بالتزامن، مع ما يبدو، أنه تعثر في مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري، في ظل المطالب التي يتحدث عنها النظام، وتعثر تحديد موعد أو مكان للقاء الثلاثي المفترض بين وزراء خارجية سورية وتركيا وروسيا، تحافظ الأوضاع الميدانية على وتيرتها التصعيدية، سواء في الشمال السوري بين قوات النظام وفصائل المعارضة، أو في الجنوب السوري، حيث يسعى النظام إلى إحكام قبضته هناك، بالتوازي مع تواصل الهجمات على قواته من جانب مسلحين مجهولين.
وفي إطار التصعيد المتواصل شمالي غرب البلاد، قصفت الفصائل المعارضة بقذائف المدفعية مواقع قوات النظام على محور كفر بطيخ بريف إدلب الجنوبي، فيما استهدفت الأخيرة بلدات وقرى في ريفي حلب وإدلب، وسط اشتباكات بين الجانبين على هذه المحاور.
وأعلنت غرفة عمليات “الفتح المبين”، عبر معرفاتها الرسمية، أمس الجمعة، أنها صدت ليل الخميس- الجمعة، محاولة تسلل لقوات النظام والمليشيات المساندة له على محور النيرب – سرمين جنوبي شرق إدلب، وسط قصف مدفعي وصاروخي مكثف استهدف المنطقة والمدن والبلدات في المنطقة.
هجمات غرفة “الفتح المبين”
وكانت سرية المدفعية والصواريخ في غرفة عمليات “الفتح المبين” قد أعلنت مقتل وجرح عدد من قوات النظام، جراء استهداف مواقعهم في قرية كفر بطيخ جنوب شرق إدلب، فيما أعلنت “سرية القنص” عن مقتل عنصر من قوات النظام على محور بلدة كفر موس جنوب إدلب. كما جرت اشتباكات بين الجانبين على محوري كفر نوران و”الفوج 46″ بريف حلب، وعلى محوري تفتناز ومعارة النعسان بريف إدلب الشرقي.
ونعت صفحات موالية للنظام السوري، أول من أمس الخميس، 3 ضباط من “الحرس الجمهوري” قُتلوا جراء قصف تركي استهدف مواقعهم في شمال غربي سورية، مشيرة إلى أن قائد “اللواء 135 حرس جمهوري” عمار جودت تيشوري، والنقيبين عمار مهنا وغيث غصن، قُتلوا خلال قصف مدفعي تركي استهدف قرية مياسة، الواقعة جنوب غربي مدينة عفرين، فيما أصيب عدد من العناصر نُقلوا إلى مستشفى نبل المركزي.
من جهتها، كشفت “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، عما سمّتها “خريطة العمليات النوعية” التي نفذتها الفصائل ضد قوات النظام في شمال غربي سورية خلال 3 أشهر. وبحسب الخريطة، التي نشرتها “وكالة أمجاد الإعلامية” التابعة إلى “الهيئة”، فقد نفذت الفصائل خلال تلك الفترة هجمات ضد قوات النظام السوري على 13 محوراً في محافظات إدلب وحماة واللاذقية.
بوادر تعثر تركي مع النظام السوري
ويأتي هذا التصعيد في وقت ظهرت فيه بوادر تعثر في الخطوات التركية باتجاه التقارب مع النظام السوري، وتراجع الحديث عن احتمال عقد لقاء بين وزيري خارجية تركيا والنظام السوري برعاية روسية.
ورأى الباحث فراس علاوي أن التصعيد النسبي في الشمال السوري قد يكون هدفه من جانب بعض الفصائل تأكيد رفضها مسار التقارب التركي مع النظام السوري، ومحاولة للتشويش عليه.
واستدرك علاوي، في حديثه مع “العربي الجديد”، بالقول إن العمليات التي شهدناها أخيراً ضد قوات النظام، وشاركت القوات التركية في بعضها، من خلال قصفها الخميس الماضي، مواقع تابعة للنظام، ما أدى الى مقتل عدد من الضباط، قد تكون أيضاً تحدث بضوء أخضر تركي، بهدف الضغط على النظام للقبول بتسريع عملية التقارب دون شروط مسبقة، كالتي يرددها اليوم، مثل الانسحاب التركي من الأراضي السورية، ووقف دعمها الفصائل المعارضة للنظام.
