متى ستعود للعيد بهجته في بلادنا

محمد عمر كرداس

           عيد بأية حال عدت ياعيد __ بمامضى أم بأمر فيك تجديد

            أما الأحبة  فالبيداء دونهم ___  فليت بينك بيد دونها بيد

بيتان من الشعر للشاعر العربي الكبير أبي الطيب المتنبي قالهما في بداية قصيدة طويلة كأنهما قيلا ليصورا حالتنا التي نعيشها اليوم وقد عاشها الشاعر وعاشتها الأمة في ظل القهر والظلم والاستبداد المستمر منذ مئات السنين عدا عن فرجات نعمت فيها الأمة بالراحة والأمان، ونحن في سورية وفي ظل سلطة الظلم والقهر والفساد والاستبداد ومنذ أكثر من نصف قرن لانعرف طعمًا للعيد كما كان، فالعيد فرح للأطفال لايساويه فرح دون أن يعلموا شيئًا عنه، إلاّ أنه الملابس الجديدة والمأكولات اللذيذة والألعاب التي تدخل البسمة والفرحة إلى قلوب الأهل قبل الأطفال بفرح أطفالهم وسرورهم، فالعيد عند الأطفال يمتد منذ شراء الملابس الجديدة التي يحتفظ بها حتى يوم العيد إلى أيام العيد ولامانع من تمديده يومًا كانوا يسمونه جحش العيد وهو الحيوان الصابر الذي سيزيل آثار العيد ويرحلها حتى العيد القادم. أما العيد أو الأعياد عند الكبار  فهي تتنوع بين أعياد دينية وغير دينية، وإذا كنا هنا نخط هذه السطور بمناسبة عيد الفطر السعيد وهو أحد عيدين دينيين عند المسلمين فلا ننسى إخوان لنا في الوطن من المسيحيين التي تأتي أعيادهم أيضًا في هذه الفترة فعيد مبارك لهم ولأمتنا  آملين أن يكون بشرى خير على هذه الأمة لتتخلص من طغاتها ومفسديها الذين دمروا حياتها وجعلوها جحيمًا مقابل سلطة لاتدوم وزعامة تزول بزوالهم.

نحن المسلمون نحتفل بعيد الفطر الذي يأتي بعد صيام شهر رمضان شهر التراحم والمودة والصدقات ليكون صلة للرحم وفرحة للجميع وغالبا يكون تعزيزًا لصلة الرحم ولقاء الأصدقاء، ونحتفل أيضًا بعيد الأضحى والذي يأتي بعد فريضة الحج وبعد المناسك الأساسية لتكون الضحية أيضًا من الأركان والتي وجدت للتواصل ولإطعام من ليس بقادر ماليًا.

الأعياد جاءت للفرح ولكننا في سورية وفي الكثير من الدول العربية والإسلامية تصبح يومًا بعد يوم غير ذات معنى نتيجة القهر والظلم والحروب في اليمن ولبنان والعراق والقائمة تطول، ولم يحسب الكثير منا أن يعيش لهذ الزمن الذي لخصه أيضًا المتنبي في بيت من أبيات قصيدته العصماء عندما قال:

ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن __ يسئ بي فيه كلب وهو محمود

هذا هو زماننا تمامًا أمام أعين مجتمع دولي يناصر الظالم ويميز بعنصرية بين إنسان وآخر حتى في اللجوء وفي المساعدات الأساسية التي لايستغنى عنها في الحياة.

نظام السفاح في سورية وحلفاؤه من المجرمين من إيرانيين وأذنابهم وروس ومرتزقتهم لم يكتفوا بكل هذه السنوات ولم يشبعوا من دماء السوريين فهاهم يستمرون بالقتل والتدمير  يوميًا مع صيحات هنا وهناك لعودة اللاجئين إلى بلدهم الذي يعتبرونه آمًنا وهذا يعني أول مايعنيه تسليمهم للسفاح ليكمل بهم ما بدأه مع مئات آلاف السوريين خلال عشر سنوات مضت من قتل واعتقال وإخفاء، فعلى من ينادي بعودة اللاجئين أولًا أن يطبق قرار مجلس الأمن الدولي الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية تقصي نظام الفساد والتسلط وإقامة نظام وطني أولًا حيث سورية الآن تخضع لاحتلالات متعددة على رأسها النظام الذي أصبح نظامًا غريبًا عن بلده ويحتل كما الباقين جزءً من الوطن يعاني فيه المواطن شتى أنواع القهر والظلم والجوع وفقدان الأمن والأمان.

    الفقر الذي يعاني منه الشعب السوري بكافة فئاته عدا شرذمة النظام وأزلامه في الوطن والمنافي وحال البلد الذي وصل إليه في ظل التدمير والنهب والفساد لن تكون أبدًا بلدًا آمنًا إلاّ بوقوف المجتمع الدولي ومن يدعون أنهم أصدقاء سورية بحزم لتطبيق القرارات الدولية التي وحدها تمهد لعودة من نزح ومن هجر وغيب عن بلده ولا ننسى المعتقلين الذين يجب أن يكون ملفهم هم والمختفون والذين استشهدوا في معتقلات النظام أول الملفات الذي يجب أن ننتهي منها إلى الأبد.

في هذه الحال سيعود للعيد معناه وستكون لنا أعياد وأفراح بعد نصف قرن من تغييب الأعياد والبشر ومقادير الأمة فإلى هذا الحين نحن منتظرون ونتمنى أن يكون، إن  غدًا لناظره قريب.

بارك الله بسورية الحرة الأبية وبأعيادها الجميلة وأعان شعبها وخلصها من زمرة المافيات المتحكمة فيها لتعود منارة لشعبها والمنطقة العربية.

المصدر: اشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى