حذرت صحيفة “أوبزيرفر” في افتتاحيتها من فوز المتشددين في إيران بالانتخابات المقرر عقدها يوم 18 حزيران/ يونيو، وقالت إن الإيرانيين لن يكونوا وحدهم من سيعاني، بل سيترك فوز المتشددين أثره العميق على السلام العالمي.
وأضافت الصحيفة أن الناخب الإيراني المحاصر لا يملك أي خيار في الانتخابات الرئاسية يوم الجمعة. فقد قام المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، المحافظ والمعادي بشدة للغرب، بالتلاعب في المنافسة الانتخابية، والتأكد من فوز شخصية مماثلة له، ربما إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء.
وتعتقد الصحيفة أن النتائج المحددة سلفا ستترك أثرها على إيران والمجتمع الدولي. وقد تترك آثارها المثيرة للقلق على المحادثات الجارية في فيينا للحد من جهود إيران النووية وعلى العلاقات السلمية بين إسرائيل والسعودية والغرب، وكذا الحروب الجارية في اليمن وسوريا، وعلى التوازن الجيوسياسي، وبشكل أهم على المواطنين الإيرانيين.
وتعلق “أوبزيرفر” أن الإيرانيين لم يستفيدوا أبدا من الأصوليين الذين اختطفوا الثورة الإسلامية عام 1979. فهذا البلد غير العادي، الغني بالمواهب البشرية والثقافة والتاريخ والمصادر، أسيئت إدارته بطريقة تدعو للأسف. ومنذ آخر انتخابات رئاسية في 2017، مضت الأمور من سيئ إلى أسوأ، وهذا بسبب عقم وفساد القيادة، والحقد الأمريكي.
فقد قوض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، جهود الرئيس المعتدل حسن روحاني لتحسين علاقات بلاده مع الغرب، عندما قرر ترامب في 2018 الخروج من الاتفاقية النووية، وفرض إجراءات عقابية على طهران أدت لتقوية المتشددين الذين يسيطرون على عدد من الوزارات المهمة والحرس الثوري. وقوبلت الاحتجاجات على المشاكل الاقتصادية المستمرة بعمليات قمع قاتلة ضد المحتجين وناشطي المجتمع المدني، وبالذات عام 2019. وزادت عمليات الإعدام والسجن للمعارضين السياسيين، كما تصاعدت المشاعر المعادية للغرب، وخاصة حملة الجنسية المزدوجة والتي تمثلت بمعاملة رئيسي للإيرانية- البريطانية نازنين زغاري- راتكليف.
وأثّر كل هذا على المشاركة الديمقراطية، وبالتحديد بين الشباب الإيراني الذي يتطلع لتغييرات إيجابية. ومن المتوقع ألا تزيد نسبة المشاركة في التصويت عن نسبة 40% حيث دعت منصات التواصل الاجتماعي لمقاطعة الانتخابات. وانتشر هاشتاغ “لن أصوت أبدا”. ومع أن المشاركة المتدنية في العملية الانتخابية قد تؤثر على مصداقية النظام لكن النوم لن يطير من عيون المتشددين.
وتعلق الصحيفة أن خامنئي (82 عاما) والذي يتولى منصب المرشد منذ عام 1989 يقترب عبر تلاعبه بالانتخابات من تحقيق “المجتمع الإسلامي” الملتزم دينيا وأيديولوجيا والخالي من الملوثات العلمانية والغربية. ويهدف من كل هذا لتقديم إيران كنموذج للدول ذات الغالبية المسلمة. ويتحدث مساعدوه عن الحاجة لتطهير الثورة.
وتحذر الصحيفة من أن أحلام “الرجل العجوز” متطرفة، فلو فاز تلميذه رئيسي، فمن المتوقع أن يملأ الحكومة بأنصاره من الحرس الثوري والباسيج. ولن يكون هناك أمل ببداية جديدة مع أوروبا والسعودية بعد بدايات مشجعة في الاتصالات الأخيرة بين البلدين.
وبدلا من ذلك، ستتوجه إيران نحو الصين وروسيا. وستطال مخاطر فوز رئيسي، المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا والرامية لإحياء الاتفاقية النووية. وعرضت الولايات المتحدة على إيران رفعا جزئيا للعقوبات مقابل العودة والالتزام ببنود اتفاقية 2015. إلا أن نجاحا في اللحظة الأخيرة لروحاني لن يفرح المعسكر المتشدد في إيران، بنفس الطريقة التي لن يفرح فيها الصقور في إسرائيل الذين سيعبّرون عن سعادتهم بانهيار المحادثات.
وترى الصحيفة أن خروج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من السلطة لن يغير من التوتر، فأي حكومة في إسرائيل ستظل ملتزمة بحرب الظل والتي ظهرت آثارها في الهجمات على مفاعل نطنز النووي. ولو خرج الجناح المتشدد في إيران منتصرا يوم الجمعة، فمن المتوقع مواصلته الضغط على إسرائيل عبر الجماعات الوكيلة في سوريا ولبنان وغزة.
وتقول الصحيفة: “ربما حرضوا حماس على استئناف القتال وتسببوا بمشاكل في الخليج وزادوا من نيران الحرب في اليمن”. وتشير الهجمات الصاروخية للجماعات الشيعية ضد القوات الأمريكية إلى منطقة تصعيد أخرى. وربما كانت هذه المخاوف مبالغا فيها، إلا أن المهزلة الأخيرة كشفت عن حقيقة غير مريحة: فرغم كل العداء الموجه لها من الخارج إلا أن إيران تظل أسوأ عدو لنفسها.
المصدر: “القدس العربي”