بعد غزة.. ماذا بقي من “حل الدولتين”؟

عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على غزة، الذي تجاوز الـ11 ألفا، أعاد التساؤل من جديد عن مستقبل حل الدولتين الذي يفترض أن ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأبد.

قادة العالم قالوا إن الحرب يجب أن تتوقف لينصب الجهد فورا على حل الدولتين، وإيجاد صيغة يقبلها الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء.

الرئيس الأميركي، جو بايدن، قال إنه “عندما تنتهي هذه الأزمة، لا بد أن تكون هناك رؤية لما سيأتي بعد ذلك، ومن وجهة نظرنا، يجب أن يكون حل الدولتين”.

وقال رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، إن “الهدف طويل المدى يتمثل في حل الدولتين”. وأكد الاتحاد الأوروبي في أكتوبر التزامه بـ”سلام دائم ومستدام على أساس حل الدولتين”. ويرى البابا فرانسيس أن هذا هو “الحل الحكيم”.

لكن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قال في الأمم المتحدة، في سبتمبر، إن إسرائيل “دمرت حل الدولتين”، وأكد أن “من يتصور أن السلام يمكن أن يسود في الشرق الأوسط من دون أن يتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية الكاملة والمشروعة فهو واهم”.

أما نتانياهو، وفي حملة إعادة انتخابه عام 2015، قال صراحة: “لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة طالما أنني أشغل منصبي”.

هل حل الدولتين ممكن؟

يعتقد قادة العالم أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للتخلص من دوامة العنف الدموية. لكن استطلاعا أجراه مركز بيو للأبحاث كشف أن 35 بالمئة فقط، من الإسرائيليين يعتقدون أنه “يمكن إيجاد طريقة لتعايش إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقلة بسلام”، في تراجع قدره 15 نقطة مئوية منذ عام 2013.

وكشف استطلاع آخر أجرته مؤسسة غالوب أن 24 بالمئة فقط من الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، يؤيدون حل الدولتين، مقارنة بـ 59 بالمئة في عام 2012.

الأمر المقلق في نتائج غالوب أن الشباب الفلسطيني بات أقل حماسا لفكرة حل الدولتين مقارنة بآبائهم.

يواجه قادة العالم، وخاصة الإدارة الأميركية، أسئلة معقدة عن حل الدولتين، من قبيل أنه بعد التبعات النفسية والسياسية للحرب الدائرة في غزة الآن، ومستوى القتل بين الطرفين، وفي ظل التوتر والعنف الذي يخلقه المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة، ووجود المستوطنات التي تقطع أوصال المدن الفلسطينية، كيف سيبدو حل الدولتين على الأرض؟

يعتقد، مارك ليفين، أستاذ التاريخ رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط العالمية بجامعة كاليفورنيا في إيرفين، أن حل الدولتين “لم يعد ممكنا”، وقال لصحيفة واشنطن بوست، “انظر إلى الخريطة فقط”، في إشارة إلى مئات المستوطنات الإسرائيلية في أنحاء الضفة الغربية التي تحاصر المدن الفلسطينية.

لكن، يوسي ميكلبيرج، الزميل المشارك في مركز أبحاث تشاتام هاوس، يقول لصحيفة الغارديان، إنه “لا توجد بدائل أخرى قابلة للتطبيق، إن حل الدولتين هو الخيار الأقل سوءا لتمكين الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء من الوفاء بحقوقهم السياسية والمدنية والإنسانية”.

السياسي الإسرائيلي، يوسي بيلين، وهو مفاوض سابق، يعتقد في حديثه لصحيفة الغارديان، أن “هذا هو الحل الوحيد، لا توجد منافسة واقعية”.

لكن، آرون ديفيد ميلر، مستشار شؤون الشرق الأوسط لكل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية الأميركية،  يرى أنه “علينا أن نميز بين الطموح والواقع”، وحذر في حديث للغارديان من أن “الاحتمالات منخفضة جدا”، لحل الدولتين، الذي قال إنه “في الأساس مهمة مستحيلة”.

وقال ميلر إن هناك العديد من العقبات في طريق حل الدولتين، ليس أقلها أنه في أعقاب الحرب مباشرة، “سنترك مع مجتمعين يعانيان من صدمة عميقة”.

