تتواصل الاحتجاجات الشعبية للأسبوع الثاني على التوالي في محافظة السويداء التي تطالب بإسقاط النظام السوري ورحيل بشار الأسد عن الحكم، حيث جدد الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري أمس الخميس، دعمه للحراك الشعبي ضد النظام، مؤكداً عدم التراجع “عن المطالب المحقة والمشروعة”.
ورداً على تصريح شيخ العقل يوسف الجربوع الذي أعلن انحيازه إلى جانب النظام، قال الشيخ حكمت الهجري، خلال لقائه مع وجهاء المنطقة في بلدة المزرعة في ريف السويداء: من يريد بيع كرامته هو حر لكنه “غير مخول ببيع كرامة ربعه”.
وأضاف: بكل أسف وصلنا في وطننا إلى مرحلة شعرنا بها بالذل.. وإياكم والفتنة واحذركم من أزلام يهدفون إلى تسخيف موقفكم. وسيحاسبهم المجتمع في الأيام القادمة هم ومن سخرهم لهذا الأمر ضد أهلهم في الجبل، مضيفاً “نحن لسنا لوحدنا الله معنا وشرفاء الوطن معنا في الداخل وفي كافة أرجاء العالم، وليأخذ كل فرد منكم دوره الفعال في هذا الحراك من خلال موقعه أو منبره أو من الساحات”.
في موازاة ذلك، واصل الأهالي مدينة السويداء الخميس، احتجاجاتهم لليوم الثاني عشر على التوالي، حيث جدد المحتجون مطالبهم بالحرية وإسقاط النظام السوري.
وتجمع أهالي السويداء في ساحة السير، بينما توافد المحتجون من القرى والبلدات المحيطة للمشاركة في المظاهرة في الساحة الرئيسية وسط المدينة.
وردّد المحتجون أغنية جديدة أثناء مشاركتهم في الحراك جاء فيها “جبل بني معروف نحن مشينا وما في خوف”، تأكيدًا على استمرار احتجاجاتهم ضد النظام السوري.
ووسط المظاهرة، وجه أهالي المدينة رسالة إلى مجلس الأمن والبرلمان الأوروبي، جاء فيها: منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة انتفض السوريون في كل سوريا للمطالبة بالكرامة والحرية والحق وبدولة ديمقراطية مدنية تحترم حقوق الإنسان، وواجه النظام السوري مطالب الشعب المشروعة بالحديد والنار فاعتقل مئات الآلاف، قتل منهم عشرات الألوف تحت التعذيب وهجّر نصف الشعب السوري ودمر أكثر من 25% من البنية التحية في سوريا. وأدخل آلاف الإرهابيين إلى الأراضي السورية لتطييف الثورة السورية ونعتها بالإرهاب، وارتكبت خلال هذه الفترة كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب من النظام السوري وبقية المجموعات المسلحة.
ومنذ عام 2012 صدر بيان جنيف وتبعه عام 2015 القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن اللذان وضعا مساراً للحل في سوريا يلبي تطلعات شعبها، ولكن تعنت النظام السوري وحلفائه من إيران وروسيا اللتين أصبحتا تتحكمان بالوضع السوري مع تراجع دور المجتمع الدولي وخاصة الأوروبي أديا إلى استمرار المقتلة السورية ومنع تنفيذ القرار الدولي.
إن الوضع الإنساني الكارثي والاستعصاء السياسي الذي آلت إليه حياة السوريين، واستمرار النظام السوري بدون رادع أو مساءلة في تهديد السلم الأهلي وسلم منطقة الشرق الأوسط، وصناعة الكبتاغون والاتجار به وابتزاز العالم بتهريبه، واعتقال وتغييب قسري ومقابر جماعية وقصف المدن بالقنابل والبراميل المتفجرة والكيميائي وتهجير السوريين.
وأضاف البيان: “النظام السوري نظام مارق على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان والقرارات الأممية، ومهدد للسلم العالمي، بتاريخ حافل بجرائم ضد الإنسانية”.
وقال: كل ذلك دفع السوريين لتجديد المطالبة بحقوقهم المشروعة عبر التظاهرات السلمية في مختلف مناطق سوريا، ويؤكدون أن سوريا هي دولة واحدة أرضاً وشعباً وأن شعبها في كل المناطق يريد العيش بكرامة بدولة تحمي حقوقه.
وطالب البيان، المجتمع الدولي بالتحرك لحماية السوريين العزل ودعم مطالبهم المشروعة التي نص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان:
- عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوضع القرار 2254 تحت البند السابع وفي حال استخدام روسيا أو الصين الفيتو لمنع القرار نطالب باللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار القرار المذكور.
- اللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار قرار بإنشاء محكمة خاصة بسوريا لمحاسبة جميع مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية، وذلك على ضوء منع الفيتو الروسي والصيني إحالة ملف سوريا لمحكمة الجنايات الدولية عدة مرات.
وفي هذا الإطار قلل الكاتب والسياسي المعارض حافظ قرقوط من السويداء من تأُثير موقف الشيخ الجربوع على سير الاحتجاجات، قائلاً لـ”القدس العربي” : “لا شك أن هناك رمزية لشيخ العقل، لكن مدى تأثير هذه الرمزية يختلف باختلاف مشايخ العقل الثلاثة (حكمت الهجري، يوسف جربوع، حمود الحناوي)”.
وأَضاف أن أثر الشيخ جربوع في السويداء لا يقارن بتأثير الشيخ الهجري، حيث يعتبر بيت الهجري أساس مشيخة العقل في السويداء، مشيراً إلى أن “الحراك في السويداء رد بطريقة واضحة على الشيخ الجربوع، من خلال التأكيد على مطلب إسقاط النظام، وتطبيق القرارات الدولية”.
وحسب قرقوط، فإن الشارع في السويداء رد بشكل مباشر على جربوع، إذ تم توجيه أكثر من لافتة تطالب الشيخ بالصمت، وعدم التحدث باسم جماهير السويداء. وعلى النسق ذاته، أكد الصحافي نورس عزيز من السويداء، أن دعم الشيخ الجربوع لمطالب الاحتجاجات كان أساساً تحت ضغط الشارع، مستدركاً “لكن الجربوع عاد إلى موقفه السابق، أي الانحياز للنظام”.
وأضاف لـ”القدس العربي”، أن مواقف الشيخ الجربوع كانت دائماً إلى جانب النظام السوري، وقال: “بالتالي إن الأهالي في السويداء أكدوا في احتجاجات الأربعاء على أن موقف جربوع لا يمثلهم، ولا يمثل المؤسسة الدينية أيضاً، والدليل أن الاحتجاجات التي خرجت بعد تصريحات جربوع كانت بزخم أكبر من الأيام الماضية”.
المصدر: «القدس العربي»