الخميس 17/ آذار/ 2021: نظَّمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان فعالية بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الحراك الشعبي في سوريا تحت عنوان “البحث عن الأمان: التشريد القسري في النزاع السوري” بمشاركة السيد إيثان جولدريتش، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، والسيد راس شيبل، مساعد نائب وزير الخارجية بالنيابة لمكتب السكان واللاجئين والهجرة في وزارة الخارجية الأمريكية، والسفير روبرت رودي، سفير المفاوضات حول سوريا ورئيس قسم سوريا والعراق ولبنان واستراتيجية مكافحة داعش في وزارة الخارجية الاتحادية الألمانية، والسيد جوناثان هارجريفز، الممثل الخاص للمملكة المتحدة إلى سوريا والسفيرة بريجيت كورمي، مبعوثة فرنسا الخاصة بشأن سوريا، والسيدة بتول حذيفة، ناجية من مجزرة البيضا ومهجرة قسرياً، ونادية هاردمان، باحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة هيومن رايتس ووتش، والسيد فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان. أدارت الجلسة السيدة نعومي كيكولر، مديرة مركز سيمون سكجوت لمنع الإبادة الجماعية التابع لـمتحف الولايات المتحدة لإحياء ذكرى المحرقة، وتمَّ بث الفعالية عبر منصة زوم وصفحات التواصل الاجتماعي.
افتتح السيد فضل عبد الغني الجلسة مرحباً بممثلي الدول والمشاركين، ومن ثم نقل الكلمة إلى مديرة الجلسة نعومي كيكولر، التي بدأت بالتذكير باستمرار معاناة الشعب السوري من الجرائم ضد الإنسانية على يد النظام السوري مشيرة إلى وجود أكثر من 6 ملايين نازح داخلياً، وذكرت “نشعر بالخجل والعار لإخفاقاتنا حتى الآن ومازالت هذه الجرائم تقع أمام أعيننا” وأضافت: “المدنيون لا يزالون يعانون من جرائم جماعية ترتكبها القوات الحكومية وتمكنهم من القيام بها إيران وروسيا، ولا يزال كثيرون يقبعون في السجون والمعتقلات، وهذا أحد أهم أسباب عدم قدرة اللاجئين على العودة إلى بلادهم”.
نقلت السيدة نعومي الكلمة إلى السيد إيثان جولدريتش الذي بدأ بشكر الشبكة السورية لحقوق الإنسان على تنظيم الفعالية وأكَّد على أهمية عملها ومنظمات المجمتع المدني في توثيق الانتهاكات العديدة والجسيمة المرتكبة في سوريا من أجل محاسبة مرتكبي الانتهاكات جميعاً وأبرزهم النظام السوري، وقال جولدريتش “الثلاثاء المنصرم كانت ذكرى مرور 11 عاماً منذ أن خرج الشعب السوري في مظاهرات سلمية شجاعة للمطالبة بالحرية والإصلاح السياسي وإنهاء انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان وكان الرد من نظام الأسد بارتكاب جرائم فظيعة بعضها يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب”. وأكد أن “على النظام السوري وحليفيه الإيراني والروسي إيقاف العمليات العدائية ضد الشعب السوري التي تضمنَّت استهداف أماكن تجمع المدنيين والمدارس والمشافي التي كان بعضها مدرج ضمن الآلية الإنسانية لتجنب النزاع”. وأضاف “إدارة بايدن جعلت من أولوياتها تحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم المرتكبة ضد جميع السوريين. ويجب محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات” وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستواصل استخدام العقوبات بما في ذلك قانون قيصر للضغط من أجل محاسبة بشار الأسد ونظامه والجناة الآخرين.