“أزمة قيادة”

على أرض الواقع، يعارض أعضاء الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا فكرة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، ويقود هذا التوجه وزراء متشددون مثل، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريش.

وعلى الجانب الآخر، يمثل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، التيار الذي يتبنى حل الدولتين، لكن سلطته تعاني من ضعف وأسئلة بشأن شرعيتها، إذ بقي في موقعه منذ انتخابات الرئاسة الفلسطينية عام 2005، لأن الانقسام الفلسطيني الداخلي عطل إجراء الانتخابات الرئاسية مرة أخرى.

كما أن حركة حماس تسيطر على قطاع غزة، وتملك قوة عسكرية مكنتها من خوض حروب متتالية مع إسرائيل، وصولا على الهجوم غير المسبوق الذي شنه عناصرها على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وهو ما يعني أنها تسيطر على جزء كبير من القرار الفلسطيني.

ويخشى الفلسطينيون من أزمة قد تؤدي إلى مواجهة خطرة في الضفة الغربية بعد رحيل عباس الذي يبلغ من العمر 87 عاما.

ويشكك الشارع الفلسطيني في قدرة قيادات الصف الثاني البارزة، مثل جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وحسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وماجد فرج، رئيس المخابرات العامة، ومحمود العالول، نائب رئيس حركة فتح، في انتزاع دعم شعبي لخلافة عباس، فيما يقبع، مروان البرغوثي، القيادي في حركة فتح، والذي يتمتع بقاعدة شعبية عريضة، في سجون إسرائيل، حيث يقضي حكما مدته خمسة مؤبدات.

وفي إسرائيل، يواجه نتانياهو تهم فساد تهدد مستقبله السياسي، كما أن شعبيته انخفضت بعد مشروع إصلاحات قضائية أصر على إقرارها لتقليص سلطات القضاء أمام الحكومة، وهو ما أثار موجة غضب شعبية خفتت باندلاع الحرب في غزة.

كما أن نتانياهو ووزراء حكومته يواجهون اتهامات شعبية بالمسؤولية عن تمكن عناصر حماس من قتل 1200 إسرائيلي عبر التسلل إلى غلاف غزة بسهولة، إذ طالبت أصوات بمحاكمة نتانياهو بعد انتهاء الحرب.

“ما يفتقده الجانبان، الإسرائيلي والفلسطيني، هو القيادة والإرادة السياسية”، يقول ميكيلبيرج، مضيفا أنه “يتعين على الجانبين أن يستيقظا بعد هذه الحرب الرهيبة ويجدا قيادة جديدة”.

ما هو حل الدولتين؟

إقامة دولتين، إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب بسلام، فكرة قديمة، والحديث عنها سبق إعلان قيام إسرائيل، لكن انزلاق المنطقة إلى حروب عربية إسرائيلية عطلها.

تقوم فكرة حل الدولتين على تقسيم الأرض الوقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط بين دولتين، فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبا على جنب، على أن تكونا مستقلتين عن بعضهما البعض.

جوهر الفكرة هو إقامة الدولة الفلسطينية في غزة وجزء كبير من الضفة الغربية مع تبادل الأراضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين كنوع من التعويض عن مستوطنات يفترض أن تزال.

ويضغط الداعمون لحل الدولتين من أجل أن تكون حدود الدولة الفلسطينية مماثلة للحدود التي كانت قائمة قبل ضم إسرائيل الأراضي الفلسطينية بعد حرب عام 1967.

تشمل فكرة حل الدولتين رؤية لمستقبل مدينة القدس وهي القضية الأكثر حساسية بالنسبة للطرفين، إذ إن الدعوة هي أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل وتعتبرها عاصمة موحدة لإسرائيل.

والأهم أن الدولة الفلسطينية يجب أن تقام بعد أن يتفق الجانبان على إنهاء قضايا حساسة هي ملف اللاجئين، وحدود الدولة الفلسطينية، وإيجاد صيغة توافقية لمدينة القدس، والاتفاق على ملف المياه، والسجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وأطلق على تلك الملفات “قضايا الحل النهائي”، في إشارة على تأجيلها إلى آخر مرحلة من التفاوض.

من حيث المبدأ، وقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقيات أوسلو عام 1993 برعاية أميركية ودولية، كأساس يفضي إلى تطبيق حل الدولتين بعد الاتفاق على ما صار يعرف بـ” قضايا الحل النهائي”.

