منذ دخول روسيا الأراضي السورية في أيلول/ سبتمبر 2015 اعتبر السوريون أن روسيا دولة انتداب قامت بتجريب 320 نوع سلاح حسب تصريح وزير دفاعها، وقامت برمي المدنيين السوريين بكل أنواع القذائف والصواريخ، وتهجيرهم، واتبعت سياسة الأرض المحروقة كما تفعل الآن في أوكرانيا.
الفرق بين سوريا وأوكرانيا أن لدى الأوكرانيين رئيس يحب وطنه وشعبه، أما في سوريا فإن رئيسها استقوى على شعبه باستدعاء روسيا وإيران وميليشيات طائفية لقتل وتهجير الشعب السوري، إلى أن هجّر 13 مليون سوري ودمّر بنيتها التحتية، حتى تحولت سوريا إلى ثلاث مناطق نفوذ، منطقة نفوذ روسي حيث يوجد النظام السوري ومؤسساته وجيشه وشبيحته، ومنطقة نفوذ أميركي ومنطقة نفوذ تركي.
بعد 12 عاماً من العذابات السورية وانعدام السيادة السورية لازالت مناطق النفوذ الروسية ينتشر فيها الجوع وانعدام الأمن والأمان، وشحّ الوقود والخبز الكهرباء وحيث أنه بات أكثر من 95 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، بل وصل السوريون في تلك المنطقة إلى درجات من الجوع والفقر المدقع لم يعيشوها منذ الحرب العالمية الأولى، بسبب إهمال الروس لمنطقة نفوذهم إدارياً.
كل ذلك بسبب إصرار الإدارة الروسية على دعم النظام السوري وعدم الدفع بحل سياسي حقيقي يعيد اللاجئين والنازحين إلى بيوتهم بشكل آمن، لا بل آثر الروس وحلفاؤهم استمرار الاعتداء وقصف مخيمات ومناطق النازحين السوريين الذين هربوا من حمم الصواريخ والمدافع الروسية.
طالما أن الروس وقّعوا اتفاقية مع النظام السوري أن يبقوا في قاعدة حميميم داخل سوريا لمدة خمسين عاماً، وعقودا أخرى مثل الاستيلاء على مرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً تمدد تلقائياً لمدة ربع قرن، وعشرات العقود طويلة الأمد، إذاً فهم لا ينوون الخروج من سوريا فهم بحكم دول الانتداب التي كانت موجودة في أوائل القرن الماضي.
على اعتبار أنه لا توجد بنود خاصة في قوانين الأمم المتحدة تخص قوى الانتداب، لذا فإنه League of Nationsينبغي علينا اللجوء للمادة 22 من قانون عصبة الأمم التي أسست 1920 ومقرها جنيف قبل الأمم المتحدة والتي فشلت في تطبيق معظم قراراتها وخاصة تطبيق المادة 2254 وعشرات القرارات التي تخص سوريا، وهو ليس بعيدا عن تاريخها في فشل تطبيق الكثير من قراراتها بسبب تركيبتها وحق الفيتو وطريقة أدائها الإداري.
حيث تصرّح المادة 22 في عصبة الأمم التي ينبغي على روسيا الالتزام بها بشكل واضح:
“إلى تلك المستعمرات والأراضي التي لم تعد، نتيجة للحرب المتأخرة، خاضعة لسيادة الدول التي حكمتها سابقًا والتي تسكنها شعوب لم تتمكن بعد من الوقوف بمفردها في ظل الظروف الصعبة للعالم الحديث، ينبغي تطبيق المبدأ القائل بأن رفاه هذه الشعوب وتنميتها يشكلان أمانة مقدسة للحضارة وأن ضمانات أداء هذه الثقة ينبغي أن تتجسد في هذا العهد.
إن أفضل طريقة لإعطاء تأثير عملي لهذا المبدأ هو أن الوصاية على هذه الشعوب يجب أن توكل إلى الدول المتقدمة التي بحكم مواردها أو خبرتها أو موقعها الجغرافي يمكنها أن تتحمل هذه المسؤولية على أفضل وجه، والتي هي على استعداد لقبولها، وأن هذه الوصاية يجب أن تمارس من قبلهم بصفتهم منتدبين نيابة عن العصبة.
يجب أن تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن إدارة الإقليم في ظل ظروف تضمن حرية الوجدان والدين، بشرط الحفاظ على النظام العام والأخلاق، والانتهاكات مثل تجارة الرقيق، وتهريب الأسلحة وتجارة الخمور، ومنع إنشاء التحصينات أو القواعد العسكرية والبحرية والتدريب العسكري للمواطنين لأغراض أخرى غير أغراض الشرطة والدفاع عن الأراضي، وكذلك تأمين تكافؤ الفرص للتجارة والتبادل التجاري للأعضاء الآخرين في العصبة”.
بناء على ما سبق وبما أن العلم الروسي وصور الرئيس الروسي في كل مكان في سوريا، لماذا لا يطالب العالم روسيا بأن تعلن الانتداب الرسمي على سوريا وتقوم -بحسب مبادئ عصبة الأمم- بمهامها الإدارية وتنهض بالمستوى المعيشي السوري، وتخلق فرص عمل لجيوش العاطلين عن العمل، وتضمن حرية الأفكار والدين، وتحافظ على النظام العام والأخلاق، وتحظر الانتهاكات مثل تهريب الأسلحة وتجارة المخدرات والكبتاغون بعد أن أصبحت سوريا عاصمة الكبتاغون للأسف، وتمنع إنشاء التحصينات أو القواعد العسكرية والبحرية والتدريب العسكري للمواطنين لأغراض أخرى غير أغراض الشرطة والدفاع عن الأراضي، وتقوم بتأمين الغذاء والدواء والوقود والكهرباء والماء، وتكافؤ الفرص للتجارة والتبادل التجاري مع العالم؟
الانتداب الروسي كقوة مستعمِرة لا بد أنها ستقوم بفرض تداول الروبل الروسي إلى جانب الليرة السورية، وبذلك تقوم بالتزاماتها الاقتصادية في سوريا ولها خبرات سابقة في الشيشان وغيرها، وتبقى المهمة الأكبر هي إخراج أكثر من 400 قاعدة ونقطة عسكرية لإيران وميليشياتها الطائفية من منطقة النفوذ الروسي، كي لا توجد قوتان مستعمرتان في آن معاً في موقع جغرافي واحد
المصدر: تلفزيون سوريا