في تطور ملفت شاهدناه جميعًا حول هبة السويداء التي فوجئ بها كافة السوريين بالداخل والخارج، وأيدوها وحيوها، وأيضًا تحركات دمر التي تلتها، والتي واجهها النظام كعادته بإطلاق الرصاص والعنف لتفريقها بالقوة، كما تبعها الانتشار الأمني الكثيف في أحياء دمشق ومدينة السويداء، حيث أصبحت السلطة متخبطة تمامًا، لما يحصل داخل المدينة ومن ثم انتشار الحواجز الطيارة، والذعر الرهيب خوفًا من أي حراك يمكن أن يقلب الطاولة مجددًا ويحرج هذه العصابة الأسدية، ويضغط عليها شعبيًا ومحليًا أمام المجتمع الدولي.
فإن خروج بني معروف المشهود لهم أصلًا ومنذ بداية الثورة بمواقفهم البطولية الشجاعة المؤيدة للحرية المواجهة لآلة هذا النظام وكيانه المجرم، والهتاف للثورة الذي علا المدينة أمام مبنى محافظة السويداء، قبل يومين، وإن اعتبرها البعض أنها قد تكون ثورة الجياع، وبركان غضب شعبي متمرد، والذي هو في طور الانفجار، كردات فعل عن حال الوطن الراهن الاقتصادي والمالي والمعيشي المتردي، والذي ينازع في ظل عقوبات فرضت على النظام سابقًا وقانون قيصر الذي سيطبق قريبًا وحالة الرعب الشديد من قبل السلطة حول العواقب والنتائج السلبية الكارثية التي ستصيب هؤلاء اللصوص والمجرمين بمجرد تطبيق هذا القانون رسميًا .
وإن كانت الولايات المتحدة الأميركية مشكوك بجديتها في تطبيق فعلي حقيقي لهذا القانون بالعودة إلى سياسة غير مفهومة، وخذلان مستمر للقضية السورية وغض البصر، وصمت رهيب عن روسيا وجرائمها في الساحة السورية، ومراوغتها السياسية الدائمة، لعدم إيجاد بديل مناسب، ربما ضامن لأمن إسرائيل أولاً في المنطقة. حينها إن تم تنفيذه وأرادوا ذلك وقرروا وأعطوا الضوء الأخضر. فسينهي تمامًا هذه السلطة العفنة وستكون الضربة القاضية القاصمة لهم في ظل عجز حقيقي ومستمر في الخزينة المالية للدولة، وانهيار العملة السورية أمام الدولار آنيًا، والتي وصلت إلى 3900 وأكثر من ذلك للدولار الواحد، حسب محللين اقتصاديين أكدوا أن الليرة تموت تمامًا وسوف تشابه مصير الليرة اللبنانية، بل أصعب من ذلك.
فإن اعتبرنا أنها ثورة جياع قادمة ستحرث كل شيء وستفرط السبحة الأسدية المؤيدة له أو الرمادية الصامتة أو المضغوطة الكارهة له أساسًا المغلوب على أمرها التي ستساعد وتدعم بكل تأكيد وبقوة محاصرة أميركا للدولة السورية بعد تفعيل القانون المصوت عليه من الكونغرس. الذي سيزيد البل أكثر والتململ الداخلي في كنف النظام وحاضنته وسيكون به الأسد مضغوط تمامًا ومحاصر وعاجز عن إيجاد مخرج أو حل يمكن أن يبقيه ممسكًا بالكرسي رافضًا التخلي عنه.
