شمال غرب سورية حيث تقع محافظة إدلب وريف حلب الغربي والشمالي تلك المنطقة التي تنتشر فيها القوى العسكرية الثورية السورية والجيش التركي، وتحوي حوالي خمسة مليون إنسان قسم منهم من المهجَّرين قسراً تجاه المنطقة ويقطنها مليون ونصف إنسان في قرى من القماش والبلاستيك تُدعى (مخيمات) هذه المنطقة التي هي خارج سيطرة النظام الأسدي، وقد تحررت تلك المنطقة من قوى داعش وعصابات pyd.
حيث ساهم بتحريرها (إضافة لقوى المعارضة السورية) الجيش التركي أيضاً، لإبعاد وإيقاف الإستهداف من القوى الإرهابية الذي بدأ يطال الأراضي التركية لاسيما مدينة كلس التركية، وقد أبلى بلاءً رائعاً تغيرت فيه موازين المعركة أمام قوى الإرهاب، وأوقفت إلى حد كبير حالة اللجوء للمدنيين سواء إلى تركيا أو أوربا وعاد إلى سورية بعد عملية درع الفرات وحدها أكثر من مئتي ألف إنسان يومها من أبناء المنطقة إلى بيوتهم وأراضيهم، وهذا ما يتطلع إليه السوريون من الأمان ليعودوا إلى بيوتهم، فتحررت المنطقة لكنها بقيت تعيش الفوضى وعدم الإستقرار، وبقيت شطرين، شطر تحكمه قوى الثورة والمعارضة، وشطر تحكمه قوى راديكالية، وأصبحت الإدارة إدارتين وبينهما معبر أشبه بالحدود بين دولتين شرقستان وغربستان .!!
تفاءل الناس بوجود الجيش التركي وكانوا يتطلعوا إلى منطقة يعمها الهدوء لتعود الحياة الطبيعية والعجلة الاقتصادية، فتحقق الهدف الأول وهو إبعاد القوى الإرهابية عن المنطقة لكن بقيت المنطقة تفتقر للحكم الرشيد، وأن تكون منطقة واحدة آمنة يعيش فيها الناس ويتعلمون ويعملون لغاية الوصول إلى حل سياسي شامل في سورية، وهو الذي مايزال متعثرًا إلى اليوم، فلا النظام ولاحلفاؤه جادين بحل وتغيير في سورية بل يتطلعون إلى السيطرة والحسم الذي بات متعذراً لهم أيضًا رغم كل السنوات التي مرّت.
إذًا فلا أوجب اليوم من إدارة للمنطقة إدارة رشيدة ليشعر الناس بالأمن وهذا سيكون محفّزًا لعودة قطاع واسع من السوريين للمنطقة وانتشار الإستثمارات والمهن والحرف، فهناك كتلة بشرية كبيرة وأراضي زراعية واسعة ومعابر تجارية، لكن كل ذلك لم يحصل، وحقيقة يحتاج إلى إرادة جادة لتحصل، لاسيما أن المنطقة تُدار بالتنسيق بين الحكومة التركية والمجالس المحلية السورية وبعض مؤسسات المعارضة التنفيذية.
لقد آن الأوان لذلك في ظل التحديات الكثيرة والزمن الذي يمر ليس بصالح الناس وفي كل فصل شتاء هناك كارثة إنسانية تحصل في المنطقة من غرق المخيمات وموت الناس من البرد، وبمجرد تم ضبط الحالة العسكرية وتحولت المنطقة لإدارة واحدة عندها ستبدأ المنطقة بالنهوض ويشعر الناس بالأمان، لكن ذلك مرهون بإرادة حقيقية جادة، لاسيما إن القسم الكبير من الحل لتلك المسألة هو بيد الحكومة التركية وقوى المعارضة السورية، لتبدأ صفحة جديدة فيها حل للشمال السوري بوضعه القلق ويتحول قطاع عريض من التجار والعمال والمزارعين للعمل والبناء والإستثمار في تلك المنطقة ومن ثم تنشأ فيها السوق الحرة وهنا يحضرني قول الشاعر العربي الكبير( المتنبِّي):
ولم أرَ في عيوب الناس عيبٌ كنقص القادرين على التمام
المصدر: اشراق