يختنق النظام السوري تحت وطأة أزمات اقتصادية شلّت الحياة العامة في المناطق التي تقع تحت سيطرته، ما دفع بمسؤول أميركي سابق إلى القول إن اقتصاد ودولة بشار الأسد ينهاران.
ففي سلسلة تغريدات له الخميس، كتب المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جويل رايبورن على “تويتر”: “مناطق النظام تفتقر إلى المحروقات والطاقة والتجارة، وشوارعها فارغة، بينما يستمر النظام بطبع العملة لدفع الرواتب فقط”.
وأكدت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أنّ الحياة “شبه مشلولة” في أغلب مناطق النظام السوري، “وخاصة المدن الكبرى”، قائلة: “يبدو أنّ النظام لم يعد لديه ما يقدمه لنحو 9 ملايين سوري يخضعون لسيطرته”.
وبدأت نتائج الحصار المفروض على النظام منذ أكثر من عقد من المجتمع الدولي، بسبب العنف الوحشي الذي مارسه على المطالبين بالتغيير منذ 2011، تظهر على اقتصاد هذا النظام الذي يرفض حتى اللحظة التعامل بشكل جدي مع مساعي الأمم المتحدة للتوصل إلى حلول سياسية للأزمة السورية. كما بدأت تداعيات “قانون قيصر” الأميركي، الذي فرض عقوبات مشددة على النظام السوري وأركانه وعلى المتعاملين معه، تضغط بقوة على اقتصاد النظام، الذي يبدو أنه في طريقه للتهالك بشكل كامل.
ومرّ النظام السوري منذ عام 2011 بالعديد من الأزمات الاقتصادية، وتجاوزها بفضل دعم روسي وإيراني مقابل اتفاقيات سمحت للبلدين بتكريس وجود عسكري إلى أمد طويل. ولكن يبدو أن موسكو وطهران غير قادرتين في الوقت الراهن على مساعدة حليفهما بشار الأسد، رأس النظام السوري، على تجاوز أزمته. وقد دفعت هذه الأزمة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض الأسبق معاذ الخطيب إلى تنبيه السوريين في الداخل والخارج إلى أنّ بلادهم “تحتضر”، مضيفاً في تسجيل مصور: “الأمر لا يحتاج إلى إحصاءات. منذ 10 سنوات والبلد يُساق إلى الخراب”.
ومنذ منتصف عام 2012، يعرقل النظام السوري محاولات إقليمية ودولية للحيلولة دون انهيار البلاد، وتعاطى باستخفاف مع المبعوثين الدوليين، بدءاً من كوفي عنان، مروراً بالأخضر الإبراهيمي وستيفان دي ميستورا، وصولاً إلى غير بيدرسون.
وتتقاسم سورية اليوم عدة قوى متناحرة، حيث يسيطر النظام على جنوب البلاد ووسطها وغربها وجزء من شمالها، بينما تسيطر “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) على الشمال الشرقي من البلاد. وتفرض “هيئة تحرير الشام” سيطرتها على الشمال الغربي، إلى جوار الشمال السوري الواقع تحت سيطرة فصائل معارضة تابعة للجانب التركي.
وليست هناك إحصائيات رسمية يمكن الركون إليها لعدد السوريين في المناطق المذكورة، ولكن تقديرات تشير إلى وجود نحو 9 ملايين في مناطق النظام، ونحو 4 ملايين في الشمال السوري، وأكثر من 3 ملايين في شمال شرق سورية.
وهاجر أكثر من 10 ملايين خلال سنوات الحرب إلى دول الجوار ودول عربية وغربية. “لولا التحويلات من السوريين في الخارج إلى الداخل، لما استمرت الحياة في البلاد”، يقول كاتب اختار البقاء في سورية في حديث مع “العربي الجديد” مفضّلاً عدم ذكر اسمه، مضيفاً: “رواتب الموظفين اليوم لا تتجاوز 25 دولاراً أميركياً”.
وتابع: “من يتجول في شوارع العاصمة دمشق يدرك أنّ كل شيء هنا على وشك الانهيار”، مشيراً إلى أنّ الشوارع “تبدو شبه خالية من السيارات، حيث لا وقود في البلاد، ولا أمل في تغيير سياسي يمكن به إنقاذ ما بقي من سورية”.
وفي السياق، بيّن الباحث في “المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام” رشيد حوراني، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “نظام الأسد في الواقع دولتان؛ واحدة هي الجيش وأجهزة الأمن المتعددة، والثانية بقية مؤسسات الدولة”. وتابع: “الدولة الأولى هي من أبقت الأسد في السلطة، لذا حافظ على بقائها، وفتح لها أبواب الفساد والاتجار بالمخدرات، أما الثانية فهي عملياً منهارة، ولا تقدم أي خدمات للمواطنين”.
ولفت حوراني إلى أنه “ربما يتظاهر النظام بقرب انهيار مؤسساته ليستجر من خلالها أموال التعافي المبكر (مصطلح ورد في قرار دولي يخص المساعدات الإنسانية الدولية)، ويحمّل الثورة معنوياً مسؤولية ما وصلت إليه البلاد، وكي يضغط على الغرب لرفع العقوبات المفروضة عليه”.
المصدر: العربي الجديد