وإن كانت الإجابة عن السؤال هل ستكون الدقائق والساعات الأخيرة في عمر هذه العصابة الأسدية والمحتلين ومن معهم // نعم//. فستأخذنا إلى صياغة أخرى بوقائع وأحداث أكثر منطقية منها، أن تكون رؤيا قد لا تفيد في هذا الوقت، نظرًا لعدم وضوح تلك الرؤية السياسية لما يحصل تحت الطاولة بين اللاعبين الكبار روسيا وأميركا والتفاهمات السرية والتباين بالتصريحات، وتخدير الشعب بأي معلومة قد لا تكون صائبة يضيع بها المواطن السوري، كبث الشائعات من الصحفي إيدي كوهين مثلاً عبر حسابه مؤخرًا حول انسحاب الحرس الجمهوري من محيط قصر الرئاسة بأمر من روسيا وانقلاب روسي واستدعاء للقوات الخاصة من الدريج حيث لا صحة لها. والأكاذيب التي ينشرها الصحفي الصهيوني غير المؤكدة على الأرض، إشارة إلا أنه حتى لو حصل أي شيء من ضغط روسي أو سواه لن تتوانى الكلاب عن حماية بعضها في هذه اللحظات. وكما يقال (الكلب لا يعض ذنبه) وإن تنازعوا مؤخرًا حول أموال رامي مخلوف وانشقت صفوفهم وتبعثرت ولكنهم يتجمعوا بالنهاية حول الطبق الذي يتغذوا منه طيلة 50عامًا وأكثر، والمزرعة التي بناها لهم المقبور حافظ التي لن يتخلوا عنها بكل سهولة. فأهمية أي حدث يحصل داخل جسم الدولة الأسدية يقوضها ويفيد ثورتنا من خلالها باتجاه فوران شعبي محلي من الممكن أن يعطينا البراهين والأدلة اللازمة والمعطيات المرحلية.
والأيام القادمة حبلى بشكل حتمي بأخبار سارة لهذا الشعب العظيم الذي قدم ما لديه كي تحيا ثورته وسوريته، وهو بانتظار إعلان إنتهاء هذا الهلوكست الحاقد على الإنسانية وسقوط تشاوتشيسكو بنسخته السورية القرداحية، إما هربًا كبعض الزعماء العرب بطائرة تحميها روسيا إلى موسكو أو عبر إلقاء القبض عليه من داخل حاشيته ومحاكمته وإعدامه فيما بعد، كما حصل مع تشاوتشيسكو رومانيا، انصافًا على الأقل لهؤلاء البشر الذين هُجروا واضطهدوا وشهدوا المجازر والقهر والتشريد والسحق الذي لم يشهده أحد بالعالم.
يبقى القرار وإمكانية انتهاء الأسد ورحيله برؤية غير قابلة للشك أبدًا هو بيد الإدارة الأميركية من داخل البيت الأبيض بالتحديد وليس أي أحد آخر فإن أرادوا فعلاً وليس لعبًا على الكلام أو هراء كعادتهم أن ينهوا هذا الصعلوك فسيأتينا الخبر مباشرة من دمشق بالقضاء عليه نهائياً.
ولكن مازالت تراوغ هي وتل أبيب حول ضمان مصالحها وحماية حدود حليفتها فيما لو فرطت بمنظومة بشار وشلته.
فهل هناك من بديل يمكن أن يؤمنه لهم النظام الأسدي ويلبي ما كان يلبيه، ويدفع فواتير وجود الروس والأميركان حتى تعود الأمور إلى نصابها.. وإن لم يجدوا فستتسع ساحة المراوغة أكثر والتخدير بالتهديدات المبطنة من (جفري) حول رسالته التنبيهية لدول أخرى تساهم بدعم النظام والبدء بتشكيل لجان حقيقية جدية ستبدأ في العمل كما زعم لكشف أي خرق لقانون قيصر إن اشتغل عليه وأريد له في البدء. وعمومًا فإن الضغوط الدولية والعالمية نحو إنهاء المسألة السورية وإيجاد مخرج وحل سريع ومحاصرة بشار الأسد أكثر، أصبحت تحرج ترامب وتجعله مجبرًا على تنفيذ القانون وتقويض أركان هذه السلطة المتهالكة لفرض مرحلة انتقالية تنقل البلاد إلى مرحلة جديدة مغايرة، أصبح لا بد منها. وبلا شك فإن الأيام القادمة تحمل في جعبتها مستجدات مهمة وفرج قادم وقرب النهاية، والحلقة الأخيرة لنظام عائلة الإجرام.