إن الظروف التي يعيشها الشعب السوري، تؤذن بانفجارات هنا وهناك، قد لا تطيح بالنظام المجرم لكنها تزعزعه، وتزيد قلقه، وترسل رسالة للعالم أن الشعب السوري بكل مكوناته، بمن فيهم من يدعي النظام زوراً وكذباً حمايتهم، أي حماية الأقليات، فهو يخوفهم ليحشدهم في معركته، أو يقتلهم ويفتح عليهم النار في السويداء، لمجرد الاحتجاج السلمي على الوضع الذي يعيشه الناس.!
وبالوقت نفسه يتعاطف معهم الشعب السوري المناهض للنظام بكامله سواء النازح أو اللاجئ بكل مكان، وهذه إسقاط لكذبته المروجة منذ سنين، فالشعب السوري واحد ويحمي بعضه بكل مكوناته العرقية والدينية، والنظام وحده المجرم بحق الشعب بكل مكوناته، فالشعب رافض النظام لكنه خائف من القتل والبطش، لكن لتحمله حد وبلحظة تاريخية ينفجر، ولن تستقر سوريا إلا بتغيير حقيقي، فمحاولات تعويم النظام لن تخلق استقراراً في سوريا، وستبقى الانفجارات المجتمعية وأزمة اللاجئين، والعقوبات الدولية ومآسٍ كثيرة لن تتغير إلا بتغيير حقيقي للنظام وأعوانه وهم بمأزق وقد يتسع المأزق أكثر وتكون فرصة تاريخية لتخليص سوريا التي تحولت من دولة استبدادية إلى دولة فاشلة باتت تشكل خطراً على الأمن القومي للمنطقة، وليس على الشعب وحده، واستقرار المنطقة وأمنها يمر عبر إزالة زمرة النظام.
الخلاص السوري يحتاج إلى التخلص من طرق التفكير والعقلية والطريقة التي نفكر فيها ونعمل من خلالها اليوم
فالخلاص اليوم ليس خلاص السوريين وحدهم، بل أمن المنطقة ككل بات مرتبطاً بالخلاص السوري.
لكنني أعتقد أن الخلاص السوري يحتاج إلى التخلص من طرق التفكير والعقلية والطريقة التي نفكر فيها ونعمل من خلالها اليوم، فهذا الطريق وهذه الطريقة من العمل لا تحقق لنا الخلاص الذي ينشده الشعب السوري، مالم نفتح طُرقاً أخرى للعمل وأساليب أخرى للسعي.
وهناك عامل لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال اسمه الشعب السوري والذي بات بكل تلاوينه ومناطق النفوذ السياسي فيه سواء الثلاثة أو الخمسة مع الأسف، ينشد خلاصاً من الواقع الذي يحياه، وهذا الشعب الذي صبر طويلاً على ويلات الحرب لن يصبر إلى مالانهاية تحت ضغط هذا الواقع المر، والذي بات يرى خلاصه من هذا الواقع هو الخلاص من قوى أمر الواقع التي فُرضت بشكل أو بآخر، ابتداء من السوريين تحت النظام المتوحش الذين يرقبون خلاصاً حذراً في حياة لم تعد تحتمل تضغط عليهم بأشكال مختلفة، إلى السوريين تحت قوى صنعت صناعة اسمها قسد، إلى السوريين المشردين في قرى من القماش منذ سنين يرقبون خلاصاً.
إنّ قوى الجماهير قلّما تشعر بقوتها الكامنة الخطرة وهذه القوة التي قد تتفجر بلحظة وأخرى، وقد حصل الانفجار الكبير في 2011 وقد تنفجر بأي لحظة على هذا الاستعصاء الذي فُرض وحُشر فيه الشعب السوري والسويداء مثال حي.
لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الخلف في سوريا، وإن هناك أكثرية شعبية ساحقة تريد التغيير والانتهاء، بغض النظر عما يريده الآخرون.
لو كان لدى السوريين أمل آخر يتعلّقون به، غير الخلاص من النظام وهذا الواقع المفروض، لما كانوا استمروا إلى اليوم مع كلّ ما حصل من آلام ونكبات، إلى اليوم هناك الإصرار على الحياة والعلم والعمل.
فما نشهده كلّ يوم يقدّم دليلا على استعداد الشعب للتضحية بكلّ ما عنده، بل بأغلى ما عنده ولم يعد لديه شيء يخشى ضياعه وفقدانه..
إنّ يوم الخلاص الذي ينشده الشعب السوري، سيكون يوماً ما، فالتغيير حتمية تاريخية، لكن حجم ضريبته وطول زمنه، مرتبط بحسن العمل وصوابيته، للخلاص والوصول.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا