يراوح مسار التطبيع العربي مع النظام السوري في مكانه، حيث تعثرت خطوات استعادة العلاقات بشكل كامل بين السعودية اللاعب العربي الأبرز والنظام السوري، بالإضافة إلى عدم حدوث تقدم في نهج خطوة بخطوة بين الأردن ودمشق كما كانت تطمح عمان.
وبعد الزيارات المتبادلة بين الرياض والنظام السوري في نيسان/ إبريل وحزيران/ يونيو من العام الجاري، نقلت صحيفة الوطن الموالية للنظام تأكيدات عن قيام وفد فني يتبع لوزارة الخارجية بجولة استكشافية لموقع السفارة السورية بالعاصمة الرياض تمهيداً لإعادة افتتاحها، وحددت الصحيفة نهاية شهر أيار/ مايو، أو مطلع شهر حزيران/ يونيو موعداً لفتح السفارة، لكن الأمور لا تسير وفق تقديرات النظام السوري، بل إنه لم يتم تنفيذ ما توافقت عليه الرياض ودمشق بخصوص افتتاح القنصليات المتبادل.
السعودية تتريث
علم موقع تلفزيون سوريا من مصدر دبلوماسي عربي أن السعودية أبطأت خطواتها باتجاه النظام السوري، بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها وعلى رأسها دعم عودة النظام السوري للجامعة العربية، والتوسط من أجل حضور بشار الأسد لقمة الجامعة التي جرت في أيار/ مايو الماضي.
وأكد المصدر أن سبب التريث السعودي في مسألة استعادة كامل العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع النظام السوري يعود إلى عدم حدوث أي تقدم في المباحثات المتعلقة بانسحاب حزب الله اللبناني من سوريا، واندماجه داخل مؤسسات الدولة في لبنان، حيث كانت تحرص السعودية على إنهاء نشاط الحزب العابر للحدود والذي يضر بالمصالح السعودية في كل من اليمن وسوريا.
وبحسب المصادر، فإن النظام السوري لم يوافق على القيام بأي خطوة على صعيد تحسين الوضع الإنساني بما في ذلك إطلاق سراح دفعات من المعتقلين، والتعاون مع المنظمات الدولية للكشف عن مصير بعض المفقودين خاصة الناشطين السياسيين، الأمر الذي صعب من إمكانية إعلان الرياض عودة العلاقات بشكل كامل مع النظام السوري رغم عدم استجابته للمحددات التي وضعها لقاء عمان التشاوري في أيار/ مايو من العام الجاري.
وأفاد المصدر العربي المطلع بأن روسيا تحاول إقناع السعودية باتخاذ خطوة فتح السفارات والمضي قدماً في استعادة كامل العلاقات، لكن الرياض تنتظر تحقيق نتائج ملموسة من قبيل إظهار استعداد النظام لاستقبال اللاجئين وإظهار تغيير في السلوك الأمني، وإظهار قدرة على استعادة استقلاليته من إيران، ودون تلك الخطوات لن تتمكن السعودية من تبرير خطواتها أمام الأطراف الغربية لتحصل على دعمها وتضمن نجاح المسار بالكامل دون عقبات.
استياء أردني
أفادت مصادر دبلوماسية عربية لموقع تلفزيون سوريا بأن الأردن بدوره مستاء من تعاطي النظام السوري، وعدم إبداء الأخير أي تجاوب مع مطالب عمان المتعلقة بمخاوفها الأمنية.
وأفادت المصادر بأن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى دمشق لم تكن إيجابية، حيث رفض النظام الموافقة على مطلب الأردن الرئيسي، وهو السماح للقوات الأردنية بالتوغل داخل الأراضي السورية وتنفيذ عمليات أمنية ضد تجار المخدرات، نظراً لعدم نجاح قوات النظام السوري بوقف محاولات التهريب عبر الحدود.
وبحسب المصدر فإن النظام وافق فقط على ضربات جوية أردنية في الأراضي السورية، بشرط أن يتم تنسيقها بشكل مسبق بين عمان ودمشق، وبمشاركة مع الأخيرة عبر تزويد سلاح الجو الأردني بإحداثيات محددة.
وأبلغ الصفدي رئيس النظام السوري عدم رضا الدول العربية التي شاركت بلقاء عمان التشاوري بسبب عدم إحراز تقدم في ضبط الأمن جنوب سوريا، واتخاذ خطوات تصالحية من طرف النظام السوري لتسهيل عودة قسم من اللاجئين إلى سوريا بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل توفير الدعم اللازم لعودتهم.
دور أميركي محتمل في تعثر التطبيع العربي
من غير المستبعد أن يكون للولايات المتحدة الأميركية دور في تعثر التطبيع العربي – خاصة السعودي- مع النظام السوري، فقد ظهرت مؤشرات على وجود دور لواشنطن خلال زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الرياض وعقده في مطلع حزيران/ يونيو الفائت اجتماعاً مع وزراء مجلس التعاون الخليجي، وأكدوا في البيان الختامي أن الحل السياسي في سوريا يجب أن يكون متوافقاً مع القرار الأممي 2254، ووفق نهج خطوة بخطوة بموجب ما تم التوافق عليه في لقاء عمان التشاوري، الذي رتب التزامات يجب على النظام السوري القيام بها.
وأرسلت الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية عدة رسائل تشير إلى رغبتها بتعزيز حضورها في منطقة الخليج العربي وسوريا، حيث أكد مسؤول في البنتاغون منتصف تموز/يوليو الجاري اتجاه بلاده لإرسال طائرات F16 لمراقبة الملاحة في الخليج وردع إيران، فيما يبدو أنها خطوة للتأكيد على الالتزام الأميركي بضمان أمن دول الخليج العربي بما يضمن إقناعها بعدم الابتعاد عن تنسيق سياساتها مع واشنطن، بما في ذلك خطوات الدول الخليجية وخاصة السعودية بالملف السوري.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا