لا ترقى الولايات المتحدة ولا الصين إلى مستوى الالتزام بإعلاناتهما عن مثُلهما المعيارية. فعلى عكس ادعاءات الصين بأنها “لا تتدخل أبدًا” في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كانت بكين، في الواقع، راغبة في القيام بذلك في عدد من المناسبات. وبالمثل، على الرغم من رغبة قادة الولايات المتحدة في تمجيد التزامهم العميق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، فإنهم سارعوا إلى تجاهل السلوك غير الليبرالي لحلفاء رئيسيين، بينما فشلت الولايات المتحدة أيضاً في التطبيق الكامل لهذه المُثل في الداخل. وسوف تلعب القوة الصلبة والنجاح المادي الواضح أدوارًا رئيسية في تحديد الكاسب، لأن الحجم الاقتصادي يؤثر في حسابات الدول الأخرى، والنجاح في الوطن يلهم الآخرين ويغريهم بمحاكاته.
* * *
في خطابه أمام الكونغرس الأسبوع قبل الماضي، بدا أن الرئيس الأميركي جو بايدن يستلّ صفحة من كتاب الدليل الإرشادي للرئيس الأميركي الأسبق، دوايت أيزنهاور، حين ربطَ مجموعةً طموحةً من البرامج المحلية بالحاجة إلى التنافس بشكل أكثر فعالية مع الصين. وتمامًا كما أقنع أيزنهاور الدولة بتمويل نظام الطرق السريعة بين الولايات الأميركية من خلال استحضار مسألة الأمن القومي، فكذلك صوَّر بايدن برنامجًا معرَّفاً على نطاق واسع للبنية التحتية في البلد على أنه حاسم للحفاظ على المكانة العالمية للولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا النهج لا يخلو من مخاطر، إلا أنه يؤشر على إدراك أن الولايات المتحدة تعيش حقبة جديدة من منافسة القوى العظمى وتحتاج إلى رفع مستوى رهاناتها.
ولكن، ما الذي تدور هذه المنافسة حوله حقاً؟ على الرغم من المخاوف المتزايدة (المبالغ فيها إلى حد ما، في رأيي) من وقوع صدام عسكري حول تايوان، فإن أياً من الولايات المتحدة أو الصين لا تشكل تهديدًا حقيقيًا لسيادة الأخرى أو استقلالها. إن هاتين الدولتين هما ببساطة أكبر كثيراً، وأكثر سكاناً، وأبعد جغرافياً عن بعضهما بعضا من إمكانية تفكير أي منهما في غزو -أو حتى فرض إرادتها على الأخرى بشكل حاسم. كما تمتلك كل من الصين والولايات المتحدة أيضًا أسلحة نووية، وهو ما يضع قيودًا أكثر صرامة على قدرة أي من الدولتين على إجبار الأخرى على تنفيذ ما تريده.
إضافة إلى ذلك، من غير المحتمل أن يحوِّل أي من البلدين الآخر إلى أيديولوجيته السياسية المفضلة. ليست الصين على وشك أن تصبح ديمقراطية متعددة الأحزاب، ولن تكون الولايات المتحدة نظامًا رأسماليًا لدولة حزب واحد (على الرغم من أن الانجراف الحالي للحزب الجمهوري نحو الاستبداد يجعل المرء يتساءل عن ذلك). وسواء شئنا أم أبينا، سيتعين على هاتين الدولتين القويتين أن تتعايشا مع بعضهما بعضا لفترة طويلة.
