صديق سوري، عاش في إيران نحو عشرة أعوام، ودرس الأدب الفارسي، وحصل على شهادة الأستاذية العالمية، واختلط بجميع شرائح المجتمع الإيراني: ساسة وأساتذة جامعة وعلماء دين وأدباء وتجار وعمال ومهنيين، وعوام الناس، وأتقن اللغة الفارسية تحدثا وكتابة وقراءة.
يقول لي في أحد لقاءاتنا: يصعب أن تجد أمة أو شعباً تكره أمة أخرى، كما يكره الإيرانيون العرب، حتى إني أحار كيف يستطيعون العيش بقلوب تحمل هذا القدر من الحقد على العرب.
يضيف: الضغينة على العرب ليست حكرا على معابدهم وحوزاتهم، بل تجدها في مناهج الدراسة، وفي الأمثال الشعبية، وفي الدراما والأدب والصحافة.
يختصر صديقنا القضية أن عيش العربي في المجتمع الإيراني قطعة من العذاب والشعور بالوحشة والغربة.
هذا الكلام حدثني عن مثله، في لقاء تلفزيوني جمعني به، الأستاذ نزار السامرائي الأكاديمي العراقي الذي أسر عند الإيرانيين أكثر من عشرين عاما قضاها تحت تعذيب سلطة الملالي، وقال لي: ما كنت أحسب نفسي سأخرج حيا من إيران لشدة التعذيب وطبيعته التي لا تخرج إلا من نفوس عُبِّئت أيديولوجيا على كراهية دينية وعرقية.
ويمكن لمن أراد أن يطلع على صنوف الشعوبية الإيرانية ضد العرب، أن يقرأ كتاب “في قصور آيات الله” لنزار السامرائي.
وفي السياق ذاته حدثني أكثر من صديق أحوازي، بعضهم كان شيعياً قبل أن يشرح الله صدره.
لكن كل ما قاله هؤلاء الأفاضل المحترمون لا يعدل في قوته ودلالته فعلاً واحداً من جرائم إيران في سورية والعراق، فسياستها ولسان حالها في المنطقة ينبئ الأصم، ويُري الأعمى عن أحقادها التاريخية.
ثم بعد ذلك كله يأتي رجل مثير للجدل، ينطلق من أساس حزبي محض، ليتهم كل صاحب موقف من ايران الصفوية بانتمائه إلى فئة قليلة تشكل شذوذا من سواد هذه الأمة تاريخياً، في كذب مكشوف على الملأ وعلى مكبر الصوت.
كيف لرجل حوى على وجهه لحية، وصام وصلى، أن يوالي نظاماً سياسياً يقوم مشروعه وخطابه وخططه على هدم دعائم الإسلام الذي وصلنا عن الصحابة؟!
كيف لهذا الملتحي، الذي يقرأ كتاب الله، أن تطيب نفسه بابتسامة لأصحاب عمائم سوداء وقلوب كالحة، تنال ليل نهار مما يفترض أنه مقدساته؟!
الحقيقة أن صاحب هذا الخطاب رجل مأزوم في دينه وأخلاقه وشخصيته، وكلامه حجة على فريقه لا له.
من يقول هذا الكلام يهدم دعائم مشروعه أكثر مما يبيض صفحة العدو، وهو ينزف من رصيد بناه أسلافه الصادقون.