تشهد العاصمة الكازاخية نور سلطان انعقاد الجولة 16 من مسار “أستانة السوري” بحضور وفدي النظام السوري والمعارضة، وتحت رعاية “الدول الضامنة” (تركيا، إيران، روسيا)، وبمشاركة المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون.
وعلى الرغم من انعدام أي آمال من هذا المسار، نظرا لحصيلة جولاته الـ15، إلا أن الجولة المرتقبة تأتي في توقيت تتشعب فيه التطورات العسكرية والسياسية، بدءا من التصعيد العسكري الذي تشهده محافظة إدلب السورية، ووصولا إلى الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن، من أجل التصويت على تمديد تفويض إدخال المساعدات الإنسانية إلى البلاد عبر الحدود.
وصباح الاثنين وصل وفد المعارضة إلى نور سلطان برئاسة المعارض السوري أحمد طعمة.
بينما يستعد وفد النظام السوري برئاسة نائب وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان للسفر يوم غد الثلاثاء لحضور المحادثات، بحسب ما ذكر الإعلام السوري الرسمي.
“لقاءات تمهيدية”
وفي الأيام الماضية كانت روسيا وتركيا “الدولتان الضامنتان” قد مهدتا للجولة 16 بزيارات ولقاءات، وفي مقدمتها اللقاء الذي جمع وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو في أنطاليا التركية.
ودار الحديث خلال الاجتماع الأخير بين لافروف وجاويش أوغلو عن “اتفاقيات جديدة” بين الجانبين حول إدلب السورية، بحسب الوزير التركي، الذي ألمح إلى اتفاقيات جديدة وتثبيت الاتفاقيات السابقة حول المحافظة.
في المقابل شهدت العاصمة دمشق زيارات لمسؤولين روس، كان آخرها للمبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، حيث التقى رئيس النظام، بشار الأسد في مطلع يوليو الحالي، وناقش معه عدة ملفات، على رأسها تلك التي ستكون على طاولة “أستانة 16”.
“تضارب أجندات”
وبعيدا عما ترسم إليه “الدول الضامنة” للجولة المقرر انعقادها ليومين (الأربعاء والخميس) يبدو أن هناك “تضارب في الأجندات”، بين تلك التي يحملها وفد المعارضة السورية وأخرى يحملها وفد النظام السوري.
وفي تصريحات لموقع “الحرة” يقول رئيس وفد المعارضة، أحمد طعمة، إنهم يحملون أجندة من عدة ملفات، أولها ملف “المعابر” وسبل تمرير المساعدات الإنسانية عبرها.
ويضيف طعمة أنهم سيطرحون أيضا ملف “وقف اختراقات النظام للاتفاقيات المتعلقة بتثبيت خطوط التماس، ووقف إطلاق النار، فضلا عن عدم احترام الاتفاقيات السابقة، ومناقشة آفاق الحل السياسي القادم”.
ما سبق يخالف “الأجندة” التي تحدث عنها وفد النظام السوري، صباح الاثنين.
وقال نائب وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، إن أجندة وفده “ستتركز على الرسالة التي وجهها السوريون خلال الانتخابات الرئاسية، برفض أي تدخل في الشأن السوري، وتمسكهم باستقلاليتهم وسيادة بلادهم”.
وأضاف سوسان لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية أن أبرز ما ستتضمنه أجندة وفده أيضا “أهم التطورات التي حصلت في الفترة الماضية في أثناء إجراء الاستحقاق الوطني المتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية”.
واعتبر ذات المتحدث أن نتائج الانتخابات “يجب أن تفرض نفسها على كل المواقف الأخرى، لتغيير مقاربتها اتجاه الأوضاع في سوريا”.
وكانت الجولة 15 من “أستانة” قد انتهت في شهر فبراير الماضي في مدينة سوتشي الروسية، بحضور ممثلين عن “الدول الضامنة” والمبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، وبمشاركة 3 دول عربية هي: الأردن والعراق ولبنان، بدور مراقب.
