بدأت حرب تشرين في السادس من تشرين الأول 1973الذي صادف العاشر من رمضان من العام 1393 هـ حيث كان الجيش السوري متأهب ومندفع ومتحمس لخوض معركة الأمة التي يتلهف العرب والمسلمين لخوضها لتحرير الأرض المحتلة ، كــــ هضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء المحتلة منذ حرب 1967، واتفق الجانبان على أن يكون الهجوم بعد ظهيرة يوم السبت 6 تشرين 1973 الذي يوافق عيد الغفران اليهودي.
كانت نوايا الجيش والشعب في وادٍ ، ونوايا حافظ الأسد في وادٍ أخر ، فالجيش والشعب يريدونها حرب تحرير، وحافظ أسد يريدها حرب تحريك لغاية في نفسه ، تخوله من كسب أوراق قوة تمكنه لعب دور عربي كبير في المنطقة ومن قيادة الجيش وحكم السوريين بقبضة حديدية.
بعد بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية تقدماً في عمق الدفاع الإسرائيلي، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح و وأخترقت خط بارليف وتوغلت 20 كم شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية التوغل إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا.
لقد كان هناك دعم قتالي عربي حقيقي ، من الجوار العربي والذين كانوا مخدوعين بحافظ الأسد وخطاباته القومجية الرنانة بحيث تواجد على جبهة الجولان وحدات مغربية قبل الحرب عرفت بالتجريدة المغربية ووصلت وحدات عراقية وأردنية وسعودية وكتيبة كوبية كانت بقيادة فيدل كاسترو، و فور نشوب الحرب. وفي تمام الساعة 14,00 من مساء يوم 6 أكتوبر شنت القوات الجوية السورية غارات جوية بطائرات سوفيتية الصنع على مواقع الجيش الإسرائيلي في الجولان، اندفعت بعدها الموجات الأولى من الدبابات السورية وناقلات الجنود المدرعة نحو خط آلون تحت ستر القصف المدفعي للمواقع والتحصينات الإسرائيلية، كان خط آلوان الخط الإسرائيلي الدفاعي في الجولان الذي يماثل خط .بارليف
لقد كان لدى لقيادة العسكرية الإسرائيلية قوة استطلاعية كبيرة وتقدير موقف عالي بعدد وقوة الجبهة السورية ومعلومات واسعة عن عدد قوة المدرعات السورية وعربات الــــ BMBفركزت ومنحت الأولوية في الحرب لجبهة الجولان لقربها ولخطورة الموقف في الجولان حيث استطاعت القوات السورية اختراق خطوط دفاع القوات الإسرائيلية والوصول إلى عمق الجولان في اليوم الثاني من الحرب.
وصلت الدبابات الى عمق نقاط الإستناد الإسرائيلية ، لم يكن بالأمر السهل بل هو عبارة عن جيب خرق عملت إسرائيل على خلقه كي يكون منطقة قتل وكمين لسحق وتدمير الدبابات السورية وهذا ما حققته إسرائيل في تدمير الوية الفرقة السابعة ، وإخراجها خارج المعركة.
لقد كانت قيادة عمليات المعركة فاشلة بكل قادتها واركاناتها وصنوفها، حيث أعطت تعليمات القتال للقوات بالتقدم بدون تطهير النقاط من خلفها ولم يقدروا الموقف على الأرض ، حيث توقف الإستطلاع القتالي بعد التمهيد المدفعي وتحرك القوات من منطقة التحشد الى خط الهجوم ومن بعدها لم يتم دراسة الأرض نهائياً.
لقد بقيت نقاط الحد الأمامي الإسرائيلي كما هي بدون أن تُدمر ومحتفظة بقدرتها العسكرية ، وبعد دخول الدبابات والمشاة الى عمق دفاع العدو الإسرائيلي وإختراق خط الدفاع الإسرائيلي إلى عمق نحو 20 كم داخل هضبةالجولان وهو العمق للمنطقة المحتلة حتى أصبحت الوحدات السورية على مشارف بحيرة طبرية.