ما الذي دفع جهود السلام؟

في أغسطس عام 1990، غزا الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين دولة الكويت، بعد فترة قصيرة من خروجه من حرب امتدت ثماني سنوات مع الجارة إيران.

لكن النظام العراقي واجه تحالفا دوليا بقيادة الولايات المتحدة، شاركت فيه دول عربية. وأطلق الحلفاء في بداية العام 1991 عملية عسكرية عرفت بـ “عاصفة الصحراء”، أسفرت عن تراجع الجيش العراقي وانسحابه من الكويت، فيما فرض المجتمع الدولي حصارا خانقا على العراق.

وكان الرئيس العراقي آنذاك يحمل شعار “تحرير فلسطين”، وأطلق خلال حرب الكويت صواريخ على مدن إسرائيلية، وهدد بأن قواته تملك القدرة على هزيمة إسرائيل.

هذه الحرب دفعت العالم إلى التفكير جديا في إحياء جهود السلام، والتي أثمرت عن عقد مؤتمر مدريد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي عقد في يومي 30 أكتوبر، و1 نوفمبر 1991، حضرته دول عربية وغربية وإسرائيل، فيما كان الوفد الفلسطيني حاضرا ضمن الوفد الأردني.

بدأت المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي عام 1993 أحرز العالم تقدما في محاولات إنهاء الصراع، توج بتوقيع اتفاقيات أوسلو، حيث اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا للفلسطينيين، مقابل اعتراف الأخيرة بحق إسرائيل في وجود سلمي.

بدأت أول مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكانت الخطوة الأولى من الاتفاق مرحلة انتقالية، تمتد خمس سنوات تتولى خلالها سلطة فلسطينية منبثقة عن منظمة التحرير حكما ذاتيا في الضفة الغربية وقطاع غزة يحظى بدعم سياسي ومالي من الغرب والعرب، حيث تنسحب إسرائيل تدريجيا من المدن الفلسطينية.

اتفق الجانبان على تقسيم السلطات في الضفة الغربية بين الجانبين، بحيث تكون مناطق “أ” تحت السيادة الفلسطينية الكاملة، وهي في الغالب المدن الرئيسية، باستثناء الخليل، ومناطق “ب” التي تخضع لسيادة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، وهي في الغالب القرى والبلدات، فيما تكون مناطق “ج” تحت سيادة إسرائيلية كاملة، وهي قرى وبلدات في مناطق حساسة أمنيا.

في الأول من يوليو عام 1994، دخل الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، لأول مرة إلى قطاع غزة، وبدأ حكم السلطة الفلسطينية فعليا، والذي توج بتأسيس مؤسسات أمنية ومدنية.

في 15 يناير عام 1997، وقع الفلسطينيون والإسرائيليون اتفاقا أطلق عليه “بروتوكول الخليل” برعاية العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، يقضي بتقسيم المدينة إلى مناطق “H1” ، وهي 80 بالمئة من المدينة تتبع للسيادة الفلسطينية، ومناطق “H2″، وهي 20 بالمئة تمثل البلدة القديمة ومحيط الحرم الإبراهيمي، ذا المكانة الدينية لدى المسلمين واليهود، بحيث تكون تحت السيادة الإسرائيلية، حيث يعيش مستوطنون في البلدة القديمة إلى جانب الفلسطينيين.

كان الهدف من هذه الفترة، أن تأخذ مفاوضات الحل النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وقتها للاتفاق على دولة فلسطينية تعيش بسلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل في تطبيق عملي لحل الدولتين الذي يفترض أن ينهي الصراع.

منذ عام 1994 إلى عام 2000، ورغم صعوبة سير المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، شهدت الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية استقرارا وانتعاشا، رغم بعض الهجمات التي كانت تنفذها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.

التعثر

تعثرت المفاوضات، واختلف الطرفان على “قضايا الحل النهائي” التي وترت الأجواء وخفضت الثقة بين الطرفين.

عام 2000، قاد الرئيس الأميركي، حينها، بيل كلينتون، جهودا مكثفة لإحداث اختراق وتضييق الفجوة بين المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين.

جمع كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي، آنذاك،  إيهود باراك، والرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في كامب ديفيد، وشهد المنتجع مفاوضات عسيرة، ومورست ضغوط على عرفات للقبول بالاتفاق.

