جدل واسع أثارته المبادرة الإصلاحية الأخيرة التي وافق عليه قادة الجيش الوطني السوري المعارض، بالنظر إلى الانقسام الجديد الذي تلى إقرارها الجمعة، وعدم تطرقها إلى مطالب الشارع المعارض السياسية والمعيشية.
وكانت قيادة الفيلق الثاني في الجيش الوطني قد أعلنت السبت، عن فصل فرقتي “الحمزة” و”السلطان سليمان شاه” بعد يوم واحد من التوقيع على المبادرة التي تقدمت بها ثلاث جهات تتبع للمعارضة، وحملت اسم “المبادرة الموحدة”.
بين المبادرة والأهداف
وتنص المبادرة على توحيد الصندوق المالي للفصائل كمقدمة لدمجها، حيث تم التوافق على حصول الفيلق الأول على 30 في المئة من واردات المعابر الداخلية والخارجية، مقابل 36 في المئة للفيلق الثاني، و34 في المئة للفيلق الثالث، بالإضافة إلى تشكيل قيادة موحدة وقوة مركزية.
لكن الناشط والإعلامي المعارض ماجد عبد النور اعتبر أن هذه المبادرة كانت سبباً في زيادة الانقسام بدل الدفع للتوحد، مستبعداً أن تحقق أي من أهدافها “لأنها تعاني من القصور ولا تلامس جوهر المشكلة”.
وقال عبد النور ل”المدن”: “لقد خبرنا بشكل جيد هؤلاء القادة الذين يظن كل منهم أنه يجب أن يكون المسيطر الوحيد، ورغم أن المبادرة لا تلزمهم بأكثر من توحيد الموارد المالية التي هي ملك الشعب، إلا أنهم حتى على هذه النقطة لا يبدو أنهم سجتمعون، بدليل ما حصل داخل الفيلق الثاني الذي انقسم على الفور، وأحد أسباب هذا الانقسام هو الرغبة في الاستئثار بأكبر حصة من الدخل”.
عبد النور الذي أكد أن مجرد تضمين المبادرة نقطة القيادة الموحدة أزعج الأتراك “الذين لا يريدون أن تتوحد الفصائل بهدف المحافظة على الوضع القائم”، رأى كذلك أنه “ليس من مصلحة أنقرة أن يستقل الجيش الوطني مالياً، ما يؤدي إلى استقلال قراره السياسي والعسكري عنها”.
وأضاف “يبدو أن تركيا تفضل عدم توحد هذه الفصائل لأن ذلك يسمح لها باستمرار الهيمنة على بعضها واستخدامها كما تريد. أما الفصائل التي لا تهيمن عليها بشكل كامل، فإن تفرقها يبقي على التوازن”.
التوحد مصلحة جماعية
لكن المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة رأى أنه من المبكر الحكم بفشل المبادرة، مشيراً أن فرص نجاحها متوفرة، وأن من مصلحة الفصائل وتركيا أن يتوحد الجيش الوطني “لأن هذا يجعله أقوى”.
وقال حمادة ل”المدن”، إنه “من مصلحة تركيا أن يكون حليفها قوياً، وقوة الجيش الوطني تكون في وحدته وقدرته على إتخاذ القرار المناسب وتشكيل قيادة موحدة، وهذا ما تسعى إليه المبادرة”، مؤكداً أن التركيز الحالي على توحيد الصندوق المالي لفيالق الجيش الوطني لا يعني اهمال بقية النقاط الملحة والمطلوب معالجتها، “لكن البداية من هذه النقطة تفتح الطريق أمام بقية الإصلاحات”.
انتقادات
وكانت “المبادرة الموحدة” التي أطلقها كل من الشرعي العام لفيلق الشام عمر حذيفة وأعضاء في المجلس الإسلامي السوري ونقابة الأكاديميين السوريين الأحرار، قد واجهت انتقادات واسعة بسبب عدم تطرقها لمطالب الشارع المعارض بضرورة إصلاح المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة “التي تعاني من مشكلات أمنية وخدمية، وفشل على صعيد مؤسسات الحكم والإدارة”، بالإضافة للعمل على استعادة القرار الوطني وتشكيل قيادة مستقلة للثورة.
وبينما يقول القائمون على المبادرة إن هذه المطالب لا يمكن تحقيقها دفعة واحدة، بل تحتاج إلى عمل تدريجي، يتهمهم البعض بالتماهي مع الموقف التركي، يرى آخرون أن المبادرة جاءت لامتصاص غضب الشارع عقب إعلان تركيا عن توجهاتها الجديدة في ما يتعلق بالملف السوري، حيث خرجت مظاهرات واسعة في الشمال لرفض المصالحة مع النظام والمطالبة باستقلال قرار المعارضة عن أنقرة.
المصدر: المدن