سنقف أمام مسألة جنوب القطاع في أفق قريب للمعركة في غزة.
إن إخلاء معظم غير المقاتلين من شمال القطاع يقترب من الاستنفاد في الأيام القريبة القادمة. ففي الأيام الأخيرة خرج جنوباً أكثر من 200 ألف نسمة – حقيقة مفرحة ستقلل المصابين في أوساطهم. محاولات حماس لمنع الإخلاءات بمعاذير “وطنية” شرانية تصب مزيداً من الضوء على طبيعتها النكراء.
إن تطهيراً تحريضياً في الشمال، بما في ذلك القيادات الأساسية التي تحت المستشفيات، سيستغرق مزيداً من الزمن، في الوقت الذي تشغل مسألة إنقاذ المخطوفين وموقعهم في شمال القطاع أو جنوبه بال جهاز الأمن كله.
لكن السؤال عما نفعله بجنوب القطاع، والذي تتمترس فيه حماس من فوق الأرض وتحتها، سنواجهها حتى قبل إنهاء الفصل الشمالي في المهمة المزدوجة التي كلفت بها الحكومة الجيش وباقي أجهزتها الأمنية – اقتلاع حماس من كل القطاع وتحرير المخطوفين.
تجمع مئات آلاف اللاجئين في جنوب القطاع، الذين أضيفوا إلى السكان الدائمين بدير البلح وخانيونس ورفح ومخيمات “اللاجئين الدائمة” هناك (سيتعين علينا من الآن فصاعداً أن نتحدث عن لاجئين حقيقيين وعن “لاجئين” محفوظين، الذين هم أبناء أحفاد لاجئين برعاية وكالة الغوث الأونروا). لكن حماس تتمترس أيضاً في الجنوب منذ بداية، بالطبع، وينبغي الافتراض بأن قسماً من مخربيها فروا وسيفر غيرهم من الشمال إلى هناك.
لا نعرف ما هي خطط الجيش للمرحلة الجنوبية من المعركة، والتي قد تبدأ حتى قبل استكمال تطهير الشمال. فواجب اقتلاع حماس من الجنوب أيضاً واجب أمني وأخلاقي.
إن السبيل للتسوية بين الأمرين تحدد منذ المرحلة الشمالية من المعركة في القطاع – إخلاء غير المقاتلين. لكن لم يحدد مكان إخلائهم هذه المرة. إخلاؤهم شمالا سيشوش القتال هناك الذي سيستمر لزمن طويل آخر.
لا يمكن للجيش أن يوافق على عملية تنزع منه إمكانية أداء مهمته. من غير الوارد لإسرائيل نفسها إخلاء سكان صدّروا من داخلهم عصابات قتلة ومغتصبين وساديين انضموا إلى مخربي حماس في 7 أكتوبر. اقترحت مصر اقتراحاً سخيفاً كهذا، وأعلنت عن رفض تام لاستيعاب اللاجئين من غزة حتى وإن كان بشكل مؤقت؛ فهي ترى لنفسها واجباً قومياً مقدساً في الإبقاء على “القضية الفلسطينية”. من ناحيتها، فليتعذب اللاجئون بل ويصابوا بالأذى.
ثمة خط يربط بين معاملة حماس البربرية مع السكان غير المقاتلين، ومعاملة مصر غير الإنسانية للاجئين. لكن وضع أمور كهذا يكسب إسرائيل إمكانية فاعلة للضغط على مصر. أن تعلن بأن الحرب لن تنتهي ما لم تتمكن من اقتلاع حماس من جنوب القطاع ومواصلة تحرير المخطوفين.
إذا لم يكن بوسع إسرائيل العمل بشكل حر لاقتلاع حماس وتصفيتها في جنوب القطاع، واستكمال تحرير المخطوفين، فستحبط إرادة الولايات المتحدة باقي القوى العظمى الغربية والدول العربية السُنية للبدء بإعادة عموم السكان إلى القطاع (أولئك منهم ممن لا يرغبون بالهجرة من المنطقة) وتعمير القطاع. كل هذا بينما الاكتظاظ في جنوب القطاع شديد جداً ووجود المكان على حافة تفاقم الأزمة الإنسانية.
ثمة مجال للأمل إذن في أن تطلب الولايات المتحدة من مصر أن تستوعب مؤقتاً سكان القطاع كلهم في شمال سيناء، في رفح المصرية وفي أماكن أخرى، فيما يسند الطلب بروافع ضغط شديدة التأثير. مؤخراً، كثر الحديث عن سيطرة إسرائيلية مستقبلية على القطاع وعن اضطرارها لغرض تعمير النقب الغربي، وعن طبيعة الإدارة الذاتية المدنية في القطاع. بالفعل، من المهم التخطيط لـ “اليوم التالي”، وأساساً الشفاء من الروتين الخبيث لتعابير أوسلو مثل “شرطة محلية قوية”. لكن قبل هذا يجب ضمان تنفيذ المهمة العملياتية في جنوب القطاع.
المصدر: إسرائيل اليوم /القدس العربي
وجهة نظر كاتب وصحفي صهي.وني يضع التصور الكامل عن نجاح الجيش والأجهزة الأمنية الصهي.ونية “باقتلاع” المقاومة الفلسطينية من شمال غزة وجيوبها تحت المستشفيات والانتقال الى الجنوب لاستكمال ذلك وان تقوم أمريكا بالطلب من مصر لاستيعاب “سكان القطاع” قراءة عنصرية صهي.ونية لمستقبل حرب غزة ووضع السيناريوهات ، هل نحن أمام حقائق ؟ أم تكهنات باليوم الـ 39 من الحرب ؟.