لم تستطيع القوات التي دخلت الى عمق الدفاع الحفاظ على الخطوط التي أحتلتها ، ولم يستطيع الدفاع الجوي تغطية القوات المتقدمة للعمق ، وبحلول مساء اليوم الثاني للقتال (7 أكتوبر) كانت القيادة الإسرائيلية قد أستكملت تعبئة وحدات الاحتياطي وإرسالها إلى هضبة الجولان، وقد استطاعت هذه القوات المدعومة بسلاح الجو الإسرائيلي أن تعيد الوضع الى ما كان عليه قبل 48ساعة و أتخذت القيادة الإسرائيلية قرارا بالتركيز على الجبهة السورية وإعطائها الأولوية بسب العمق الإسرائيلي الضئيل من الشرق باتجاه الغرب .
الحرب لم تحقق أي من أهدافها
بعد أن أصبحت معظم قوات الجيش السوري التي لم يتم تدميرها أمام الحد الأمامي الإسرائيلي من الفرقة الخامسة والسابعة والتاسعة أثناء التحرك الى خطوط الهجوم كـــ نسق أول للجيش في عمق خطوط الدفاع الاسرائيلي ، قامت نقاط الإستناد الإسرائيلية التي بقيت محافظة على قدرتها القتالية وتعاملت مع الدبابات بصواريخ الــ م/د ودمرت معظم الألوية العاملة ضمن الفرق المهاجمة، وأحد الألوية لم يبقى منها سوى دبابة واحدة عادت الى معسكراتها شبه سالمة. ووضعوها نصب تذكاري .
إن تهور قيادة الجيش السوري بقيادة حافظ الأسد القائد العام للجيش و التقدم غير المدروس دفع ثمنه مقاتلين الجيش السوري دمائهم ، وخسر الجيش معظم الألوية القتالية نتيجة غباء القادة الذي كان جل همهم إرضاء حافظ الأسد والحصول على مكاسب مادية ومعنوية
لقد كان من أهداف الحرب استعادة الجولان السوري المحتل وإستعادة مرصد جبل الشيخ والسيطرة على مرتفعات الجولان السوري على الجبهة السورية وكل هذه الأهداف لم تحقق ، ولكن اسرائيل لم ترضى أن تنتهي الحرب دون أن تعطي نتائج ايجابية لحافظ الاسد فعوضت على حافظ الأسد بكل ما خسره من الوية مدرع بكاملها ، ببعض البيوت المهدمة في القنيطرة كي يظهر حافظ الاسد بطل قومي في عيون العرب والأصدقاء ، ولكي يبقى فيما بعد حارساً أميناً للحدود الإسرائيلية .
حافظ الأسد رد الجميل للعرب الذين ساندوه في حرب تشرين
لولا دعم الألوية الأردنية والعراقية والمغربية والسعودية لكانت إسرائيل إحتلت العاصمة دمشق حيث قطعت الدبابات الإسرائيلية طريق دمشق درعا في منطقة الزريقية ، نتيجة تهور قيادة حافظ اسد وتقهقر جيشه الذي لم يعد قادرا على السيطرة عليه في اليوم الرابع من المعركة ، وعلى الرغم من دعم العرب له فقد رد لهم الجميل بالتهجم عليهم حيث حشد بالثمانينات الفرقة الأولى المدرعة على الحدود الأردنية السورية كتهديد بالهجوم عليهم ، ووقف إلى جانب إيران في حربها ضد العراق وتحشد الفرقة الأولى في منطقة( ارك) بالقرب من تدمر لمؤازرة الإيرانيين عندما تميل الكفة لصالح العراق.وقام بدعم ايران بالسلاح الصاروخي وفتح المستودعات أمام الإيرانيين .وكما نصب نفسه عدواً للسعودية.
لقد استفاد حافظ الاسد كثيراً من هذه الحرب بإعادة هيكلة الجيش كما يخدم مصلحته في التخلص من الكثير من القادة الكبار في الجيش ، وإعطاء قدم عسكري للضباط الذين يوالونه وعزل الكثير من الضباط الأكفاء الذين يشكلون خطراً عليه.
المصدر: سوريا الأمل