وانتهت الجولة تلك ببيان ختامي أكدت فيه الدول المشاركة على تمديد جميع الاتفاقات المتعلقة بـ”خفض التصعيد” و”التهدئة” في إدلب، وأكدت التزامها “بوحدة أراضي سورية وسيادتها”.
“تنازلات مجانية”
وطوال أربع سنوات، عقدت 15 جولة من “أستانة”، تنوعت فيها شخصيات المعارضة، مع ثبات هيكل وفد النظام السوري، والدول الضامنة الثلاث (روسيا، إيران، تركيا).
وتولت الدول الثلاث المذكورة خوض المحادثات بشكل أساسي من خلال الاتفاق على البنود في كل بيان ختامي يصدر في نهاية الجولة، بعيدا عن الأطراف المحلية التي التزمت بتنفيذ ما “أملي فقط”، وهو ما يراه معارضون تحدث إليهم موقع “الحرة”.
الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي يقول: “كل ما تحشر روسيا سياسيا تدعو لأستانة، وتحصل على تنازلات مجانية من سوريين المعارضة الذين يشاركون فيها”.
ويضيف بربندي في تصريحات لموقع “الحرة”: “قبل أي اجتماع لأستانة يكون هناك تبادل للأسرى تشارك فيه المعارضة بشكل مخزي. وتبرر للروس قولهم إن هذا المسار أوجد آلية لمعالجة مشكلة المفقودين والأسرى والمعتقلين”.
وكانت فصائل “الجيش الوطني” التي يتلقى الدعم من تركيا قد أعلنت قبل أيام عن صفقة تبادل مع النظام السوري. وأفرج فيها عن خمسة أسرى للأخير ومثل العدد للأولى.
وعلى الرغم من كون تلك الخطوة مفاجئة، إلا أن عدة صفقات مشابهة كانت قد سبقتها، دون عرض أي توضيحات من جانب المعارضة والنظام عن آليتها، وعما إذا كانت تشمل ملف المعتقلين ككل.
“رسائل روسية”
في غضون ذلك وبينما يتحضر “الساسة” لعقد جولة أستانة الجديدة تشهد محافظة إدلب تصعيدا بالقصف من جانب قوات الأسد وروسيا، وأسفر قبل يومين عن مقتل 8 مدنيين، معظمهم من الأطفال.
ومنذ سنوات تتصدر إدلب السورية نقاش “الدول الضامنة” والأطراف السورية، حتى أنها باتت الملف الأوحد الذي يكتب البيان الختامي لـ”أستانة” من أجله.
وفي سياق حديثه لموقع “الحرة” يشير الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي إلى التصعيد بالقصف على إدلب بات اعتياديا قبل أي اجتماع لـ”أستانة”.
ويضيف أن التصعيد يعتبر “كرسالة روسية لتركيا أن علاقتها مع الغرب لن تعطيها ميزة بموضوع إدلب، ومنع حدوث موجة نزوح جديدة”.
وبحسب الدبلوماسي السوري فإن “اجتماع أستانة نفسه تذكير للغرب أن الأزمة السورية لن تحل بدون إيران وتركيا وروسيا، بما في ذلك موضوع المعابر الآمنة، التي تساهم في إبقاء إدلب خارج سيطرة النظام”.
وتصر الدول الغربية ومعها الولايات المتحدة الأمريكية على أن الحل السياسي في سوريا لن يكون إلا عبر مسار جنيف، وبموجب قرار مجلس الأمن 2254.
ومنذ أكثر من خمسة أشهر لا توجد أي بوادر على صعيد الحل السياسي في سوريا، خاصة بعد فشل الجولات الخمس لمسار اللجنة الدستورية السورية، على خلفية العراقيل التي وضعها نظام الأسد، وفق اتهامات وجهتها المعارضة السورية في وقت سابق.
المصدر: الحرة. نت