السيد قيصر روسيا المعظم، فلاديمير بوتين، ابن المستفرمة بعجم الزبيب:
فلتعلم أن لك أنصارًا في سورية، وأنّ المهاجرين الهاربين من نارك أكثر من أنصارك، وبين أنصارك من مدمني المتّة؛ شاعرًا وكاتبًا ومخبرًا وحرامية كثر، وهم من فلول لينين، مع أنك تلوم لينين ورفاقه وتتهمهم بخيانة روسيا القيصرية وتدميرها بإنشاء أوكرانيا. ولتعلم أنَّ المسألة ليست خيارًا بين نارين؛ ناري أميركا وروسيا، وقد اعترفت أميركا بقتل آلاف السوريين بسبب “أخطاء جانبية”، وسلّمت كنوز سورية لجماعة انفصالية، وهي التي وطّأت لك احتلالها، وأنكما تتعاونان علينا تعاون ذئب القيّوط وغرير العسل، وتتسابقان إلى المكارم بدعم أعداء الشعب السوري، لكني عجبتُ من وقاحتك باعترافك أنك جربت في سورية ثلاثمائة نوع من الأسلحة، يا مشية الغراب. وأريد أن أسألك، ليس عن مضاء أسلحتك وفتكها، وإنما عن جَلَد الشعب السوري، وأعترف أنك ترأف بالشعب الأوكراني، وتمنحهم الهدن، وتفتح لهم الممرّات الإنسانية، وتحاول تجنّب قصف المناطق الآهلة بالسكان، فالكاميرات تراقب وتسجّل، وأنّ ابن زبيبة ليس كابن أنيسة.
وقد أفهم أنك تقوم بحربٍ وقائية، كانت عادة أميركية عسكرية، وأنَّ حلف الناتو خان العهود، وأنك تطمح إلى روسيا القديمة القيصرية التي تمتد حدودها من ياقوتيا إلى إسطنبول، وأحاول أن أفهم لغة الأثاث، التي ابتدعها جنابك، وهم يرونك تستقبل المقرّبين والأصدقاء على طاولة قصيرة مثل عنق الخنزير، والأباعد على طاولة طويلة مثل عنق الزرافة.
ويصيبني الحرج وأنا أشاهدك تهين رئيسنا المفدّى، الذي لم تجُد الأرحام بمثله، وإهانة رئيس وزراء المانيا، ورئيس أذربيجان، وتسريب صور للإيحاء أنك أهنت رئيس تركيا. وليس من المروءة إهانة الضيف، حتى لو كان لك عدوًا، لكني أجد صعوبة في فهم أسباب إهانتك وزراءك. وأتعجّب من جعلك رئيس مخابراتك يتلعثم مثل تلميذ لم يحفظ درسه، ولتعلم أنَّ صدام حسين، بجبروته، كان يقاسم مجلس قيادة الثورة علب السيكار التي يرسلها إليه الرفيق فيدل كاسترو، وأنّ القذافي، صاحب الجماهيرية، كان يصبُّ الماء على يدي وزير خارجيته عبد الرحمن شلقم ، فعلى رِسلك يا أبيض الجاعرتين.
وأقرُّ أنك كنت أكرم مع الأوكران منك مع السوريين الذين لم يقذفوك حتى بوردة، ففعلت بهم الأفاعيل، ودمّرت مشافيهم وأسواقهم، ولم يطمعوا منك بممرّ إنساني، وتزعم إنَّ الأوكران خانوك وتتهمهم بالنازية، فأرجو منك إقناعنا بنازيتهم، اذكر أمثلةً، يا فنان الاستقبال التشكيلي، أظهر لنا صورًا للمعتقلات النازية الأوكرانية، اذكر، إن كنت شجاعا، أسماء النازيين في الحكومة الأوكرانية؟
لقد وجدت بعض السوريين الموالين لرئيسهم الذي أهنته في داره، يمحضونك الحب والإعجاب. والذي برّأ النسمة وفلق الحبَّ، لا يحبك قلبي أبدًا حتى تحبّ الأرض الدم المسفوح، ولا أظنُّ أنك منتصرٌ في حربك، لكني أقول لك وأنت تدخل التاريخ برجلك اليسار، قول رئيسنا المفدّى: توكل على الله وصحّح المسار، وأطلق الحركة التصحيحية البروتينية المباركة. وأظنك قريبًا ستضطرّ إلى استخدام الأسلحة المحرّمة، مقتديًا بمولاك الأسد، فطريقك مسدود، مسدود، مسدود.
لقد غرّتك نفسك، يا ابن ماريا إيفانوفنا بوتينا، وظننت أنَّ الحزام الأسود في الجودو سينفعك في اليوم الأحمر، ونسيتَ أنّ البطولات هي في الرأي والمكيدة، والرأي قبل شجاعة الشجعان، البطولة في الشطرنج لا في السياسة، ولو كنتَ حكيمًا لجعلت أنصارك يقومون بانقلاب أبيض أو رمادي في أوكرانيا، أو دفعتَ أنصارك إلى مظاهرات، واضطررت الأوكران إلى إيذائهم، فتهبَّ لنجدتهم، يا مغيث اللهفان، أو جعلت الأوكران يتوقون إلى العيش في ظلك وعدلك وكرمك، وجعلت رئيسَهم يفضّل أن يكون محافظًا لأوكرانيا وضيفًا على طاولتك القصيرة، بدلًا من أن يكون رئيسًا في ظل “الناتو”.
أشكرك لأنك جعلت القوى العظمى تتذكّر مآسي حلب، والسلاح الكيماوي في سورية، وأعتب عليك، للمرة الثالثة، لأنك تجلس إلى الحسناوات على طاولة قصيرة، وتجعل وزراء دفاعك وهجومك يلوون أعناقهم في القطب الشمالي من طاولتك الجميلة، وأهنئك على إيقاظ العنصرية من نومها الخلاّس، حتى أنَّ خصومك الأفاضل في “الناتو” استبعدوا الهررة الروسية من مسابقات الجمال، والرياضيين الروس من اللعب في المباريات الدولية، وحكموا على دوستوفسكي بالنفي من الجامعات الإيطالية. أتمنى قريبًا أن أرى وجهك قريبًا على القمر.
المصدر: العربي الجديد