يقترب موعد الانتخابات الرئاسية التي يخطط نظام الأسد لإجرائها، في 26 مايو/ أيار المقبل، وتسود معها العديد من التكهنات بشأن مواقف العديد من الأطراف الإقليمية والمحلية ولا سيما الأقليات والشرائح الاجتماعية التي تقع تحت سلطة النظام ورعايته.
في محافظة السويداء القابعة أقصى الجنوب السوري، تتجه الأنظار إلى شيخ العقل الأول للطائفة الدرزية في سوريا حكمت الهجري، بعد التسريبات التي تتوالى منذ فترة عن مواقفه المعارضة للانتخابات، ولبقاء رئيس النظام بشار الأسد في السلطة، من دون أن تصدر أي مواقف رسمية لتنفيها أو تأكيدها.
واقع الحال يشير إلى انهماك روسيا في جس نبض الشرائح الاجتماعية وزعماء المناطق الجهوية، في محاولة لتثبيت نفوذها في الجنوب السوري، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا. فبعد التسريبات التي نُقلت عن حكمت الهجري، شيخ العقل الأول للطائفة الدرزية في سوريا، وهو المعروف بتأييده للأسد، والتي نقل فيها معارضته للانتخابات، ولبقاء بشار الأسد في السلطة، اجتمع السفير الروسي لدى إسرائيل أناتولي فيكتوروف مع الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية.
الرئيس الروحي للطائفة الدرزية عرض في الاجتماع موضوع تقديم المساعدات الإنسانية من الدروز في فلسطين المحتلة إلى إخوانهم في سوريا بوساطة روسية مباشرة، والسماح بزيارات عائلية بين الدروز في هضبة الجولان المحتل وأبناء عائلاتهم في سوريا. كما ناقش الرجلان مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية في السويداء، وإمكانية فتح معبر بين جبل الدروز والأردن، في حين وعد السفير الروسي بنقل مطالب طريف بشكل فوري إلى موسكو.
بعد اقتراب الهجري من مواقف يوسف جربوع وحمود الحناوي المعروفين بمواقفهما الأقرب إلى معارضة النظام، لا تبدو مساعي النظام لكسب محافظة السويداء وأهلها قبيل الانتخابات، قادرة على ردم الفجوة التي سببتها سياساته الأمنية بحقها
الهجري تلقى عرضاً من النائب اللبناني السابق وليد جنبلاط بأن يكون تنسيق رئاسة الطائفة الدرزية في سوريا بشكل مباشر مع الروس، على أن يتولى جنبلاط مد جسور التواصل من خلال علاقته الطيبة مع الروس، لكن لا يبدو أن شيوخ العقل في سوريا بحاجة إلى وساطة مع روسيا، وهي الحريصة على فتح أبواب التواصل مع أبناء المنطقة الجنوبية وتوطيدها، لا سيما أن كلا من محافظتي درعا والسويداء تقعان على الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، ويتقاسمان جغرافيا وديمغرافيا مناطق واسعة في كل من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن.
وفيما تبدو جبهةُ مشايخ العقل للموحدين الدروز في سوريا موحدةً، بعد اقتراب الهجري من مواقف يوسف جربوع وحمود الحناوي المعروفين بمواقفهما الأقرب إلى معارضة النظام، لا تبدو مساعي النظام لكسب محافظة السويداء وأهلها قبيل الانتخابات، قادرة على ردم الفجوة التي سببتها سياساته الأمنية بحقها، وإن حاول الالتفاف عليها بوساطة روسية عابرة للحدود. فالمزاج العام في محافظة السويداء ليس مع إعادة انتخاب رئيس النظام بشار الأسد، في ظل وجود إحساس لدى غالبية الأهالي بأن النظام بات يكيل لهم الحقد بسبب تصديهم لنفوذه في المحافظة، من خلال الاحتجاجات ضده بين الحين والآخر، واستنكاف الشبان عن الخدمة العسكرية في قواته. وقابل النظام هذا الأمر بمختلف أدوات التضييق والحصار والعقاب الجماعي وافتعال الأحداث الأمنية، والنيل من رموز المحافظة الدينية في محاولة لإجبارهم على الرضوخ، وسط فشله في ذلك.
اللافت وسط النزاع على النفوذ في سوريا بين إيران وروسيا، هو حرص الأخيرة على استقطاب الجنوب السوري وتحويله إلى منطقة نفوذ لصالحها، مستغلة قربها الجغرافي من الحدود من الاحتلال الإسرائيلي وموافقته الضمنية على إنشاء علاقات روسية وطيدة مع أهالي المحافظتين الجنوبيتين، فهل تنجح موسكو في مسعاها؟ وما هو المقابل الذي ستقدمه لأهالي السويداء مقابل مد جسور التعاون والصلة معهم؟
المصدر: موقع تلفزيون سوريا