء اتفاق التسوية جنوب سوريا على محاولة كسب أكبر أعداد ممكنة من عناصر المعارضة سابقاً جنوب سوريا. وقال الخبراء: «مع محدودية الخيارات التي تركت لعناصر الفصائل التي رفضت التهجير، وبقيت ضمن الفصيل خوفاً من الملاحقة الأمنية، أو السحب للخدمة الإلزامية، بات القرار بين الالتحاق مباشرة بجيش النظام السوري، أو الانضمام لـ(الفيلق الخامس) أو (الفرقة الرابعة)».
المصدر: الشرق الأوسط