أغلق المحتجون في مدينة السويداء جنوبيّ سورية، اليوم الأحد، مبنى مقر حزب البعث في المدينة، فيما يستمر إغلاق معظم المباني الحكومية، تزامناً مع تجمّع أعداد غفيرة من المحتجين في ساحة السير (الكرامة) وسط المدينة.
ومع دخول الاحتجاجات أسبوعها الثاني، رصد “العربي الجديد” قدوم أعداد غفيرة من المحتجين إلى ساحة السير (الكرامة)، مع حضور لافت للنساء ولذوي المعتقلين وضحايا عنف النظام السوري من قتلى وجرحى، وسط هتافات تنادي بإسقاط النظام وتؤكد انتماء السويداء إلى الوطن السوري، رداً على اتهامات من بعض موالي النظام لبعض أبناء المحافظة بأن لهم مطالب انفصالية، أو توجهات لحكم ذاتي مدعوم من الخارج.
وشارك في التظاهرة رجال دين حملهم المتظاهرون على الأكتاف، وردّدوا الهتافات اليومية، على غرار: “عاشت سورية ويسقط بشار الأسد”، و”سورية لينا وما هي لبيت الأسد”.
وكان المحتجون قد استهلوا يومهم بإغلاق مبنى قيادة حزب البعث ومعظم مؤسسات النظام، تنفيذاً للإضراب العام الذي تشهده المحافظة، والذي يدخل اليوم أسبوعه الثاني.
ومنذ صباح اليوم، تجمّع عشرات المتظاهرين أمام المبنى الواقع في مدخل المدينة الشمالي، وردّدوا هتافات مناوئة للنظام، ومنعوا الموظفين من دخول المبنى بعد جدال دار بين الطرفين، حيث طالب المحتجون الموظفين بالانضمام إلى تظاهرات أهلهم في السويداء أو مغادرة المكان، معلنين أنه لن يكون هناك وجود بعد اليوم لأي مقر يتبع لحزب البعث، الذي وصفوه بأنه مكان لكتابة التقارير الأمنية والفساد. وعمد المتظاهرون إلى إغلاق الباب الرئيسي باللحام، لمنع فتحه مجدداً.
وأقدم المحتجون على إزالة صورة رئيس النظام بشار الأسد من مدخل مدينة السويداء الشمالي عند نقطة دوار العنقود بالقرب من قسم المخابرات الجوية، فيما عمد آخرون إلى تغطية صورة الأسد بالطلاء في ساحة السير.
وتزامن ذلك مع إغلاق معظم الدوائر الحكومية في المدينة منذ الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، حيث توزعت مجموعات من الشبان أمام هذه المباني ومنعوا مَن حضر من الموظفين من الدخول إليها، باستثناء بعض المباني التي تتولى تقديم خدمات حيوية للمواطنين، مثل المياه والهاتف والكهرباء والمؤسسات الخدمية، التي ستُغلق جزئياً.
كذلك عمد الأهالي إلى قطع جزئي للطرق في أرياف المحافظة، مثل مجادل وشهبا ومردك والهويا وعرمان، بالتزامن مع وقفات احتجاجية في تلك المناطق قبل أن تنطلق إلى ساحة السير في السويداء للمشاركة في التظاهرة الرئيسية.
وشهدت مدينة صلخد جنوبيّ محافظة السويداء وقفة احتجاجية، ردّد المشاركون فيها شعارات تطالب برحيل رئيس النظام، فيما عمد آخرون من قرية مردك الواقعة جنوب مدينة شهبا، إلى قطع الطريق جزئياً في وقفة منهم تأكيداً للمطالب واستمراراً في دعم الإضراب، تزامنت مع وقفات عدة في باقي القرى، حيث قطع مواطنون من قرية عرمان الطريق جزئياً أيضاً، مؤكدين نيتهم الالتحاق بالاحتجاجات.
بيان لناشطي السويداء
وكانت مجموعة من الناشطين في السويداء قد أصدرت، مساء السبت، بياناً أكدت فيه استمرار الاحتجاجات ضد النظام السوري حتى تحقيق أهدافها.
وذكر البيان أنّ شباب الحراك توافقوا على مجموعة من القرارات “حرصاً على سلمية الانتفاضة والتزاماً بسلامة الأهالي وحماية الممتلكات العامة والخاصة من أي محاولة للعبث والتخريب”، من أبرزها إغلاق فرع حزب البعث في السويداء وكل المقارّ الحزبية في مدن المحافظة وبلداتها وقراها، مؤكدين أنّ “هذا القرار لا رجعة فيه، ولن يكون هناك وجود للحزب في المحافظة بعد اليوم”.