إذا كان هذا هو واقع الحال، فما الذي ستتنافسان عليه؟ ستكون بعض جوانب المنافسة الصينية-الأميركية مادية بطبيعتها، حيث تسعى كل دولة إلى تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة؛ وتكنولوجيا الطاقة الخضراء؛ والمنتجات الطبية الحيوية، إلى جانب قدرات عسكرية أكثر تقدمًا. ولكن، كما كنتُ قد جادلت ببعض الإسهاب قبل بضعة أسابيع، سيكون جزء كبير من المنافسة معياريًا، حيث تسعى كل دولة إلى الدفاع عن القواعد أو المعايير التي تعتقد أنه يجب أن يقوم عليها النظام العالمي، وتعزيزها. وبالتالي، فإن السؤال هو: قواعد مَن هي التي ستفوز في النهاية بدعم أكبر حول العالم؟
مع المخاطرة بالإفراط في التبسيط، فإن النظام العالمي المفضل للصين هو في الأساس نظام “ويستفالي”. (1) إنه واحد يؤكد السيادة الإقليمية وعدم التدخل، ويحتضن عالماً توجد فيه العديد من الأنظمة السياسية المختلفة، والذي يُقدِّم الاحتياجات (المفترضة) للجماعة (مثل الأمن الاقتصادي) على حقوق الفرد أو حرياته. وكما قالت العالمة السياسية، جيسيكا تشين فايس، مؤخرًا، فإن الصين تسعى إلى نظام عالمي “آمن للحُكم المطلق”، حيث لا تعرِّض المطالبات الكونية بشأن الحقوق الفردية سلطة الحزب الشيوعي الصيني للخطر أو تثير انتقادات لسياساتها الداخلية.
على النقيض من ذلك، شجعت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة نظامًا عالميًا يتم فيه تفضيل القيم الليبرالية -القائمة على أساس الادعاء بأن لجميع البشر حقوق معينة غير قابلة للتصرف. وقد ساعد قادة الولايات المتحدة على دمج هذه الأفكار وتكريسها في وثائق مثل ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشير صراحة إلى “تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع من دون تمييز”. وثمة مبادئ مماثلة مركزية بوضوح في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومكرّسة في ميثاق حلف شمال الأطلسي والمؤسسات الأخرى التي تقودها الولايات المتحدة.
بطبيعة الحال، لا ترقى الولايات المتحدة ولا الصين إلى مستوى الالتزام بهذه الإعلانات المعيارية. فعلى عكس ادعاءات الصين بأنها “لا تتدخل أبدًا” في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كانت بكين، في الواقع، راغبة في القيام بذلك في عدد من المناسبات. وبالمثل، على الرغم من رغبة قادة الولايات المتحدة في تمجيد التزامهم العميق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، إلا أنهم سارعوا إلى تجاهل السلوك غير الليبرالي لحلفاء رئيسيين، بينما فشلت الولايات المتحدة أيضاً في التطبيق الكامل لهذه المُثل في الداخل. ومع ذلك، فإن التفضيلات المعيارية التي أبدتها الولايات المتحدة والصين ليست مجرد خطابة فارغة: فقد استخدمت الولايات المتحدة قوتها، في بعض الأحيان، لتوسيع مجال الحكم الديمقراطي والضغط على، أو نبذ الدول التي رفضت هذه المُثل.
أيّ مجموعة من القواعد هي التي يُرجح أن تفوز؟ عندما كتبتُ عن هذا الموضوع في آذار (مارس) الماضي، اقترحتُ أن القوة الصلبة والنجاح المادي الواضح سيلعبان أدوارًا رئيسية، لأن الحجم الاقتصادي يؤثر في حسابات الدول الأخرى، والنجاح في الوطن يلهم الآخرين ويغريهم بمحاكاته. لكنَّ علينا أيضًا أن نأخذ في الاعتبار مسألة الجاذبية الجوهرية للأفكار نفسها: هل من المحتمل أن تكون المعايير الليبرالية التي تتبناها الولايات المتحدة وأقرب حلفائها أكثر جاذبية للآخرين من دفاع الصين الصريح عن السيادة الوطنية، وتأكيدها المتكرر عدم التدخل، وإصرارها على أن الدول المختلفة يجب أن يكون لها الحق في تطوير مؤسسات سياسية تتماشى مع ثقافاتها وتجاربها التاريخية؟
قد يكون الأميركيون معتادين على التفكير في أن “قوس التاريخ ينحني نحو العدالة” وأن مُثُل الحرية مقدر لها أن تنتصر حتى لو استغرق تحقُّقها الكامل عقودًا عديدة. ويمكنهم بالتأكيد الإشارة إلى تاريخ القرون الأربعة الماضية لدعم هذا الاعتقاد. ولأنه يحدُث أنني أشارك هذه القيم ويسعدني أنني أعيش في بلد ليبرالي (في الغالب)، فإنني آمل بأن تتبين صحة وجهة النظر هذه. ولكن، سيكون من الحكمة عدم افتراض ذلك لأن مجموعة القواعد المفضلة لدى الصين يغلب أن تثبت كونها جذابة هي الأخرى في العديد من الأماكن.
