يرى رئيس المجلس الوطني السابق جورج صبرا، في حوار مع موقع تلفزيون سوريا أن القضية السورية وضعت منذ فترة على رف القضايا المؤجلة دوليا، وأصبحت خارج الاهتمام الدولي، ويقع على السوريين مسؤولية إعادتها إلى الواجهة، عبر تشكيل جسد سياسي جديد يلغي الائتلاف الذي فُرض على السوريين من قبل الدول وفقد تأييده الشعبي.
وأكد صبرا أن حراك الثورة بالسويداء ودرعا وإدلب وريف حلب “يضع إصبعه في عيون المثقفين والسياسيين السوريين”، وأن أسباب الثورة بعد 13 عاماً باتت في ازدياد في كل مناطق السيطرة السورية وضد كل سلطات الأمر الواقع فيها.
ما هي المهام الراهنة أمام قوى المعارضة للعمل على إعادة القضية السورية إلى طاولة المناقشات؟
أولاً: دعم ورعاية حراك السويداء والعمل على استمراره وتثميره لأنه نقطة بارزة من حراك الثورة السورية، إذ إنه استعاد سلميتها، ألقها، فنونها وأهدافها السياسية المباشرة بإسقاط النظام.
ثانياً: حماية الخط الوطني التحرري للثورة والتمسك بالقرار الوطني المستقل لأنه جرى تفريط بهذه القضية في المرحلة السابقة، مع التعاون والتنسيق مع الحلفاء والأصدقاء، لكن النقطة المركزية هي استعادة الغائب الأكبر بالفضاء الوطني بقوى الثورة والمعارضة وهو إنتاج خطاب وطني لجميع السوريين يستوعب خصوصيات جميع مكونات الشعب السوري، نتجاوز فيه الماضي وعثراته ونضع حدًا للمحنة التي طالت الجميع، وهذا لن يتم إلا بإطلاق تجمع سياسي ينال ثقة السوريين ويعمل على تشكيل رأي عام وطني ومواقف موحدة تعيد السوريين لقلب الصورة ولدائرة الفعل لأننا كأفراد ومؤسسات أصبحنا خارجها فيما يتعلق بقضيتنا وشؤوننا.
ما ثغرة المعارضة؟ ولماذا فشلت في تحقيق رؤية وطنية؟
الثغرة تتمثل بالتفريط بالقرار الوطني المستقل، لا سيما أن تشكيل هيئات المعارضة ومؤسساتها وانتخاباتها تمت تحت أنظار الدول، والواقع أنها تحولت إلى مجرد منصات في دول مختلفة، لهذا فقدت تأييد السوريين، وعندما تفقد أي مؤسسة دعم شعبها بالتأكيد ستقع بأيدي دول أخرى، وتخسر أيضا اهتمام الدول فيها، لأن الدول تهتم بالمؤسسات التمثيلية التي تتلقى الدعم الحقيقي من شعبها.
ولا بد من الذكر أنه حين ظهر المجلس الوطني السوري في 2 تشرين الأول عام 2011 أعطى قوة تمثيلية، إذ بعد أيام من تشكيله عمت المظاهرات كل أنحاء سوريا ولفت أنظار الدول التي تسارعت لاكتشافه والتواصل معه، لكن المجلس انتهى مع نشوء الائتلاف الوطني، لأن الدول الداعمة لم تستطع تحمل الخط الأساسي للمجلس الوطني، لذلك سارعت بإيجاد مشروع جديد يكون لها يد فيه، فالائتلاف نشأ بإرادة دولية وفرض علينا كسوريين، وبالتالي لم يحصل على التأييد الشعبي.
كذلك كثرة النزاعات الداخلية والتي كان أثرها السلبي الأساسي على الائتلاف والمؤسسات التي يعمل معها، مما أضعف الثقة فيها، وأظهرت أن القائمين عليها يعملون من أجل قضايا شخصية وخاصة في الوقت الذي كان يجب أن توضع القضية العامة بتضحياتها الكبيرة في المقدمة، لذلك النزاعات التي خرجت إلى السطح صارت بأساليب وتراشق تهم أعطت صورة سيئة عن وضع قوى الثورة والمعارضة، لذلك جمهور الثورة أدار ظهره لهذه المؤسسات لأنه يريد إنتاج مؤسسات تمثيلية حقيقية تحمل المسؤولية باستحقاق حقيقي لتقنع دول العالم بأنها البديل عن النظام الساقط.
تصورات للحل.. هل يبدأ بإنشاء معارضة ضمن صيغة جديدة؟
المعارضة موجودة، لكن الجسم الرسمي أي الائتلاف ومؤسساته خسروا تأييد السوريين ودعمهم، لذا المطلوب اليوم هو إنشاء جسم جديد، من خلال تشكيل فريق عمل جاد له ظله على الأرض وله احترامه لدى السوريين، يستطيع تقديم خطة مستقبلية ورؤية وطنية ثم مندرجات الحل وفق خطة تستند إلى القرارات الأممية.
