“جمال عبد الناصر هو أول حاكم وزعيم مصري يكتشف جوهر شخصية مصر السياسية ويضع يده على الصيغة المثلى للسياسة الخارجية المصرية.
لم يكن عبد الناصر هو مخترع تلك الصيغة المثلى لسياسة مصر الخارجية ولكنه أول من تشرب بها وفهمها وبلورها فكريا وطبقها عمليا إلى أقصى حد فنقلها من الفكر السياسي إلى التطبيق السياسي ولكن للأسف فكما كان هو أول من عرف وطبق جغرافية مصر السياسية كما ينبغى أن تكون فأنه كان أيضا الأخيرحتى الآن ، فى كتابه “فلسفة الثورة” صاغ عبد الناصر خريطة جيوبوليتكية أصيلة لمصر عبر تحديده لدوائر السياسة المصرية الخارجية .. الدائرة العربية تحيطها الدائرة الأفريقية وتشملهما معا الدائرة الإسلامية ببعد نظر ملحوظ حيث يبدأ التأثير من الأقرب للأبعد..
جمال عبد الناصر هو محرر مسودة مصر المستقبل وتجربته هى مجرد بداية مصر التى نريدها .. مصر العظمى.
الناصرية هى الانتماء العلمى لمصر هى حاصل جمع التاريخ والجغرافية
الناصرية هى قاعدة انطلاق مصر للمستقبل وهى لا يمكن أن تنتهى أوأن تتبدل لأنها ببساطة قانون مصر السياسي الحتمى وهى فرض واجب على كل حاكم مصرى وطنى يحكم بعد عبد الناصر .
الناصرية هى المصرية كما ينبغى أن تكون .
أنت مصرى إذن أنت ناصرى ، ولو كرهت ولو كره الكافرون إلا إذا كنت غير مصري أو ضد مصر.
كلنا ناصريون حتى لو لم ندر أو لم نقبل .. كلنا جمال عبد الناصر حتى لو انفصلنا عنه أو رفضناه كشخص أو كإنجاز ، كل حاكم بعد عبد الناصر لا يملك أن يخرج عن الناصرية إلا لو خرج عن مصريته وفعل مثلما فعل الخائن السادات وخليفته مبارك .
يمكن لكل مصري أن يرفض جمال عبد الناصر ولكنه لا يستطيع أن يرفض الناصرية ، وإلا كان رافضاً لمصريته ، فلا مهرب للمصرى من الناصرية فهى قدر مصر وقبلتها وبوصلة مستقبلها .
الناصرية ليست لغزاً مبهماً أو فلسفة معقدة … الناصرية هى ببساطة مصر القوية العزيزة الغنية المستقلة داخلياً وخارجياً .
الناصرية هى رؤية كل مصرى وطنى طامح لتبوأ مصر مكانتها كقوى عظمى دولية .
المصرى الوطنى ناصري قبل عبد الناصر وبعده .
فلسطين هى قضية مصر المركزية وهى التى ستحدد مصير مصر فى النهاية وهذا ما أدركه عبد الناصر جيدا لذا أرتبط مصيره بمصير القضية الفلسطينية ورفض حتى وفاته المساومة عليها .
مصير مصر محدد بمصير فلسطين ولا يمكن أن يشك أى شخص عاقل أن مصر منذ معاهدة كامب ديفيد لم تعد دولة مستقلة ذات سيادة ، وإنما حولها السادات بتوقيعه لتلك المعاهدة إلى محمية أمريكية تحت الوصاية الإسرائيلية أو محمية إسرائيلية تحت الوصاية الأمريكية .
كامب ديفيد لا معنى لها سوى إطلاق يد إسرائيل فى فلسطين ، مقابل إطلاق يد مصر فى سيناء.
كامب ديفيد هى بداية لعبة أو لعنة الدومينو بين العرب هى دعوة للهزيمة والنجاة ” انج سعد فقد هلك سعيد”.
بتوقيع السادات لتلك المعاهدة ماتت مصر وخرجت من التاريخ ، وبحفاظ مبارك عليها تم دفن مصر ولا حياة لمصر إلا بالفكاك من قيود تلك المعاهدة .
كل ما تعانيه مصر من مصائب هو بسبب تلك المعاهدة ، الفتنة الطائفية والتطرف الإسلامى كلاهما نتيجة مباشرة للاعتراف بإسرائيل ثم نتيجة غير مباشرة لكل تداعيات هذا الاعتراف .
صراعنا مع إسرائيل صراع على المصير وعداءنا لها وجودى .. نكون أو لا نكون .
كل خطوة تقارب بين مصر والغرب لابد لها من ثمن هو فلسطين ، فالغرب لن يقبل مصر إلا بعد ركوعها أمام إسرائيل .
بقاء إسرائيل هو فناء للقومية العربية والعكس صحيح فهما نقيضان لابد من موت أحدهما ليحيا الأخر ومستحيل أن يتلاقيا معا .
قيام إسرائيل وضياع فلسطين هو مسئولية كل العرب هو نتيجة ضعفهم وتفرقهم وخيانتهم وجبنهم .
الذى أوصل نتيجة الصراع العربى الإسرائيلى إلى المأساة الحالية هو تطاحن العرب فيما بينهم ، الرجعية العربية والملوك العرب هم أول من أضاعوا فلسطين .
الفلسطينيين لم يبيعوا فلسطين للصهاينة اليهود ، ولكن الحكام العرب هم من باعوها .
لا معنى للعرب ولا للمسلمين بغير تحرير فلسطين وزوال إسرائيل.
محور الكون والوجود والحياة لكل عربى هو فلسطين”.
ما كتبه الشهيد جمال حمدان بخط يده فى أوراقه الخاصة التى لم تنشر بعد
انتهى النص مع جزيل الشكر
سامى شرف
المصدر: صفحة البشير الأسواني