كبداية، قد يفضل القادة غير الديمقراطيين -وهذا ما يزال يعني معظم الحكومات في جميع أنحاء العالم- نظامًا عالميًا يمنح كل دولة الحق في تحديد نظام الحكم الخاص بها، وحيث يعد من غير الشرعي أن يضغط الأجانب عليها بشأن ما يحدث داخل حدودها. وليس من المستغرب أن تكون رغبة الصين في تقديم المساعدة التنموية من دون تعليقها على شرط إجراء إصلاحات محلية (كما تفعل برامج المساعدات الأميركية والغربية عمومًا)، قد أثبتت كونها جذابة بشكل خاص في بعض البلدان. مباشرة وعلى الفور، سوف يحظى دفاع الصين عن عدم التدخل ورفضها للمعايير الليبرالية بدعم الكثير من الأوتوقراطيين.
ثانيًا، بالقدر الذي تحترم فيه صينٌ أكثر قوة هذه المُثل، فإن الدول الأخرى لن تقلق كثيراً بشأن محاولات لتغيير النظام فيها ترعاها الصين. ومع الاستثناءات الواضحة لهونغ كونغ وتايوان (اللتين تعتبرهما بكين من الأمور الداخلية)، قد يكون خطاب الصين القائم على مبدأ “عش ودع غيرك يعش” مطمئنًا للدول التي لا تشارك الصين الطابع الأوتوقراطي. وقد تكون الصين مستعدة لمساعدة أنظمة أوتوقراطية أخرى في البقاء في السلطة، ولكن منذ وفاة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، لم تحاول الصين تحويل ديمقراطيات قائمة إلى أنظمة رأسماليات يحكمها حزب واحد بجوهر لينيني. (مرة أخرى، تبقى هونغ كونغ وتايوان استثناءات مهمة في هذا الصدد أيضاً). وقد تتغير هذه السياسة بالطبع، ولكن في الوقت الحالي، قد تجد بعض البلدان هذا الموقف أكثر جاذبية من موقف الولايات المتحدة القائم على وجوب أن تصبح جميع الحكومات ديمقراطيات في نهاية المطاف.
ثالثًا، يبقى موقف الصين أقل عرضة للاتهام بالنفاق. ويترك إعلان الصين عن وجوب السماح لجميع الدول بأن تتطور على النحو الذي تراه مناسبًا لها الحرية التعامل مع كل من الديمقراطيات، والديكتاتوريات العسكرية والأنظمة الملكية، وتكييف علاقاتها مع كل من هذه الأنظمة وفقًا لظروفها المحلية. وفي المقابل، تبدو الولايات المتحدة ذات وجهين عندما تدّعي اعتناق المبادئ الليبرالية، لكنها تستمر في دعم حلفاء مقربين ينتهكون هذه المثل العليا بشكل روتيني، في حين تستطيع الصين التجارة والاستثمار والتعاون مع أي أحد من دون أن تبدو غير متسقة مع ادعاءاتها.
بالنظر إلى كل هذا، قد يعتقد المرء أن نهج “عِش ودع غيرك يعِش” الذي تتبناه الصين تجاه النظام العالمي سيؤدي في النهاية إلى إزاحة المثل الليبرالية التي تعلنها الولايات المتحدة، وأن الأساس المعياري الذي تقوم عليه معظم المؤسسات العالمية سيرتد عائداً تدريجياً إلى طابع “ويستفالي”. مع ذلك، أعتقد أن هذا الاستنتاج سابق لأوانه، لأن الموقف المعياري للصين لا يخلو من التزاماته ومطالبه الخاصة.
