أعدت شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، دراسة حول الأوضاع في سوريا، طرحت على هيئة رئاسة الأركان مؤخراً، حذرت من «استيطان إيراني زاحف ونشر واسع لأفكار المذهب الشيعي والعلوي». وقالت إن هذا «الاستيطان» يقترب من حدود إسرائيل في الجزء الشرقي من الجولان.
وحسب هذه الدراسة، من أن هذا التطور يشكل «أرضية خصبة وبيئة دافئة حميمة لنشاط (حزب الله) اللبناني وغيره من الميليشيات الإيرانية. فالإيرانيون يستغلون ضائقة السكان وفرار الكثيرين منهم ويستوطنون في البيوت المهجورة ويرفضون في كثير من الأحيان إعادتها ويمارسون الضغوط عليهم لتغيير المذهب السني ويجندون شبانهم إلى الميليشيات».
وأضافت أن هذه التطورات، تجري في كل أنحاء سوريا و«بدأت تحدث تغييرات ديمغرافية كبيرة. فعندما كان عدد سكان سوريا 21 مليون نسمة قبل الحرب الأهلية في عام 2011. كانت نسبة السنة 59 في المائة والعلويين 11 في المائة والشيعة 4 في المائة. وأما اليوم فعدد السكان على الأرض السورية التي يسيطر فيها نظام بشار الأسد، وتبلغ 60 في المائة من البلاد، لا يزيد عدد السكان عن 10 ملايين ويشكل العلويون منهم نحو 30 في المائة والشيعة 10 في المائة. فإذا كانت نسبة الشيعة والعلويين معاً 15 في المائة في الماضي تصبح نسبتهما اليوم 40 في المائة».
وتقول الدراسة الإسرائيلية إن الرئيس بشار الأسد، «يسيطر اليوم على 60 في المائة من أراضي سوريا، في حين تسيطر على البقية تركيا والأكراد المدعومون من الولايات المتحدة ومن تبقى من المتمردين في إدلب. وأن التغيير الديمغرافي بات عقبة أمام الاستقرار الطبيعي للبلد، حيث إن هناك تذمراً شديداً من النشاط الإيراني».
وأشارت الدراسة إلى بلدات سورية تعاني بوجه خاص من هذا التغيير، مثل قرفة والسيدة زينب وسعسع. ويخشى أهالي البلدات القريبة من خط وقف النار مع إسرائيل، ما بين الهضبة المحتلة من الجولان وبين الجهة الشرقية منه، أن يصبحوا في خط النار في حال تدهورت الأوضاع الأمنية مع إسرائيل. وهم يرون أن النظام السوري لا يوفر لهم الحماية من هذه السيطرة. وفي بعض المواقع، مثل البلدات الدرزية، هناك توتر داخلي ينذر بحرب أهلية أخرى في المنطقة. وتقول إن الأسد نفسه صار يضج ويتذمر من هذا الوضع، ويرى فيه «عقبة كأداء» أمام عودة سيطرته على البلاد.
وتتحدث الدراسة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سوريا، وتقول إن السكان عبروا الشتاء بأعجوبة، إذ لم تتوفر لهم حماية من الأمراض ولا حماية من الضيوف الجدد ولا حماية من الفقر. والتجربة في لبنان تدل على أن «حزب الله» يعرف كيف يستغل ضائقة الناس لتجنيدهم إلى حروبه. وعندما رأت إيران أن سيطرتها العسكرية في سوريا تواجه بحرب مدمرة من إسرائيل، خفضت وجودها إلى الحد الأدنى ولجأت إلى وسيلة جديدة هي هذا الاستيطان الشيعي.
المصدر: الشرق الأوسط