نقلت إسرائيل تهديداتها لإيران إلى المحافل الدولية، محذرةً من أن عدم منع الأخيرة من الوصول إلى صناعة القنبلة النووية سيدفع إلى شن هجوم إسرائيلي عليها، وإن اضطر الأمر أن تكون تل أبيب لوحدها ومن دون أي مشاورات وتنسيق مع طرف آخر.
ووصلت ذروة التهديدات الإسرائيلية عندما اختار مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، أيال حولتا، إطلاق تهديدات في مؤتمر “حوار المنامة 2021″، حيث كشف عن تباين المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة تجاه الملف الإيراني وسبل التعامل معه، داعياً إلى موقف دولي موحد يدعم تل أبيب في عدم السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي.
أما رئيس الدولة، إسحق هرتسوغ، الذي لم يتدخل بشكل عام في مثل هذه القضايا، فانضم إلى حملة التهديدات التي يقودها القادة الإسرائيليون من مختلف المؤسسات العسكرية، الأمنية والسياسية، ليعلن عشية وصوله إلى بريطانيا الموقف الإسرائيلي الرافض لحيازة إيران قدرات نووية تهدد أمن تل أبيب والمنطقة، على حد تعبيره.
وحذر هرتسوغ الدول التي وصفها بأنها “حليفة لإسرائيل”، من عدم اتخاذها قرارات جريئة وحاسمة في الحوار الذي تجريه مع إيران. وكغيره من القادة الإسرائيليين، هدد هرتسوغ بأن “إسرائيل ستكون مضطرة للحفاظ على أمنها حيال إيران ومخاطرها، وإن كانت وحيدة في خطواتها”.
مستعدون للهجوم
منذ أن أطلقت إسرائيل حملتها الدولية ضد الملف النووي الإيراني، قبل أكثر من ثلاث سنوات، اقتصرت التهديدات واستعراض القدرات الإسرائيلية في مواجهة المخاطر المحدقة بتل أبيب، على القيادتين العسكرية والأمنية، لكنها الآن تجاوزت ذلك إلى رئيس الدولة ثم المدير العام لوزارة الأمن، أمير ايشل، الذي راح يستعرض ما يملكه الجيش الإسرائيلي من قدرات لتنفيذ هجوم ضد إيران.
وأعلن ايشل في أكثر من تصريح، أن الجيش الإسرائيلي مستعد للهجوم على إيران. وأضاف “نحن في ذروة عملية بناء القوة العسكرية وتحسين قدراتنا الهجومية والدفاعية”.
وتزامن تصريح ايشل ونشر إسرائيل معلومات عن بلورة خطة هجومية نوعية ضمن ما تشمله زيادة ميزانية الأمن لشراء صواريخ متطورة وتحسين وتطوير قدرات الجيش الهجومية. وفي هذا الجانب تحدث رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، عن “أهمية الخطة التي في صلبها تطوير قدرات الجيش الهجومية باستخدام مختلف الصواريخ والذخائر الدقيقة”.
يُذكر هنا أن القسم الأكبر من الميزانية العسكرية رُصدت لتحسين استعدادات الجيش لشن حرب ضد إيران، وهي حرب أدرجها الإسرائيليون ضمن “الدائرة الثالثة”.
ويأتي احتدام الملف الإيراني على الأجندة الإسرائيلية، عشية انعقاد محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني. ونُقل عن مسؤول أمني إسرائيلي أنه “يسود في المستويَين السياسي والأمني في إسرائيل استياء بالغ حيال المواقف المتوقَعة من الدول المشاركة في الحوار تجاه إيران”، وهو ما دفع بالمسؤولين إلى إطلاق تهديدات وتحذيرات ومناشدة المجتمع الدولي بإبداء موقف داعم لإسرائيل.
وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنه في مقابل المواقف الحازمة التي ستطرحها إيران ومطالبها التي ستتيح لها مزيداً من التقدم في الملف النووي، فإنها ستكون مستعدة لتقديم أي تنازل من أجل التوقيع على اتفاق نووي جديد وعدم انهاء الاجتماعات من دون اتفاق.
تدريبات مع الولايات المتحدة
لم تتردد إسرائيل، عبر مسؤوليها في الإعلان عن أنها لن تتوقف عن عملياتها الهجومية ضد إيران التي تنفذها في سوريا عبر قصف أهداف محدَدة، إلى جانب هجمات سيبرانية في إيران تشمل عمليات ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وفي سياق الحملة التي تقودها إسرائيل، أعلن شاحر شوشانا، رئيس فرع شمال أميركا في دائرة العلاقات الخارجية للجيش الإسرائيلي، أن “المناورات الأخيرة التي جرت في إسرائيل وشاركت فيها الولايات المتحدة، تقع ضمن الاستعدادات لمواجهة عسكرية مع إيران”. وأضاف شوشانا أن “المناورة المشتركة، التي جرت أخيراً، بين الأسطول الأميركي الخامس والجيش الإسرائيلي هي إحدى مظاهر التعاون”. وزاد أن “إجراء المناورات المشتركة ونشرها هو نتاج اتفاقات أبراهام، لأنه بنتيجتها نُقلت إسرائيل من قيادة أوروبا لدى الولايات المتحدة إلى القيادة الوسطى. فدخول إسرائيل إلى القيادة الوسطى للجيش الأميركي، هي دراما كبرى جداً، لأن هذه هي القيادة المسؤولة عن التصدي للعدو الإيراني، الأمر الذي لم يكن تحت قيادة أوروبا. القيادة الوسطى الأميركية شخصت في إيران التهديد المركزي. وهذا هو سيناريو المرجعية لديها، وهي تعد نفسها لعملية ضد إيران مثلما نعد نحن أنفسنا لسيناريوهاتنا المرجعية”.
ضعف الموقف الأميركي
وباتت هناك قناعة في إسرائيل بأن إيران تستغل كل وقت يمر في ظل موقف أميركي ضعيف، وذلك وفق مسؤولين أمنيين وسياسيين. وصرح مسؤول عسكري أن إسرائيل “لا تكتفي بالمناورات المشتركة وتحاول بث قوة بكل وسيلة ممكنة، لتغطي على ما تبثه أميركا من ضعف في المنطقة”. وبحسب المسؤول، فإن التدريبات العسكرية المتواصلة والمكثفة التي يجريها الجيش إلى جانب استمرار سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف في سوريا، يشكل انعكاساً للموقف الإسرائيلي من ضعف الموقف الأميركي.