تتمثل إحدى المشكلات في أن الدول الأخرى ليست غير مبالية بشأن المخاوف الأخلاقية، حتى في عالم تستمر فيه سياسات القوة في تشكيل الكثير مما تفعله هذه الدول. إن عروض الوحشية، والتجاهل القاسي لأرواح الأبرياء، وغيرها من الأعمال الوحشية التي ترعاها الدولة، هي نذير بالخطر وأعمال بغيضة بالنسبة للآخرين -حتى عندما تكون هذه الأفعال محصورة داخل حدود دولة معينة. وحتى أكثر الأنظمة استبدادًا تتفهم هذا الميل، وهو السبب في أنها تبذل جهودًا كبيرة لإخفاء مثل هذه الأعمال، ومعاقبة أو تقييد الذين يشيرون إليها، وتلفيق معاذير ضافية لتبرير جرائم لا يمكن إخفاؤها. ويشير الدعم الواسع (وإن كان ما يزال ضحلًا) لمبدأ مسؤولية الحماية أيضًا إلى أن العديد من الأنظمة الاستبدادية غير مرتاحة لفكرة أن أي شيء يمكن أن يمر داخل حدود دولة معينة.
لهذا السبب، فإن الجهود الصينية لتعزيز نظام عالمي يضفي الشرعية على الحكم التعسفي وحيث تكون السياسات الداخلية للحكومات محصنة من اللوم الأخلاقي، لا بد أن تجعل الآخرين متوترين. وعندما تصر الحكومات على أن لها الحق في فعل أي شيء تريده داخل حدودها، فإن الدول الأخرى -بما في ذلك الأنظمة الأوتوقراطية- سوف تتساءل عما يمكن أن تفعله خارج تلك الحدود إذا كانت في أي وقت في وضع يمكّنها من التصرف كما تشاء.
كما أن منح الحصانة لسيادة الدول القائمة وسلطتها المطلقة داخل مجموعة من الحدود يتعارض أيضًا مع فكرة تقرير المصير القومي. وتؤكد الليبرالية حقوق الأفراد، لكنها كانت أيضًا متعاطفة مع فكرة وجوب السماح للناس ذوي الثقافة واللغة والهوية الجماعية المتميزة بحكم أنفسهم. وقد ساعد هذا النموذج المثالي على تدمير الإمبراطوريات النمساوية المجرية والعثمانية، ووضع حدًا لعصر الاستعمار الأوروبي، ولعب دورًا كبيرًا في تفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية المطاف. ولن يجذب نظام عالمي يسهل إساءة معاملة المجموعات العرقية أو القومية داخل بلد ما أولئك الذين يتطلعون إما إلى حكم أنفسهم، أو حتى مجرد السعي إلى تحقيق وضع أكثر مساواة.
ثمة مثال واضح على ذلك هو جهود الصين التي لا تلين لقمع الأقلية الأويغورية والقضاء التدريجي على هويات الأويغور الثقافية. وإذا تم استخدام مبادئ السيادة وعدم التدخل للدفاع عن مثل هذه السياسات، فإنها ستفقد بعضًا من جاذبيتها العالمية، ومن المرجح أن تكون جهود الصين للتخلص من بعض المعايير التي يقوم عليها النظام العالمي الحالي أقل نجاحًا.
بالمقارنة، كيف يمكن أن يكون حال المثل الليبرالية في المستقبل؟
دعونا نكُن صريحين: كان العقدان الماضيان مليئين بالمتاعب بالنسبة للعديد من الديمقراطيات في العالم، على الرغم من (أو ربما بسبب) الموقف التفضيلي الذي تمتعت به مع اقتراب القرن العشرين من نهايته. فقد تورطت الولايات المتحدة في العديد من الحروب المكلفة وغير الناجحة، وتسببت في إطلاق أزمة مالية عالمية، وهي تواجه حاليًا مستوى من الخلل الوظيفي والانقسام الحزبي لم يسبق له مثيل منذ الحرب الأهلية. وكانت اليابان تراوح في المكان وكأنها تخوض في الماء على صعيد الاقتصاد، وواجهت أوروبا أزمات اقتصادية متكررة وتحديات غير ليبرالية، وخابت الآمال السابقة في أن تحقق الهند والبرازيل إمكاناتهما الجيوسياسية. وتبين أن المخاوف بشأن جاذبية الليبرالية على المدى الطويل على المسرح العالمي لا أساس لها من الصحة.