كان كلينتون يسابق الزمن لإحراز اتفاق تاريخي، قبل أن يغادر البيت الأبيض عام 2001، لكنه فشل.

اختتمت قمة كامب ديفيد، يوم 25 يوليو عام 2000، من دون إحراز إي اتفاق. وعاد عرفات إلى رام الله، ليحظى باستقبال شعبي حافل في رام الله، لرفضه تقديم تنازلات.

بعد نحو شهرين، دخلت الأمور في منعطف خطير، وتحديدا الخميس 27 سبتمبر عام 2000، حين اقتحم أرئيل شارون، زعيم المعارضة، حينها، باحات المسجد الأقصى، وبموافقة من باراك.

أحدثت الزيارة التي حظيت بحراسة نحو 2000 شرطي، حالة من الغضب العارم في الشارع الفلسطيني، فعمت التظاهرات أنحاء القدس ومدن الضفة الغربية وقطاع غزة.

تحولت التظاهرات إلى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين الفلسطينيين الغاضبين والجيش الإسرائيلي عند نقاط التماس على مداخل المدن الرئيسية في الضفة الغربية.

منذ ذلك الوقت، تعطلت المفاوضات، وبات حل الدولتين حبيس الأدراج، وتغير المشهد كليا، محليا ودوليا، ولم يعد هناك أفق يمكن الحديث عنه.

محليا، اشتدت المواجهات تحديدا في الضفة الغربية، وتحولت إلى اشتباكات مسلحة، كما شهدت إسرائيل هجمات في بعض المدن.

اضطر باراك إلى الذهاب لانتخابات مبكرة، فاز فيها شارون الذي شكل حكومة قادت عملية اجتياح واسعة لمدن الضفة الغربية التي تخضع للسيادة الفلسطينية، أطلق عليها “الدرع الواقي” ردا على هجوم فلسطيني استهدف فندقا في مدينة نتانيا.

انتشرت قوات الجيش في أنحاء الضفة الغربية، واستعدت الدبابات لدخول المدن، وأغلقت الطرق فانقطع الاتصال الجغرافي بين المدن الفلسطينية التي باتت محاصرة.

دوليا، وخاصة في الولايات المتحدة، تسلم الجمهوري، جورج بوش الابن، منصبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير 2001، وكان بوش أكثر تشددا في الملف الفلسطيني من سلفه كلينتون.

بعد نحو تسعة أشهر من وصول بوش الابن للبيت الأبيض، وقعت هجمات 11 سبتمبر التي كانت سببا لحرب أميركية واسعة لملاحقة تنظيم القاعدة الذي تبنى الهجمات الدامية، انتهت بتدخل عسكري أميركي في أفغانستان أنهى حكم طالبان، وفي العراق أسقط حكم صدام حسين.

في 15 أغسطس 2005، بدأ شارون بتطبيق خطة فك الارتباط الأحادية عن قطاع غزة، فأخلى الإسرائيليون مستوطنات القطاع، وفرض الجيش حصارا لحماية المدن والبلدات المجاورة، والتي تقع فيما يعرف بغلاف غزة.

منذ ذلك الحين، لم يعد الحديث عن حل الدولتين أولوية على الساحة الدولية، واشتكى الفلسطينيون من تنصل الحكومات الإسرائيلية اللاحقة من التزاماتها أو سعيها للتوصل على حل يفضي على دولة فلسطينية، وخاصة نتانياهو.

واتهم عباس إسرائيل بـ”تدمير حل الدولتين بشكل منهجي”، لكن نتانياهو كان دائم التأكيد على عدم وجود شريك فلسطيني حقيق للسلام، خاصة بعد حالة الانقسام الداخلي التي أسفرت عن سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، عام 2007.

وقال نتنياهو خلال حملة إعادة انتخابه عام 2015 إنه لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة طالما أنه يشغل منصبه.

لكنه بدأ في إظهار مواقف أكثر تقبلا لفكرة حل الدولتين، مع تحذيرات كبيرة بشأن الأمن.

وقال نتانياهو لشبكة “سي أن أن” في وقت سابق من هذا العام: “أنا بالتأكيد على استعداد لأن يتمتعوا بكل السلطات التي يحتاجونها لحكم أنفسهم، ولا يمكن أن تهددنا”.