ذكَّر السيد راس شيبل في كلمته أن الشعب السوري انتفض سلمياً للمطالبة باحترام حقوقه، وكابد السوريون لحماية مجتمعاتهم من وحشية نظام الأسد، وأشار إلى كارثية الوضع الإنساني وتراجع المستوى المعيشي في سوريا “أصبحت الحاجة إلى المساعدة الإنسانية أكبر من أي وقت مضى حيث لا يستطيع أزيد من نصف السكان إطعام أسرهم، وثلثهم نازحون داخلياً، معظمهم نزحوا أزيد من مرة”. وأضاف: “فقط نصف مرافق الرعاية الصحية في جميع أنحاء سوريا تعمل بشكل جزئي”، واستطرد السيد شيبل: “أزيد من 6.6 مليون سوري لجؤوا إلى خارج سوريا في أكبر أزمة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية”. وأردفَ “في لبنان، تعيش 9 من كل 10 أسر سورية لاجئة في فقر مدقع، ويعتمد 83 % من اللاجئين في الأردن على مساعدات برنامج الغذاء العالمي لتلبية احتياجاتهم الأساسية”. وأكَّد على أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة الطوعية للاجئين.
قالت السفيرة بريجيت كورمي، أنَّ “النظام السوري يمارس ضغوطاً شديدة على النازحين في المناطق الخارجة عن سيطرته من خلال منع إيصال المساعدات الإنسانية إليهم، حيث جرت عمليتان فقط عبر خطوط التماس من مناطق النظام باتجاه الشمال الغربي. ومن الواضح أن المساعدات الإنسانية بالكاد تصل إلى الشمال الشرقي. ويجب أن يظل المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في حالة استنفار كبير من خلال الدعوة لحماية هذا الشخص النازح واحترام حقوق الإنسان الأساسية الخاصة به” وأكَّد البيان على أنه “من المهم إبقاء هذه القضية على رأس جدول الأعمال والتأكد من أن أي تقدم نحو حلٍّ سياسي يشمل على النحو الواجب مستقبل 6.7 مليون نازح”.
السفير روبرت رودي أكَّد في كلمته على أن الوقت لم يحن بعد للتطبيع مع النظام السوري، وجاء في كلمته “إننا ما زلنا قلقون للغاية بشأن مظاهر التطبيع المبكرة، يبدو جلياً أن الوقت لم يحن بعد لإعادة تأهيل الأسد دون أي مقابل، وقد أعاد الاتحاد الأوروبي التأكيد على وحدة الموقف بشأن هذا في كانون الثاني، ونعتقد أن جهود السلام في سوريا يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع المساءلة” مؤكداً فيما يخص ذلك على أن “هذه قضية ذات أولوية بالنسبة لحكومتنا، واسمحوا لي أن أكون أؤكد بشكل واضح على أن المساءلة غير قابلة للتفاوض ولا يمكن أن تكون جزءاً من المفاوضات”. وأضاف “النظام السوري مسؤول عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ولا يزال السكان المدنيون عرضةً لهجمات عشوائية واسعة النطاق ومنهجية قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
تضمنَّت الفعالية مشاركة للسيدة بتول حذيفة، وهي ناجية من مجزرة البيضا ومهجرة قسرياً، والتي تحدثت عن بعض ما تعرضت له أو شهدته من انتهاكات، تقول السيدة بتول “في 2/ أيار/ 2013 شهدت مدينتي بانياس وقرية البيضا مجزرة مروعة، بلغت حصيلة ضحاياها نحو 800 شهيد، لم توثق الإحصائيات إلا قرابة 456 منهم؛ لأن النظام السوري حاول إخفاء هويات الضحايا، عبر حرق الجثث وتشويهها والتمثيل بها.” أضافت: “انتقلت أنا وابني إلى مدينة أنطاكيا في تركيا وبقي زوجي في الداخل السوري ليساعد النازحين، وفي تلك الحقبة وصَلنا خبر موت أخوَي رشاد وبشير تحت التعذيب في سجون النظام السوري”. واستطردت: “بعد مدة انتقلت مع زوجي إلى إسطنبول، وفي ذلك الوقت وصلنا خبر غريب عن أن بيتنا في دمشق تم بيعه بأوراق مزورة من قبل محامين تابعين للنظام السوري، وقبل أشهر قليلة وصلتنا أخبار عن بيع بيتنا في بانياس بالطريقة ذاتها”. تحدثت بتول أيضاً أنها ما زالت تعاني في بلد اللجوء من انتهاكات النظام السوري “أردت أن أتقدم هنا للدراسة بهدف الحصول على درجة الماجستير، لكني لم أتمكن من الحصول على الأوراق الرسمية التي تخصني من جامعة دمشق، فقد كان رد المسؤولين هناك على من ذهب وطلب أوراقي، أنه لا يمكن استخراج أوراق لهذا الاسم من دون موافقة أمنية. والأسوء من ذلك أنني لا أستطيع التواصل مع أقربائي في سوريا، لأنَّ مجرد الحديث معي يشكل خطراً على حياتهم”. لفتت السيدة بتول إلى أن قصتها مشابهة لقصص كثيرين من السوريين، وقالت أخيراً “جميعنا نرغب بالعودة إلى وطننا وإلى منازلنا، لكنَّ هذا محالٌ مع وجود نظام يقتل ويشرد ويعذب ويحرمنا من أبسط الحقوق الأساسية، بل ويسرق ممتلكاتنا”.