ومع ذلك، إذا نظر المرء أبعد، فإن المثل الليبرالية تبدو أكثر جاذبية. وعلى الرغم من أن أداء الديمقراطيات الكبرى في العالم كان سيئًا في الآونة الأخيرة، إلا أن سجلها طوال معظم القرن العشرين كان مثيراً للإعجاب. ومن الخطأ أن يفترض المرء -كما فعل بعض المعلقين الصينيين- أن الغرب يعيش حالة من الانحدار النهائي الذي تسبب به لنفسه. وكما جادل المؤلفان جيمس سكوت وأمارتيا سِن، فإن المجتمعات الليبرالية أقل احتمالاً لأن ترتكب أخطاء فادحة حقًا -مثل التأميم والتعاونيات في الحقبة الستالينية، أو قفزة ماو العظيمة الكارثية إلى الأمام- وأكثر احتمالًا لتصحيح مثل هذه الأخطاء عند حدوثها. ومن هذا المنظور، ربما ليس مستغرباً أن تكون بعض أسوأ الاستجابات لوباء فيروس كورونا قد جاءت من قادة شعبويين غير ليبراليين وذوي ميول استبدادية قوية، مثل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس البرازيلي جاير بولسونارو، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
هذه الأفكار تقودني إلى الاستنتاج التالي. لا يمكن للأميركيين (وغيرهم) الذين يفضلون المثل الليبرالية أن يفترضوا أن مثل هذه الحقائق “بديهية” و”داعمة لذاتها”، أو أن قوس التاريخ الطويل يفضلها حتمًا. إذا كان هذا القوس ينحني نحو العدالة، فإن ذلك لن يكون راجعاً إلى التدخل الإلهي، أو إلى بعض من النزعة البنيوية الراسخة في الطبيعة البشرية، أو إلى غائية تاريخية عميقة تقود حتماً إلى نتيجة (ليبرالية) محددة سلفاً. لن ينحني هذا القوس إلا إذا كان مؤيدوه أكثر نجاحًا في إثبات تفوق مُثلهم العليا، خاصةً عند مقارنتها بالبديل. ويبدو أن هذا هو ما تحاول إدارة بايدن فعله، أما إذا كانت ستنجح أم لا، فسوف يعتمد غالباً على ما إذا كان بالوسع إيقاف دوامة الموت سيئة الأداء من المعلومات المضللة التي تشوه السياسة الآن.
*Stephen M. Walt: أستاذ روبرت ورينيه بيلفر للعلاقات الدولية في كلية جون ف. كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد. ينتمي إلى المدرسة الواقعية للعلاقات الدولية. قدم مساهمات مهمة في نظرية الواقعية الدفاعية الجديدة، وألف نظرية توازن التهديد. تشمل الكتب التي ألفها أو شارك في تأليفها “أصول التحالفات”، و”الثورة والحرب”، و”اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية”.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The World Might Want China’s Rules
هامش المترجم:
(1) ويستفالي Westphalian، يعود هذا المفهوم إلى صلح ويستفاليا الذي أُبرم بين الدول الأوروبية في العام 1648، وأنهى حرب الثلاثين عاماً في أوروبا. وهو مبدأ في القانون الدولي ينص على أن كل دولة لديها الحق في السيادة الحصرية على أراضيها. ويكمن هذا المبدأ في أساس النظام الدولي الحديث للدول ذات السيادة، وهو مكرس في ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على أنه “لا شيء… يخول الأمم المتحدة التدخل في الأمور التي تقع أساسًا في نطاق الاختصاص المحلي لأي دولة”. ووفقًا للفكرة، فإن لكل دولة، مهما كانت كبيرة أو صغيرة، حقًا متساويًا في السيادة. وتم تطوير مبدأ عدم التدخل في القرن الثامن عشر. وبلغ النظام الويستفالي ذروته في القرنين التاسع عشر والعشرين، لكنه واجه تحديات مؤخرًا من دعاة التدخل الإنساني.
المصدر: الغد الأردنية/(فورين بوليسي)