وبشأن موقف حماس من حل الدولتين، أعلنت الحركة في عام 2017 استعدادها لقبول دولة فلسطينية على طول حدود عام 1967، لكن رئيس مكتبها السياسي، آنذاك، خالد مشعل، أكد أن الحركة لن تعترف بإسرائيل أو تتنازل عن أي حقوق تاريخية للفلسطينيين.

آخر محاولة جدية لإحياء حل الدولتين كانت عام 2014، ضمن جهود قادها، جون كيري، وزير الخارجية الأميركي آنذاك. لكنها لم تسفر عن أي اختراق، في ظل تبادل الاتهامات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

في ذلك الوقت، كانت الإدارة الأميركية عاكفة على إحراز اتفاق تاريخي قبل أن يغادر الرئيس الأسبق، باراك أوباما، مكتبه ويسلمه لخلفه، دونالد ترامب، الذي تشدد في الموقف من الفلسطينيين.

في الأثناء، كانت حكومات نتانياهو المتعاقبة تكثف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، وهو ما تعارضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، باعتباره يقوض حل الدولتين ويمنع إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

لكن الموقف الأميركي في عهد إدارة ترامب، تحول بشكل جذري، وشكل قراره الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل في عام 2017، ضربة أخرى لفكرة حل الدولتين.

انتقل اهتمام إدارة ترامب، وضمن حالة تناغم سياسي، مع نتانياهو للتركيز على عقد اتفاقيات تطبيع مع دول عربية، في تأكيد على وجهة نظر نتانياهو أن الخلاف مع الفلسطينيين يجب ألا يعيق تحقيق السلام مع العرب، وأن التطبيع مع العرب سيساعد على إيجاد حل للقضية الفلسطينية.

بالفعل، وبرعاية إدارة ترامب، وقع نتانياهو اتفاقات إبراهيم مع الإمارات والبحرين، في سبتمبر عام 2020، ومع المغرب في أكتوبر من ذات العام، تبعها اتفاق مع السودان.

لكن، وحين اقتربت السعودية من تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، تفجر الوضع الميداني يوم السابع من أكتوبر الذي شهد هجوما غير مسبوق، نفذته حماس على مواقع عسكرية ومدنية إسرائيلية أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، لترد إسرائيل بحرب شاملة على قطاع غزة، دمرت فيها أحياء سكنية وبالكامل، وقتلت فيها أكثر من 11 ألف شخص معظمهم مدنيون.

وصل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلى مرحلة قد تكون الأخطر في تاريخه، وهو ما يشير إلى مستقبل أكثر تعقيدا تجاه إي تفكير بحل يرضي الطرفين.

هل هناك حل آخر؟

يتصور، مارك ليفين، أستاذ التاريخ رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط العالمية بجامعة كاليفورنيا في إيرفين، لصحيفة واشنطن بوست، نوعا من النموذج الهجين الذي يمكن تطبيقه، وهو دولة “مشتركة، أو متداخلة، أو ما نسميه “الدول الموازية”.

يشرح ليفين فكرة “النموذج الهجين” بأن لا يتم تحديد  الدولة على أساس الأرض والسيادة، بل يمكن “أن تظل إسرائيل دولة يهودية، ويمكن أن تظل فلسطين دولة فلسطينية، لكن يمكن لليهود والفلسطينيين العيش في أي مكان”، من دون قيود الحدود أو السيادة.

وتقول واشنطن بوست إن ليفين ليس الوحيد الذي يفكر في ما هو أبعد من نموذج حل الدولتين التقليدي، فقد أيد بعض الإسرائيليين والفلسطينيين والباحثين من الخارج فكرة “الكونفدرالية” كبديل لحل الدولتين.

لكن هذا الحل البديل يواجه أيضا معارضة من الطرفين، فيما يشير إلى أنه قد يلقى نفس المصير الذي يواجهه حل الدولتين.

المصدر: الحرة نت

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الطروحات المتشددة لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو حول حل الدولتين “لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة طالما أنني أشغل منصبي” وحربه على غزة الوحشية القذرة تضع حل الدولتين وحتى الدولة الواحدة الديمقراطية في مهب الريح ، إذن كيف يمكن تحقيق الحل السلمي ؟ سؤال سيحدده مستقبل نهاية هذه الحرب أو تضع ملامحه .

زر الذهاب إلى الأعلى