على ضوء التجارب الماضية خلال عشرات السنين من عمر النظام الحالي، و الوقائع الكارثية والتي هي كانت ومازالت نتيجة السياسات التدميرية والمزيد من الويلات التي حلت على جميع أبناء الشعوب غير الفارسية بشكل عام، وعلى أبناء الشعب العربي الأحوازي بشكل خاص ، من مجازر و قمع الحريات و حرب و عواقبه المدمرة و نهب الثروات ، بما فيها حتى المياه و تجفيف الأنهار و الاهوار و تدمير البيئة ، و القضاء على قسم كبير من الثروة الزراعية و الحيوانية ، و السيول المتعمدة و العمل على تنفيذ سياسة التهجير القسري ، هذه السياسة الاحتلالية المستمرة منذ قرابة مئة عام ، من المستبعد جدا و خاصة في هذه الظروف الراهنة ، أن تستجيب السلطة الحاكمة ، حتى لأبسط الحقوق المسلوبة لشعبنا المظلوم التي يطالب بها ، و هو يعاني من شتى الظروف المعيشية الصعبة و الممارسات المنافية لحقوق الإنسان ، و المتمثلة بسياسة التهميش و الإهمال المتعمد و الحرمان المبرمج والعنصرية المقيتة، و ذلك في كل مجالات الحياة اليومية و منذ سنوات عديدة ، حيث لم يبقى مجال الا و أصبح المواطن الأحوازي ، يذوق فيه مرارة المعاملة العنصرية ، في أغلبية الدوائر الحكومية و على يد مدراء و موظفون تلك الإدارات التي تقوم بتنفيذ ما يملي عليهم من قبل النظام في طهران ، نسبة البطالة و الفقر و الحرمان ، قد وصلت بالمواطن المحروم إلى درجة ، جعلت معيشته لا تطاق ، تفتقد إلى أبسط المواصفات الإنسانية ، هذه من ناحية ، و من ناحية أخرى ، أن حاول المواطن ، البحث عن عمل حتى يعيل به عائلته ، رغم وجود مئات الشركات الحكومية و الخاصة ، و الواقعة على أرضه ، ” هذا طبعا بعد أن تمت مصادرتها أي اغتصبت أرضه” ، لا يجد أي نوع من فرص العمل فيها ، و السبب واضح و معلوم ، أنه يرجع إلى سياسة التمييز العنصري الذي تتبعه سياسة النظام ، فكل ما هنالك من فرص هي متوفرة و تخص بما يأتون بهم من المدن المركزية ، و هذه اليد العاملة تتألف من آلاف الأشخاص ، و لهم الأفضلية في الحصول على العمل و ما تترتب عليه من إمكانات و امتيازات مميزة ، بينما تبقى كل الأبواب بوجه المواطن الأحوازي مغلقة ، و يبقى محروم من لقمة عيشه و التي هي بالأساس قسم بسيط جدا من ثروات وطنه الهائلة و المنهوبة . إن اتجه نحو مهنة الزراعة ، تواجهه جدار المصاعب ، منها على سبيل المثال ، العراقيل و المعوقات التعجيزية التي تضع أمامه ، أخذ الإجازة لزراعة الأرض ، دفع تكاليف كبيرة لأجل الإجراءات الروتينية ، التقيد بنوع المزروعات و الشروط المتبعة لها ، التأخير المتعمد من قبل موظفين الدوائر المختصة في إكمال أي المعاملة المراد تحقيقها ، التوقيع على العقود المجحفة ، هذا في حال أن تمت الموافقة على طلبه ، الالتزام بدفع مبالغ من المال ، مقابل حصوله على حصته من مياه الري و ذلك حسب كل هكتار من مساحة الزراعة ، التقيد بإجراءات الجهة الحكومية المسؤولة و المشرفة على الزراعة و القوانين التي تصدرها ، مثل منع الزراعة الموسمية و ما شابه ذلك ، و اذا أراد أن يمارس مهنة صيد الأسماك ، فجميع الأنهار تم تجفيفها بشكل متعمد ، و اذا كان يعيش بالقرب من البحر ، عليه أن يواجه المعاملة السيئة التي تقوم بها أدارة الصيد البحري ، بحقه و بحق زملائه في المهنة ، مثل حرمانه حقوقه من التأمين الاجتماعي و تزويده بالوقود و الخ . المضايقات نفسها في الأسواق العامة ، حيث تهجم العناصر التابعة للبلديات و يقوموا بتخريب البسطات و عند اعتراض أصحابها ، يتعرضون للضرب على يد عناصر البلديات و تتم مصادرة أرزاقهم أو اعتقالهم ، و الحالات من هذا النوع ، كثيرة، لا تعد و لا تحصى ، و اذا نظرنا إلى ظروف العمال ، انها ليست أفضل حال مقارنة مع باقي الظروف المعيشية للشرائح الأخرى في المجتمع الأحوازي ، بل ، أتعس منها و أحيانا يصل الوضع إلى درجة ، يتأخر دفع رواتبهم و مستحقاتهم شهور و في بعض الحالات تصل إلى سنة و أكثر ، لاسيما في ظل هذه الظروف الراهنة و غلاء الأسعار التي ترتفع يوم بعد يوم ، و ينعكس ذلك مباشرة على تراجع القدرة الشرائية لدى العامل ، الذي هو بدوره يعاني من تدني الأجور و ضعف الإمكانات في إدارة شؤون أسرته و تلبية حاجاتها الأساسية و الضرورية ، و ما يجري خلال اليومين الماضية في العاصمة الأحوازية ، هو خير دليل على معاناة العمال ، حيث تكدست القمامة في شوارع المدينة و أحيائها و أسواقها ، و أسباب ذلك ترجع إلى الإضراب المستمر لعمال البلدية ، يطالبون بتحسين ظروفهم المعيشية و العملية و حقوقهم الضائعة ، بالرغم من حقيقة الأمر الواقع المر و هو عدم وجود جهة مسؤولة تنظر باهتمام خاص إلى تعاسة ظروف هذه الطبقة المظلومة ، لكي تأخذ مشاكلهم المتراكمة على محمل الجد ، و تلبي مطالبهم الشرعية و تخفف عليهم وطأة الظروف الغير ملائمة التي يعانون منها . لا ننسى أن هذه المعاناة لا تتوقف عند شريحة معينة أو عدة شرائح من المجتمع الأحوازي ، إنما هي كلية ، شملت كل الأطياف التي تعيش على أرض الأحواز المسلوبة ، و عمرها من عمر النظام الذي لا هم له ، الا المزيد من امتصاص ثروات الوطن و نهبها ، و قمع الأصوات المناهضة و الثائرين على سياساته الإجرامية ، و رغم كل البطش الذي مارسه و يمارسه ، لكن تبقى مطالب المظلومين مستمرة قائمة و لا يعلو صوت فوق أصوات المحرومين .
المصدر: موقع جبهة الاحواز الديمقراطية