ولفت علاوي إلى أن التصعيد، خصوصاً من جانب “هيئة تحرير الشام” يترافق مع تصريحات قائدها أبو محمد الجولاني، للتأكيد على وجود “الهيئة”، بوصفها قوة على الأرض لا يمكن لأحد تخطيها.
وفي جنوبي البلاد، أصيب عنصران من قوات النظام السوري، جراء انفجار سيارة قرب الحاجز الرئيسي عند مدخل بلدة خان أرنبة في محافظة القنيطرة، فيما قتل ضابط صف برتبة مساعد من مرتبات “الفرقة 15” التابعة لقوات النظام، إثر استهدافه بالرصاص على الطريق الحربي بين بلدتي تل شهاب وخراب الشحم في ريف درعا الغربي.
وذكر “تجمع أحرار حوران”، في بيان أمس الجمعة، أن مجهولين حاولوا اغتيال محمد خير الكايد الغزالي في بلدة قرفا بريف درعا الأوسط، بإلقاء قنابل يدوية على منزله، ما أدى لمغادرته ليلاً نحو العاصمة دمشق، مشيراً إلى أن الغزالي يعمل مع “الفرقة الرابعة” التابعة للنظام السوري، وكان قد بدأ قبل فترة محاولات لتشكيل مجموعات جديدة لصالح الفرقة المدعومة من إيران.
وأوضح الموقع أن الغزالي ينحدر من قرفا، مسقط رأس اللواء رستم الغزالي، وكان من أتباعه، ومتهم بالاشتراك مع “اللجان الشعبية” من أبناء البلدة بحادثة قتل 84 مدنياً، دفن بعضهم أحياء تحت منازلهم خلال سيطرة تلك “اللجان” على البلدة بين عامي 2012 و2015.
وبحسب الموقع، فإن الهدف من وراء تشكيل تلك المجموعات هو السيطرة على القرى القريبة من طريق دمشق – عمّان كاملة، بإشراف قادة في “حزب الله” اللبناني وضباط من “الفرقة الرابعة”. وأشار إلى أن تلك المجموعات تتلقى الدعم أيضاً من العقيد عمر الغزالي شقيق اللواء رستم، الذي يعمل مسؤولاً أمنياً في شارع السفارات بالعاصمة دمشق.
ويعمل العقيد عمر في تجارة وتصنيع المخدرات، حيث تشير المعلومات إلى أن أحد معامل “الكبتاغون” موجود في قصر شقيقه رستم، الذي سبق أن أحرقه رستم خوفاً من وصول عناصر المعارضة إليه، وأعاد عمر ترميم جزء منه وتأمينه بحراسة مشددة لتصنيع المخدرات.
عودة “الفرقة الرابعة” إلى جنوب سورية
وأضاف الموقع أن اجتماعاً عقد قبل أيام مع ضباط ومسؤولين من “الفرقة الرابعة” و”حزب الله” في منزل محمد خير الغزالي، جرى خلاله بحث كيفية تجنيد عناصر جدد من أبناء المنطقة للعمل في صفوف الفرقة، التي تنوي إعادة نشر قواتها في محافظة درعا، وخاصة في معبر نصيب وعلى طول طريق دمشق – عمّان بعد سنة ونصف السنة من مغادرتها المنطقة الجنوبية.
وقال الناشط أنور الحمادي، لـ”العربي الجديد”، إن عودة “الفرقة الرابعة” للجنوب السوري تثير مخاوف من تزايد وتيرة الاغتيالات بحق المطلوبين للنظام، فضلاً عن تزايد حركة تهريب المخدرات باتجاه الأردن، باعتبار أن “الفرقة” باتت هي الراعي الأول لإنتاج وتهريب المخدرات في سورية، خاصة أن الحديث يدور عن نشر عناصرها على معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
ومنذ أن جرى التوصل لإعادة فتح معبر نصيب في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، تسلم جهاز الأمن السياسي إدارة المعبر أمنياً من الجانب السوري، حيث جرى في مطلع مارس/ آذار 2022 اغتيال المسؤول الأمني عن معبر نصيب وهو الضابط في جهاز الأمن السياسي، الرائد ماهر وسوف، والذي قيل إنه كان يتشدد في منع تهريب المخدرات عبر المعبر.
المصدر: العربي الجديد