من دون تشييع مهيب لشاعر غنائي أعلن على الملأ موالاته للسلطة الحاكمة في دمشق، ومن دون مجلس عزاء يليق بمثقفي السلطة، دفن الشاعر الغنائي صفوح شغالة في مسقط رأسه بمدينة حلب بمشاركة اقتصرت على العائلة وبضعة أشخاص من المقرّبين.
وفي حين شاركت في تشييع صفوح شغالة 6 سيارات فقط، بسبب أزمة الوقود التي تفاقمت في كل المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام السوري، اكتفى محافظ حلب التابع للنظام، حسين دياب، بنقل تعازي بشار الأسد وزوجته في موكب تألّف من سيارة واحدة، بسبب تخفيض مخصصات المحافظة من الوقود.
الصورة التي انتشرت لموكب تشييع “شغالة” لم تظهر عدد السيارات المشاركة في التشييع فحسب، بل خلو شوارع مدينة حلب من وسائط النقل أيضاً، مما يظهر حجم الكارثة الحقيقي في مناطق سيطرة النظام السوري.
وحسب معلقين على صورة تشييع صفوح شغالة، فإنّ هذه المشكلة تواجه الكثيرين، حتى في حالات الوفاة، إذ كتبت مارينا منصور من دمشق على (فيس بوك)، إنّها لم تستطع الذهاب إلى جنازة في صيدنايا بريف دمشق “بسبب شح البنزين”، حيث لم تجد وسيلة نقل توصلها إلى هناك، حتى أقارب المتوفى لم يحضروا تشييعه بسبب عدم توفر المحروقات.
في حين كتب سومر يوسف الذي توفي والده أنّه لا يمكن ملامة الناس، ومع أنّ والده أحد ضباط الأسد المعروفين، لكن جنازته اقتصرت على عدد قليل بسبب أزمة المحروقات في دمشق.
وقال مصدر خاص من مدينة حلب لموقع “تلفزيون سوريا”، إنّ ما يشاع في المدينة هو تعمد متنفذين اقتصاديين بالتعاون مع النظام السوري إحداث أزمة المحروقات، فقد انتشرت حواجز ودوريات للجمارك، بعد لجوء الناس إلى تهريب المحروقات من حي الشيخ مقصود، وكل من يجدونه يحمل “بيدوناً” يحتوي على محروقات، يطلبون منه البطاقة الذكية، وإن ثبت أنّ المحروقات التي يحملها ليست عبر البطاقة الذكية، تجري مصادرتها مع الغرامة والحبس.
وأضاف المصدر أنّ انقطاع المحروقات لم يتسبب في شل حركة المواصلات العامة ووسائل النقل الخاصة فحسب، بل تجاوز ذلك إلى منظومة الإسعاف، فأصبح موظف مقسم الإسعاف يطلب من المتصلين جلب المريض إلى المشفى لعدم توفر المحروقات لسيارات الإسعاف.
ووصل سعر ليتر البنزين إلى 20 ألف ليرة سورية، في حين تخطى سعر مازوت التدفئة عتبة الـ 15 ألف ليرة سورية.
على الرغم من أزمة المحروقات التي تعصف في مناطق سيطرة النظام السوري، وقبل يوم واحد من وفاة الشاعر الموالي للسلطة “صفوح شغال”، وعدم قدرة مسؤولي النظام السوري من حضور مأتمه بسبب أزمة الوقود، كان وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام بسام طعمة نترأس الاجتماع الـ 109 لمجلس وزراء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) في دولة الكويت.
وقال الإعلامي أحمد الهواس لـموقع “تلفزيون سوريا”، إنّه وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطن في مناطق سيطرة النظام السوري ليس من شح في الوقود بل انعدام في هذه المواد، ولا سيما أننا في فصل الشتاء القارس في سوريا، نجد بأن أوابك وهي منظمة نفط عربية لا تكتفي بدعوة وفد النظام، بل يترأس هذه الدورة، ونحن نعلم بان النفط السوري كله بيد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شرقي البلاد، والتي تتعاون مع النظام بعمليات تهريب من خلال شركة القاطرجي.
وأضاف أن “الأمر اللافت بأن الشاعر الغنائي صفوح شغالة الذي كتب وتغنى كثيراً برئيس النظام والتقى به قبل شهرين ومات بظروف مفاجئة لا نعلم ما هي، تم التعامل مع موته ومع جنازته بلا اهتمام، فلا يوجد وفد رسمي مثلاً من قبل النظام ولا يوجد سيارات للتشييع”.
ويرى الهواس أنّ النظام الآن في حالة اهتراء وتفسخ ويمكن أن يكون في حالة إفلاس اقتصادي يضاف إلى إفلاسه الأخلاقي، لكن الخشية ليس هنا لأن الكثير طبعاً يراهنون الآن على سقوط النظام بشكل مفاجئ بسبب العوامل الاقتصادية الخانقة التي تحيط به، ولا سيما أن حلفاء النظام روسيا وإيران لا يستطيعون دعمه على الرغم من أنّهما دولتان غنيتان بالنفط والغاز، ولكن لديهما مشكلات سواء في حرب روسيا مع أوكرانيا أو الاحتجاجات الشعبية داخل إيران، ومع ذلك يبقى العامل الاقتصادي وهو من العوامل المهمة في إسقاط النظام، لكنه لن يكون مرشحاً للسقوط بهذه الطريقة، لا سيما أن الدور لم ينته للنظام وهنالك دعم أميركي إسرائيلي لبقائه بطريقة أو بأخرى، لكن ربما قد يعاني من التخلي الشعبي لدى حواضنه.
كان الاجتماع الذي ترأسه بسام طعمة، وضمّ وزراء النفط والطاقة في السعودية والكويت وقطر وليبيا ومصر، ومعاوني الوزراء في الإمارات والجزائر والبحرين هو الأكثر تندراً بين المهتمين، والأكثر تساؤلا، إذ كيف لحكومة لا تسيطر على نفطها، وتعاني من أزمة خانقة في تأمين وقود الشتاء وآليات النقل أن تترأس اجتماعاً لمناقشة مشروع الميزانية التقديرية للمنظمة لعام 2023.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا