شهدت العاصمة الفرنسية باريس محادثات فرنسية – سعودية حول الوضع اللبناني. فقد زار وفد سعودي رفيع المستوى المستشار الرئاسي الفرنسي لشوؤن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باتريك دوريل (المهتم بالملف اللبناني الى جانب الرئيس ماكرون) للتحاور حول التطورات في لبنان والاستحقاق الرئاسي.
تنبع أهمية هذه الزيارة، وهي الثالثة من نوعها خلال الفترة الأخيرة، من كونها تعكس اهتماماً سعودياً بالملف اللبناني رغم الانطباع السائد بأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان غير مهتم بالتدخل في لبنان. وهذه المحادثات هي بالتأكيد بتكليف من القيادة السعودية العليا وتظهر أن ممثلي البلدين يعملون على الملف اللبناني. وما يبدو واضحاً من خلال مواقف البلدين والموقف الأميركي أن هذه الدول تتفق على أن المرشح للرئاسة اللبنانية يجب ألّا يكون من قوى 8 آذار وأن من الضروري أن يجري الانتخاب الرئاسي في موعده من دون تأخير.
كما يبدو واضحاً للدول المتابعة للملف الرئاسي اللبناني أن “حزب الله” لن يتمكن من فرض الوزير السابق سليمان فرنجية الذي لن يتم التوافق عليه، كما أن حظوظ المرشحين الآخرين جبران باسيل وسمير جعجع معدومة، فيما حظوظ قائد الجيش جوزيف عون ما زالت واردة، إذ إن الدول الخارجية المعنية بلبنان لا ترى مانعاً في وصوله الى الرئاسة، كما أن هناك معلومات تفيد بأن “حزب الله” لن يعارض وصوله. أما في حال تعذر انتخاب أي من مرشحي الصف الأول وهم فرنجية وباسيل وجعجع والعماد عون، فالتوافق على شخصية أخرى ممكن وتكون مثلاً من العالم الاقتصادي التقني وليست محسوبة على الوسط السياسي مثل الوزير السابق جهاد أزعور أو المسؤول المصرفي الدولي سمير عساف. فليس للدول المعنية بالملف اللبناني أي تحفظ عليهما إذا كان هناك توافق على أي شخصية من هذا النوع.
وفي ما يخص باريس تؤكد المصادر الرفيعة المستوى في العاصمة الفرنسية أن ليس لديها أي مرشح وكل المعلومات عن لائحة أسماء سلمتها السفيرة الفرنسية آن غريو الى البطريرك بشارة الراعي هي اختراعات لا أساس لها كلياً وأن المسوؤلين الفرنسيين لن يخوضوا في لعبة الأسماء وكل ما يرد من إشاعات عن لسان فرنسيين لا يمثل حقيقة الموقف الرسمي الذي كل ما يهتم به أن يتم انتخاب رئيس وتشكل حكومة تقوم بالإصلاحات. فبالنسبة الى باريس من الضروري جداً للبنان أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية وأن تشكل حكومة جديدة منبثقة من نتائج الانتخابات التشريعية ورئيس حكومة يتمكن من القيام بالإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي التي هي ضرورية.
وترى الأوساط المسوؤلة في باريس أن أهم ما ينبغي التقدم به الإصلاحات ومن أهمها إعادة هيكلة النظام المصرفي الذي عجزت الحكومة الحالية أن تنفذه كما السرية المصرفية حيث هناك مصالح لمختلف المسوؤلين الذين يعيقون هذا الإصلاح وإعادة توحيد أسعار الصرف. وهذه إصلاحات أساسية لم تنفذ بسبب مصالح معينة ومختلفة تعيقه ولكن باريس وواشنطن والرياض ستضغط على المسؤولين اللبنانيين لتنفيذها.
وبالنسبة الى ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان فباريس تحث الأطراف على السرعة في إتمام الاتفاق، علماً أن إسرائيل، بحسب باريس، وافقت على أن يتم التنقيب اللبناني في قانا ويبقى كاريش لإسرائيل. ويؤكد المسوؤلون في باريس ما سمعه “النهار العربي” من مصدر رفيع المستوى في شركة “توتال” من أن الشركة جاهزة للتنقيب في البلوك 9 عندما تكون هناك ضمانات أمنية تعطى من الجهتين الإسرائيلية واللبنانية بأن اعمال التنقيب لن تتعرض الى أي عمل تخريبي لأن الشركة غير مستعدة لاستثمار مليارات الدولار لنقل المنصة وإنشاء البنية التحتية لأعمال التنقيب والاستكشاف وأن تدمر بعمل تخريبي.
المصدر: النهار العربي