أعلنت مجموعات مسلحة في محافظة درعا والجولان جنوب سوريا، الخميس، عن تأسيس كيان عسكري مستقل يحمل اسم «المجلس العسكري لكتائب الجنوب السوري» ما يجعل درعا مقبلة على مجموعة خيارات، على رأسها عودة العمليات العسكرية إلى شكلها التقليدي قبل توقيع اتفاق التسوية في تموز 2018.
«إفشال كافة المشاريع الخارجية»
وقال أحد قيادات المجلس العسكري في بث مباشر أمس، عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن المجلس العسكري يهدف بالدرجة الأولى إلى «إفشال كافة المشاريع الخارجية على أرض حوران من دعم الخارجي وغير ذلك، لأنه مشروع وطني سيقدم أبناء حوران المطلوبين للنظام ليتصدروا المشهد، ولا مكان لعناصر المصالحة في هذا التشكيل».
«القدس العربي» تواصلت مع القيادي المشرف على تأسيس المجلس العسكري في درعا حيث طلب حجب هويته لدواعٍ أمنية، وأوضح أن أهداف المشروع العسكري «إعادة روح الثورة للجنوب السوري وإيقاف تمدد النظام وحزب الله الإيراني، بحجة تواجد داعش في المنطقة». وأضاف «خرج المجلس ليقول للعالم.. نحن أصحاب الأرض وأبناء الأرض، نحن أولياء دم وأصحاب قضية، ولن نسمح لكم أن تقتلوا شباب حوران تحت صفة داعش ولن تحتلوا الأرض بعد وسم أهلها بسمة الإرهاب».
وعن أسباب إعلان تشكيل عسكري جديد، ودق آخر إسفين في نعش المصالحة مع النظام السوري، قال المتحدث أنها مجموعة من الأسباب أبرزها «تمدد إيران في المنطقة، ونشرها للتشيع وتجنيدها ميليشيات من أبناء الجنوب السوري، ناهيك عن انتشار المخدرات فكلنا يعلم أن الجنوب السوري أصبح محطة لتجارة المخدرات، وتصديرها عبر الحدود المجاورة، وهذا خطر كبير كونه يهدف إلى تغيير عقائدي وأخلاقي وهذا الشيء لن نقبله نحن أبناء حوران والجولان وأبناء الثورة». وقال القيادي «أعداؤنا هو التحالف المشترك الممثل بالنظام السوري وإيران وروسيا، فهم السبب بتشريد أهلنا وقتل شبابنا واعتقال أولادنا».
وحول آلية العمل في المجلس العسكري، قال المتحدث «في كل قريه الآن بحوران توجد مجموعات مسلحة وتقوم بأعمال أمنيه ضد من قتلوا أهلهم وهدموا بيوتهم، وفي الواقع النظام غير مسيطر على المحافظة، ومن يدعي ذلك فهو يتفوه بكلام عارٍ عن الصحة، فالأحرار موجودون ويتجولون، وهناك قرى كثيره لا يجرؤ النظام على دخولها».
وإزاء الدعم المالي والعسكري المقدم للمجلس، قال المتحدث «حالياً دعمنا من أهل الخير إن صح التعبير، فالداعمون هم أبناء حوران المقتدرون، ولا يوجد أي جهة خارجية البتة وراء هذا التشكيل لا مادياً ولا عسكرياً، كما أنه لا يوجد ولاءات خارجية، والمجلس ضد أي دعم أو توجيهات مصدره من خارج الحدود».
مكاتب أمنية
وحول بنك الأهداف وموقفهم من أبناء درعا في الفيلق الخامس المقرب من موسكو، قال «الأهداف هي رؤوس الإجرام، ونحن سبق لنا أن بيّنا عير بياناتنا أن عناصر الفيلق الخامس هم إخوتنا كوننا نعلم أنهم قد أجبروا على الانضمام إلى الفيلق بعد عام النكبة 2018» واستدرك المتحدث «أيضاً عناصر التسويات من باقي المحافظات من ثبت عدم تورطه بالدماء، أيضاً هم مستثنون من عملياتنا، كما أنه لدينا مكاتب أمنية، وعناصر قادرون على جمع المعلومات، ونستطيع من خلالها توجيه البندقية إلى صدر من يستحقها».
وفي سؤاله عما إذا كانت درعا في حاجة إلى مجلس عسكري فعلاً، وقادرة على استيعاب عودة العمليات العسكرية، أجاب المتحدث «درعا لم تبتعد عن العمل العسكري منذ عام 2018 لكن نحن في حرب باردة متمثلة باغتيالات، وتفجيرات، وحشد قوى، ناهيك عن الوضع النفسي لدى المدنيين». وأضاف «هدفنا تصحيح المسار، ونريد تحرير أرضنا واستعادة الحقوق التي سلبت».
وتداول ناشطون الجمعة، مجموعة من المقاطع المصورة التي أعلنت خلالها مجموعات عسكرية عاملة في درعا، الانتساب للمجلس العسكري، وحملت الكتائب أسماء مقاتلين وقيادات عسكريين لقوا مصرعهم على يد النظام السوري، مثل كتيبة الساروت وكتيبة «الشهيد أبو حسن بردان» وكتيبة «الشهيد قيس قطاعنة» و»كتيبة الشهيد أحمد الخلف» وكتيبة «عامود حوران».
ومنذ إبرام اتفاق المصالحة في درعا، عمد النظام السوري وحلفاؤه إلى رفع مستوى التدخّل الأمني لاحتواء مظاهر الفوضى في جنوب البلاد، خصوصاً أنّ العديد من المناطق في محافظة درعا بقيت عبارة عن مربّعات أمنية لفصائل التسوية، مع غياب أي مؤشر لإعادة بناء الثقة بين الطرفين على أساس الولاء للسلطة من جديد، بسبب ممارسات النظام السوري وإيران وعدم التزام روسيا بتعهّداتها.
قد يـكون الجـنوب الســوري، وفق خبراء ومراقبـين، مقبلاً علـى عـودة العـمليات العسـكرية إلى شكلها التقليدي قبل توقيع اتفاق التـسوية، في حين يبقى خيار التدخل الأمني بمـستوى مرتفع على غرار ما حصل في الصنـمين في مارس /آذار 2020، مرجّـح أيضـاً.
المصدر: «القدس العربي»