وبناء عليه يجب أن يكون جزءا من هذا الفريق من شباب الثورة في الداخل السوري ومن السياسيين الذين خاضوا التجربة والمثقفين أيضا، فعندما يتوفر هذا الجسم ويتوافر له الدعم من الشعب السوري، سيصبح له فعالية تلفت نظر المجتمع الدولي أنه يجب التقدم إلى الحل وإنهاء المحنة السورية.
أما الحل الشامل للقضية السورية فقد وضعته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ضمن قرارات أممية بدأت ببيان جنيف 1 عام 2012، القرار 2118 عام 2013 ثم القرار الأخير 2254 عام 2015، ,وعلى هذه القواعد يتم حل القضية السورية مع ضرورة التمسك بمندرجات القرارات الأممية برعاية الأمم المتحدة والتي تتحدث عن الانتقال السياسي، وبالتالي ندخل إلى مرحلة انتقالية تحضيرية لسوريا الجديدة.
والجدير بالذكر أن العمل القانوني هو الجزء المهم الذي يجري في ظل السكون في القضية السورية، وذلك بفضل عدد من المحامين والمؤسسات القانونية والتي كان لها دور في مذكرة الاعتقال الفرنسية بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر ومسؤولين كبار، وهذا يؤكد أن حل القضية السورية ليس بالحوار مع النظام والقتلة والمجرمين المطلوبين إلى العدالة الدولية بل بالحل السياسي.
هل هناك حوار حقيقي بين المعارضة يدعم عودة القضية السورية إلى الواجهة؟
الحوار بين المعارضة قائم وعشرات المجموعات موجودة وتجمعت بناءً على حوارات معظم وثائقها متماثلة ومتطابقة فيما هو مطلوب، لكن المشكلة الآن هي كيف نصنع من هذه النقاط المتعددة موقعا لجسم سياسي قوي ينال ثقة السوريين، والحقيقة أنه يقع علينا كأفراد ومجموعات ما زالت في الوسط الوطني مسؤولية تحقيق الانتقال من المجموعات المتعددة إلى الجسم السياسي الواحد الذي يتبنى أهداف الثورة ولا يقبل التهاون فيها، لذلك، المطلوب إنتاج حراك له وزنه، يستطيع لفت نظر شعبه أولا، ثم يحمل رسالة إلى المجتمع الدولي أن الجاهزية السورية كاملة الآن لتنفيذ العملية السياسية مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، فجاهزية السوريين تدفع المجتمع الدولي إلى إعادة القضية السورية إلى الطاولة.
أما المركزية الآن فهي إنشاء تجمع سياسي يستطيع إعادة القضية السورية إلى قلب الصورة وهذه مسؤوليتنا نحن السوريين لأنه لا يمكن الطلب من الدول الأخرى أن تقوم بواجبها بينما نحن لم نقم بواجبنا بعد، وحراك الثورة بالسويداء ودرعا وإدلب وريف حلب يضع إصبعه في عيون المثقفين والسياسيين السوريين، وكأن الثوار يقولون لهم إننا نفعل ما علينا على الأرض، لكن أين أنتم ومسؤولياتكم بتشكيل الجسم السياسي للتعبير عن الثورة وحمايتها وحملها إلى منصة المفاوضات لمباشرة الحل السياسي وفق القرارات الأممية الجاهزة بموافقة جميع الدول.
ما الدعوة التي يجب أن توجه للمعارضة في محاولة إعادة الزخم للثورة السورية؟
أدعو نفسي وكل المعارضة للتواضع كثيرا والتوجه نحو المهمة الأساسية المطلوبة، وهي التجمع حول برنامج وطني حقيقي يمثل أهداف الثورة، ينفتح على الشعب ويوجه خطابا وطنيا، ويعلن تمسكه بالحل السياسي وفق مندرجاته في القرارات الدولية، لأن بعد 13 سنة أما آن الوقت لأن نكتسب الخبرة الكافية والتجربة اللازمة والوعي المطلوب لاكتشاف الجوهر في صراعنا، طالما أن الشعب السوري لا يزال متمسكا في الثورة، والدليل أن باب الثورة لم ينغلق والتحركات في الداخل حيث مناطق سيطرة النظام تزداد بشكل لافت لأن النظام أصبح من ورق، لذلك إن أسباب الثورة وضرورتها تزداد في كل شبر من أنحاء سوريا، كما أن جميع سلطات الأمر الواقع بما فيها سلطات النظام في كل التراب السوري، يشكو منها الشعب ويرجو الحل السياسي للتخلص منها.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا
حوار موضوع مع رجل السياسة “جورج صبرا” الذي كان له دور بمسيرة الثورة السورية والمعارضة كأحزاب ومؤسسات رسمية ، أعطى رؤية واقعية عن وضع الثورة والموقف الدولي ومؤسسات الثورة والمنظمات الأممية داعياً الى ضرورة التوجه نحو المهمة الأساسية للنخب الثورية للتجمع حول برنامج وطني حقيقي يمثل أهداف الثورة، ينفتح على الشعب ويوجه خطابا وطنيا .