ماذا لو نعرف أن أمين معلوف لبناني المولد وفرنسي الإقامة هل كنا سنعرف أن أحداث الرواية تحصل في لبنان بعد الحرب الاهليه الطاحنه ومافعلته بالناس التي عاشت بدايات الحرب وخياراتهم بالتعامل معها.
قرأتها بروية وهدوء وفي بعض المقاطع كنت اضحك وابكي وكأنها تدور على شخصيات اعرفها وخيارات اتخذوها بعد بدء الثورة السورية وتحولها الى ساحة حرب وتواجد جيوش اربع دول اجنبيه في الوقت الذي لاتعترف ايا منها انها دولة احتلال اضافة الى عدم اعتراف رئيس الجمهورية انه رئيس لدولة ممزقه ومحتله ومعارضه مرتهنه مأجورة ولاتزال تؤدي دورها الكومبارس وكأنها في نومة اهل الكهف.
توقفت كثيرا عند مقطع يقول فيه آدم البطل الرئيسي في الرواية واحسست انه امين معلوف يتحدث بلسانه.
…. ماهو السبب الحقيقي لعودتي الى هذا البلد الحبيب الذي اخشى كتابة اسمه مثلما تخشى تانيا لفظ اسم الراحل الذي اصبحت الآن ارملته….
في الرواية يذكر اسماء كل البلاد التي هاجر اليها الاصدقاء وبقيت لبنان دون ذكر رغم ان كل الاوصاف واضحة انها هي.
انه رمز واضح ينسجم مع عنوان الرواية التائهون.
والتائه حالة شعورية وفكريه وتأخذ اشكالا متنوعه حسب طبيعة الشخص وعلاقته ببلده وذكرياته وقلقه على حاضره ومآلات مستقبله…
ليست المرة الاولى التي اقرأ بها هذه الرواية.
لكن واقع التهجير القسري الذي اعيشه حالة الفقد العام(البلد بكل مافيه من ناس وامكنه) والفقد الخاص(وفاة تيسير وبقائي وحيدة) جعلني اقرأ الرواية وكأن احداثها تحكي سورية وماحصل ويحصل…
غضبي وخوفي يجعلني اكرر سورية كثيرا في حين ان غضبه منعه من ذكرها واشار اليها من خلال وصف الامكنه.
وكما قلت هي حالة مفهومة جدا حين عبر عنها بالمقطع الصغير الذي اشرت اليه
وتوقفت ايضا عند مقطع .. في بلداننا تقوم الثورات باسم الشعب ويجد الشعب نفسه مطرودا مرميا على الطرقات…..
لايزال الواقع ان الشعب مرميا هنا وهناك ويظل يبحث عن الحل لانه وحده من يعاني ويدفع الثمن…
وفي مقطع آخر استوقفني ماقاله اعلن مؤرخ
….. لقد كان القرن العشرون قرن الفظائع العلمانيه وسيكون القرن الحادي والعشرون قرن العودة الى القمع….
هل هو تنبؤ؟؟؟
الم يكن ماحصل في التعامل مع الكورونا هو تجربة قمع عالميه لكل شعوب العالم بطريقة لاتخطر ببال ايا من الشعوب سواء تلك التي تعيش ازدهارا معاشيا او تلك المطحونة والمقهورة بمشاكلها والتي تبدو عصية على الحل…
التائهون…
تحكي حكايتنا في الوطن العربي.
في الاوطان المقهورة المطحونة.
انها حكايتنا السورية وقبلها كانت لبنانيه.. عراقيه.. فلسطينية….
المصدر: صفحة ندى الخش