كانت بعد ذلك كلمة السيد جوناثان هارجريفز مبعوث المملكة المتحدة إلى سوريا، الذي أشار إلى أهمية الاستماع إلى قصص الناجين والضحايا، وأكَّد أنَّ المملكة المتحدة تقف وراء التزاماتها فيما يخص المساعدات الإنسانية “بالطبع نحن نلتزم مرة أخرى ببذل كل ما في وسعنا للتأكد من أن الأمم المتحدة يمكن أن تستمر في قيادة عمل الدعم الإنساني عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا، حيث يعيش الكثير من النازحين داخلياً. ومع زملائنا، في مجلس الأمن وتركيا، سنواصل بذل كل ما في وسعنا للتأكد من تمرير قرار من هذا النوع، ويمكننا مواصلة العمل عبر الحدود وكذلك عبر خطوط التماس قدر الإمكان في المستقبل.”
وقالت السيدة نادية هاردمان الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة هيومن رايتس ووتش إنه لا ينبغي إجبار الناس على العودة إلى بلد لا تضمن لهم حياة كريمة مشيرة إلى أنَّ ما تم توثيقه في تقرير المنظمة الصادر تحت عنوان “حياة أشبه الموت”، يؤكد على أنَّ اللاجئين لا يرغبون في العودة، مؤكدة على أن السلامة والأمن لا يزالان السببين الرئيسين لعدم رغبة السوريين في العودة إلى سوريا. وأوضحت السيدة نادية: “النتائج الرئيسية التي توصلنا إليها هي أن من عاد من اللاجئين إلى سوريا اتخذَ قرار العودة على أساس معلومات خاطئة أو معلومات لا تعكس الواقع على الأرض. كل من تحدثنا إليهم عادوا إلى مناطق سيطرة الحكومة، قررنا عدم التوزيع في تقاريرنا، لنقول إن هذا ما يحدث إذا عدت إلى حمص، أو هذا ما يحدث إذا عدت إلى دمشق، لأن ذلك يلعب دوراً في تقسيم أجزاء من سوريا للإعلان عن سلامتها، وهذا ما نريد حقاً الابتعاد عنه”.
واختتم الأستاذ فضل عبد الغني الفعالية بالتأكيد على أن الانتهاكات والفظائع ما زالت ترتكب في سوريا حتى هذه اللحظة، وهي في تزايد وليس نقصان، مما يعني توليد مزيد من المشردين قسرياً، وأكَّد على أن هذه الانتهاكات المستمرة منذ أحد عشر عاماً وبشكل خاص انتهاكات النظام السوري وحليفيه الإيراني والروسي وراء تشريد قرابة 14 مليون شخص، وشدَّد على أهمية أن يكون هناك تحرك لمنع تدخل روسيا واستخدامها الفيتو في مجلس الأمن ضد مشاريع القرارات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، وأضاف عبد الغني “يجب زيادة دعم النازحين قسراً داخل سوريا وخاصة النساء والأطفال في المخيمات، بسبب استمرار نزوح المزيد من السوريين من مناطق سيطرة النظام السوري، والعمل على إدخال مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود” وأضاف: “يجب بذل جهود جدية لتحقيق انتقال سياسي نحو الديمقراطية، لأنه عندها فقط سوف يتمكن ملايين النازحين واللاجئين من العودة بكرامة وحرية إلى منازلهم”.
حظي الحدث باهتمام وتغطية العديد من وسائل الإعلام والمواقع الصحفية، وبالإمكان حضور الحدث كاملاً عبر قناتنا على اليوتيوب على الرابط التالي، أو عبر صفحتنا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك .
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان