لا شك أن د _شحرور قد اتكأ في مقدمته الاساسية على فكر المعتزلة كما اسلفنا و لكنه للانصاف و الحقيقة قد اعاد صيغته بطريقة جديدة اكثر تماسكا و اقناعا و اكثر بساطة من التعقيد الفلسفي للفكر المعتزلي الذي كان يطلق عليه في الادبيات الاسلامية علم الكلام. و قد قسم د شحرور المصحف الى اجزاء هي القرآن و الفرقان و السبع المثاني و القصص القرآني.
و القرآن هو ما ينطبق عليه أنه مطلق المعنى محدث اللفظ و الاقسام الاخرى هي المحدثة في المعنى و اللفظ لأنها تتضمن الاحكام و هي رغم انها متكررة في كافة الشرائع منذ موسوى عليه السلام حسب استنتاج شحرور، و لكنها ليست مطلقة لأنها مرتبطة بالانسان بل بمرحلة معينة من تطور الانسان التي جعلته مستعدا لتلقي هذه الاحكام و التشريعات.
ولا ننكر على د شحرور ما جاء به من تجديد و اضافة قيمة في هذا المجال، و لكنني اعتقد ان وضعه في هذا الإطار هو ما يعطيه شهادة الاصالة دون التقليل من معاصرته.
ان كل ما جاء به ايضا في مجالات الاقدار و الاعمار و الارزاق هو مجرد اعادة صياغة بلغة مبسطة لما جاءت به المعتزلة بلغة فلسفية معقدة.
و هنا اود ان اذهب في استطراد مهم يضيء حول سؤال: لماذا اندثرت هذه المفاهيم دون ان تترك اثرا يذكر رغم انها كانت موجودة في التراث العربي؟؟!
للحقيقة هنا يجب اعادة الفضل لصاحبه وهو د محمد عابد الجابري الذي عرى بعمق العلاقة المهيمنة للسلطات الحاكمة على الانتاج الفكري و الفقهي و هذه العلاقة هي التي جعلت افكارا و مشاريع تسود على اخرى لمصلحة السلطة الحاكمة لا لمصلحة الامة او الحقيقة.
فعندما تأسست الخلافة الأموية و نتيجة شعور بنقص الشرعية حاول مؤسسها ملؤه بفكرة القدر الذي يبرر ما كان و ما سوف يكون لأنه علم الله المسبق المكتوب الذي لا يمكن تغيره.. و من بعد ذلك جرت احبار كثيرة على الورق لتأسيس و تقديس هذه الفكرة حتى اصبحت محرما لا يمكن الاقتراب منه دون الوقوع في الكفر.
و لكن عندما نشأت فرقة المعتزلة في اواخر ايام الدولة الاموية و اثناء صراعهم الفكري و الفلسفي وجدوا انفسهم يحطمون هذه الحصون و الاسوار العالية..
إن تقريب العباسيين للمعتزلة لم يكن لسواد عيونهم او بلاغة لسانهم و لكن كان مرحليا لأنهم هم من حطم الحصن العقائدي و الايديولوجي الذي تأسست عليه الدولة الأموية.
لذلك ليس غريبا ان يعلو شأن الفرقة في بداية تأسيس الدولة العباسية حتى صار فكرها مذهبا رسميا للدولة في عصر الامين و المؤمون و الواثق حتى جاء المتوكل الذي نسف كل افكارها لأنها أيضا بدأت تقوض شرعية الدولة التي يقف على رأسها و التي لم تعد مختلفة عما سبقها فلم يبق اثرا مما تركته الجماعة من كتب و مخطوطات.
إن هذا النهج السلطوي مازال مستمرا و معاصرا و مشروع د شحرور مثالا حيا فقد بدأ الرجل مشروعه في مطلع التسعينات من القرن الماضي و لكنه كان مركونا في الظلام و لن يتم التنوير عليه من الاعلام السلطوي الا بعد أن تم اجبار الانظمة الحاكمة من قبل امريكا على الدخول في حرب على “التطرف الديني” الذي اسسته. وقد يتم اعادة التعتيم عليه من جديد حال انتهائها.
كذاب ومبتدع ومنافق وعندو كليشة وحدة في كل محاضراته زدائما جمهوره لايتجاوز اصابع اليد من الحاقدين على الإسلام الذين يريدون صناعة دين يتماشى مع اهواءهم
لعنة الله عليه الى جهنم وبئس المصير