لا تزال السلطات الجزائرية تتعاطى مع انعقاد القمة العربية المقررة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل على أنه أمر حتمي، على الرغم من أن الكلام عن احتمال تأجيلها، على غرار ما حصل مع نسختي 2020 و2021، أصبح منتشراً إعلامياً وفي الدوائر الدبلوماسية للدول العربية المعنية.
صعوبة عقد القمة
والكلام عن احتمال التأجيل يزداد هذه الأيام في أوساط دبلوماسيين مصريين، تحدث منهما اثنان إلى “العربي الجديد” عن توافق في الرأي بين المسؤولين المصريين وآخرين خليجيين، بشأن صعوبة عقد القمة المؤجلة في ظل الظروف العربية والإقليمية الراهنة.
مع العلم أنه سبق للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن أعلن في مارس/ آذار الماضي موافقة وزراء الخارجية العرب بالإجماع على عقد القمة.
ومن بين أسباب التردد الخليجي، بحسب ما يروي أحد الدبلوماسيين المصريين، “مواقف الجزائر تجاه إيران طوال الفترة الماضية” والتي ظلت بعيدة في علاقاتها مع إيران عن التوتر الذي يربط الأخيرة ببعض البلدان الخليجية.
من جانبه، قال دبلوماسي مصري آخر إن “إصرار الجزائر على توسيع العلاقات بينها وبين إثيوبيا، وفتح مجالات وآفاق جديدة للحكومة الإثيوبية تتحرك من خلالها، من دون مراعاة للأزمة بين القاهرة وأديس أبابا، أدى أخيراً إلى حالة من الجفاء في العلاقات” بين القاهرة والجزائر.
ولفت إلى أن الجزائر “وقعت أخيراً مجموعة من الاتفاقيات مع إثيوبيا، اعتبرتها القيادة السياسية المصرية بمثابة عدم مراعاة لأبعاد العلاقات بين البلدين، في وقت كانت مصر بدأت في تجاوز خطوة استبعادها من التحالف الأفريقي الذي
وشهد الاثنين الماضي زيارة رسمية مفاجئة لرئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد إلى الجزائر، جاءت في سياق تقارب لافت بين البلدين في الفترة الأخيرة، تحديداً في مسائل التنسيق المتعلقة بالقارة الأفريقية. وتعتبر هذه الزيارة الثانية لمسؤول إثيوبي رفيع إلى الجزائر في أقل من شهرين، بعد زيارة الرئيسة الإثيوبية، ساهل وورك زودي، الجزائر تلبية لدعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لحضور احتفالات الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر، في 5 يوليو/ تموز الماضي، وهي الزيارة التي جرى خلالها التوافق بين الطرفين على فتح خط جوي مباشر بين البلدين.
ويعتبر الدبلوماسي المصري نفسه أن “العلاقات بين مصر والجزائر بدأت تسير بمنعطف جديد نحو الخلاف لأن القاهرة تعتبر أن مسار العلاقات الجزائرية الإثيوبية في الوقت الراهن يعد بمثابة تحالف يتعارض مع المصالح المصرية، وهو أمر مستغرب من جانب مصر”.
وكانت الجزائر قد أعلنت في إبريل/ نيسان الماضي عن توجهها نحو ما يشبه التحالف مع إثيوبيا في ما يتعلق بالخلاف الإقليمي حول الموارد المائية المرتبطة بنهر النيل، بعد التقارب المغربي – المصري الأخير. واستقبل وزير الموارد المائية الجزائري مصطفى كامل ميهوبي السفير الإثيوبي نيبيات غيتاتشو، لمناقشة “سبل تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين في مجال الموارد المائية”.
وعبّر له عن “تقديره الكامل لحق إثيوبيا في تنمية مواردها الطبيعية”، وجدد الوزير “التزام الجزائر الكامل بمشاركة خبراتها في حماية موارد إثيوبيا المائية”، وذلك خلال المحادثات التي انصبت على تفاصيل عملية البناء والمفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي. كما التزمت الجزائر بالعمل مع إثيوبيا “بخصوص قدرات الإدارة والحماية لمواردها المائية، وتسهيل الاتصالات والشراكات والتعاون بين الوكالات المعنية المسؤولة عن الموارد المائية”.
مصر وقضية الصحراء
مع العلم أن مصر التزمت بعدم الانحياز لطرف دون آخر في الخلاف القائم بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء، على الرغم من تأكيد المغرب دعمه الكامل لمصر في أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، على عكس الموقف الجزائري الذي جاء منحازاً لأديس أبابا. وبناءً على هذا التباعد المصري – الجزائري، يتوقع الدبلوماسي المصري أن يكون ذلك سبباً إضافياً ربما لتفضيل مصر تأجيل قمة نوفمبر.
وفي الأسباب الموضوعية التي ترجح بالنسبة للبعض تأجيلاً ثالثاً للقمة أن القضايا التي من المقرر طرحها، أغلبها لم يتم حسم أمرها بين كافة القوى العربية المؤثرة في القرار العربي، مثل ملف عودة سورية على سبيل المثال، وهو ما يُرجح أن تكون القمة، في حال عُقدت في هذه الظروف، استعراضية، وهو “ما لا ترغب بعض العواصم العربية إعطاء شرفه للجزائر”.
المصدر: العربي الجديد