رفعت وزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام السوري سعر البنزين المدعوم بنحو 130 في المئة بالتزامن مع تراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة ليسجل نحو 4200 ليرة مقابل الدولار، ما أدى لارتفاع الأسعار وشح في معروض المحروقات وانقطاع مستمر للتيار الكهربائي والماء.
وفي وقت متأخر من مساء السبت نشرت وكالة أنباء النظام الرسمية “سانا” قرار الوزارة، الذي نص على رفع سعر ليتر البنزين 90 أوكتان المدعوم من 1100 ليرة إلى 2500 ليرة (نحو 130%)، وليتر البنزين 90 أوكتان غير المدعوم من 3500 إلى 4000 ليرة (نحو 15%)، وليتر البنزين 95 أوكتان غير المدعوم من 4000 إلى 4500 ليرة (نحو 12.5%).
وبررت الوزارة القرار “بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط وضماناً لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها”. وتعتبر هذه المرة الثالثة التي يرفع فيها نظام الأسد أسعار المحروقات خلال 2022، وكان آخرها زيادة سعر ليتر البنزين المدعوم في شهر أيار الماضي من 750 ليرة إلى 1100 ليرة.
استكمال خطوات الرفع الكلي للدعم في سوريا
وقرأ المحلل الاقتصادي بسام دحدل، قرار وزارة التجارة الداخلية الجديد بأن النظام يريد أن يلغي الفجوة بين السعر المدعوم وغير المدعوم، “أي بمعنى أوضح إلغاء كلي للدعم، وكان النظام اتخذ خطوة سابقة وبدأ بيع الخبز بالسعر الحر قبل قطاع المحروقات، كل هذه المؤشرات تؤكد أن النظام يتجه لإلغاء الدعم نهائيا عن سلة السلع الرئيسية”.
وأكد دحدل لموقع تلفزيون سوريا أن النظام سيلجأ إلى “نظام جباية صرف” يهدف لامتصاص كل الكتلة النقدية التي تصل إلى المواطنين عبر الحوالات المالية من الخارج، وأن تصريح وزير التجارة الداخلية لإحدى الإذاعات المحلية “شام إف إم” صباح الأحد، بأن رفع الأسعار جاء تماشيا مع ارتفاع سعر النفط العالمي لا يمت للواقع بصلة وغير صحيح لأن قرار الرفع تزامن مع تراجع أسعار النفط العالمية لأول مرة إلى أقل من مستوياتها قبل أن تشن روسيا عدوانها ضد أوكرانيا وأنه حاليا عند حدود الـ94 دولارا للبرميل الواحد، في حين كانت قبل الحرب الروسية 96 دولارا.
وأكد دحدل أن قرارات رفع أسعار المحروقات ستظهر نتائجها بشكل مباشر على حياة الناس اليومية لا سيما في المواصلات العامة والشلل الذي سيصيب هذا القطاع نتيجة إحجام أصحاب المركبات عن العمل دون تعديل أجور النقل.
ورصد موقع تلفزيون سوريا ردود الفعل الغاضبة في صفحات مؤيدة للنظام، حتى أن الفنان الموالي للنظام أيمن زيدان أبدى امتعاضه من قرارات حكومة النظام لتأتي تعليقات عديدة على منشوره تؤيد ما ذهب إليه من أن “عشق الوطن أصبح مرهقا”، دون أن يميز بين “الوطن” والنظام” الذي جلب كل الويلات للوطن لكنه مستمر بتأييده.
أجور التكاسي في دمشق
ووفقا لمواقع التواصل الاجتماعي فإن أجور “توصيلة” تكاسي الأجرة باتت تبدأ من 5000 ليرة لمسافة قصيرة جداً، معللين الأسعار الجديدة بأنهم يشترون البنزين بالسعر الجديد، وبات الضغط أكبر على السرافيس التي ازدحمت أكثر من قبل.
ولفت دحدل إلى أن حدة الفقر سوف تزداد في سوريا، لأن رفع الدعم لا يتناسب إطلاقا مع تدني الأجور وضعف القوة الشرائية لليرة السورية، وأن حكومة النظام بدأت منذ شباط الماضي، بتطبيق قرار رفع الدعم عن المواد الأساسية على رأسها المحروقات والغاز والخبز ومواد غذائية أخرى أساسية، واستبعاد فئات محددة من الدعم، بحجة “إيصاله إلى مستحقيه من الشرائح الأكثر احتياجاً في المجتمع ومنع استغلاله وإيقاف الهدر”، وأن الحجج نفسها يسوقها النظام مع كل قرار لا يأخذ مصلحة المواطن في الاعتبار.
وختم دحدل كلامه بأن النظام لا يزال يرى بأن السوريين عموما ودمشق تحديدا يعيشون حالة من الثراء، حيث نشرت صحيفة محلية موالية لنظام الأسد في حزيران الماضي تصريحات منسوبة لخبير اقتصادي قالت إنه اعتبر أن “غالبية سكان دمشق يعيشون برفاهية”، في تناغم واضح مع منظور النظام الذي يدعي بأن “سوريا بخير، ودخلت مرحلة التعافي” وأنه “لا يوجد فقير في دمشق”.
الجدير بالذكر أن وحدة الاستخبارات الخاصة بمجلة إيكونوميست نشرت تقريرها السنوي حزيران الماضي عن أكثر مدن العالم ملاءمة للعيش، وحصدت العاصمة السورية دمشق المرتبة الأخيرة التي حافظت على مكانتها باعتبارها أقل المدن ملائمة للعيش على هذا الكوكب، فيما عادت العاصمة النمساوية فيينا لتصبح المدينة الأكثر ملاءمة للعيش في العالم
وكشف موقع numbeo المتخصص بالإحصائيات، عن أكثر وأقل الدول معدلات الجريمة في الدول العالمية لعام 2022، وكانت سوريا في المرتبة الأولى عربياً والعاشرة عالمياً.
المصدر: تلفزيون سورية