واتفق الناشطون على إغلاق جميع الدوائر الحكومية، باستثناء المياه والهاتف والكهرباء والمؤسسات الخدمية، التي ستُغلق جزئياً، وأكدوا مواصلة إضراب المحال التجارية حتى الساعة العاشرة من صباح كل يوم. وحثّ البيان المنتفضين في القرى على قطع الطرقات على الموظفين غير الملتزمين بالإضراب، باستثناء الموظفين في قطاعي الصحة والتربية، مشيراً إلى أن طريق دمشق السويداء سوف “يفتح لتمرير الطحين والمحروقات والحالات الإنسانية والصحية والطلاب فقط”.
وأكد الناشطون وحدة سورية بكل أطيافها، مشدّدين على رفضهم لأي مشروع تقسيم، داعين الأهالي إلى التزام قرارات البيان الذي سيدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من اليوم الأحد.
إلى ذلك، ذكر موقع “الراصد” المحلي أن محاولة تنسيق جرت، يوم أمس السبت، مع النائب العام في محافظة السويداء فؤاد سلوم، من أجل فتح القصر العدلي وتسيير أمور المواطنين، لكن سلوم رفض فتح القصر العدلي وأرسل للقضاة بلاغاً بإغلاقه.
عشائر السويداء تدعم الاحتجاجات
من جهة أخرى، دعا شباب من عشائر محافظة السويداء، إلى وحدة الصف، مؤكدين دعمهم للاحتجاجات الشعبية ومشاركتهم فيها.
وجاء في بيان أصدروه، مساء أمس السبت، ونشرته صفحة “السويداء 24″، أنّ أبناء عشائر البدو في جبل العرب انضموا إلى الحراك السلمي، ويؤكدون دعمهم “لكل من يتكلم بوجع الشعب السوري من أي طائفة كانت”.
وشدّد البيان على “إرساء قيم العيش الواحد والتسامح والمحبة” وعلى مواجهة محاولات “النظام وأذنابه لخلق شرخ بين أهل الجبل الواحد من خلال المرتزقة”.
ولفت البيان إلى أن “النظام بدأ بتشكيل خلايا لضرب السلم الأهلي”، وحثّ على “أخذ الحيطة والحذر وعدم الانجرار وراء أي فتنة كانت من أي طرف لزعزعة استقرار السلم الأهلي في الجبل”.
وفي محافظة درعا المجاورة، شهدت العديد من المدن والبلدات، مساء أمس السبت، تظاهرات مسائية تطالب برحيل النظام وإطلاق سراح المعتقلين.
وشارك العشرات في تظاهرة مسائية بمدينة داعل بريف درعا الأوسط، نادت بإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين، وأكدت التضامن مع محافظة السويداء.
وشهدت بلدة معربة في شرق درعا، تظاهرة مسائية مناهضة للنظام، وردّد المشاركون فيها هتافات داعمة للحراك في السويداء.
إلى ذلك، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، أنّ قوات النظام السوري تقوم بتحركات مكثفة في مجمل المناطق على خلفية التظاهرات التي شهدتها مناطق سورية خلال الأسبوع، مع انتشار عناصر لقوات النظام واستقدام تعزيزات عسكرية وإنشاء حواجز جديدة، في محاولة لمنع امتداد هذه التظاهرات إلى مناطق أخرى، وقمعها في مهدها.
ولفت المرصد إلى أنّ قوات النظام استقدمت خلال الساعات الماضية تعزيزات عسكرية إلى بلدة زاكية بريف دمشق، قادمة من جهة بلدتي الطيبة والمقيليبة، وأنشأت حاجزاً عسكرياً جديداً على مدخل بلدة الطيبة بريف دمشق، تحسباً لخروج الأهالي بتظاهرات مناوئة للنظام.
وجاء ذلك بعد انتشار منشورات ورقية في بلدة عرطوز البلد بريف دمشق، وجسر الرئيس في قلب العاصمة، ومنطقة السومرية غربي دمشق، من قبل ناشطين يعلنون تضامنهم مع الحراك الشعبي في السويداء.
كذلك، شهدت منطقة جرمانا قرب دمشق، أمس السبت، انتشاراً أمنياً مكثفاً من جانب عناصر “كتائب البعث” لإرهاب سكان المدينة وردعهم عن الخروج في تظاهرات مناوئة للنظام السوري.
المصدر: العربي الجديد