يعقد مجلس الأمن الدولي في نيويورك، مساء اليوم الاثنين، اجتماعا رفيع المستوى حول الوضع الإنساني في سورية يترأسه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، والذي ترأس بلاده مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر.
ويأتي الاجتماع ضمن الاجتماعات الشهرية المدرجة على جدول أعمال المجلس، وسيقدم خلاله كل من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، والمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، هنريتا فور، إحاطتهما حول آخر المستجدات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية في سورية.
ومن المتوقع أن يركز المسؤولان الأمميان على عدد من النقاط، ومن بينها النقص في التمويل على الرغم من زيادة الاحتياجات الإنسانية، بعد مرور عشر سنوات على الحرب، التي دفعت 13 مليون سوري للنزوح داخل وخارج بلادهم، وقتل فيها مئات الآلاف ناهيك عن السجن والتعذيب والاختفاء القسري وغيرها.
ويتزامن ذلك مع عدد من التحركات على الصعيد الدولي والأمم المتحدة فيما يخص الوضع الإنساني في سورية، بما فيها نقاش دول أعضاء بمجلس الأمن، في اجتماعات غير رسمية، عناصر مسودة مشروع قرار تتعلق بالتجديد لقرار مجلس الأمن رقم 2533 وعمليات تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود للشمال الشرقي والشمال الغربي لسورية عبر باب الهوى على الحدود التركية السورية والذي تنتهي صلاحيته في 11 من يوليو/ تموز القادم.
ومن المتوقع أن يتطرق لوكوك في إحاطته لتلك القضية ويشدد على أن الآلية الحالية، والتي تشمل توصيل المساعدات للشمال الغربي والشرقي عبر معبر باب الهوى وخطوط التماس، أي عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري، غير كافية لسد الاحتياجات اللازمة. وسيؤكد على ضرورة إعادة فتح معابر حدودية إضافية، وخاصة معبر اليعربية على الحدود العراقية، لسد تلك الاحتياجات. وكانت الأمم المتحدة قد توقفت عن استخدام تلك المعابر بسبب استخدام كل من روسيا والصين حق النقض أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، ضد قرارات كانت تنوي التمديد للآلية العابرة للحدود عبر أربعة معابر، ولم تبق إلا على معبر باب الهوى مفتوحا.
ويدعي الجانب الروسي أن آلية تقديم المساعدات الإنسانية عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام “أثبتت فعاليتها” ولمح بأنه ربما لن يسمح بالاستمرار بتقديمها عبر الآلية العابرة للحدود.
وجاءت تلك الادعاءات على لسان السفير الروسي للأمم المتحدة ومجلس الأمن، فاسيلي نبنزيا، خلال اجتماع المجلس الشهري حول الوضع الإنساني في سورية الشهر الماضي، 25 من فبراير/ شباط، والتي قال فيها “علينا أن نقول بكل جدية إنه لو كان علينا أن نقرر يوم غد حول التجديد للآلية العابرة للحدود، فأخشى أنه لا يوجد لدينا أي سبب يدفعنا للإبقاء عليها”، مشيرا إلى ضرورة إعطاء الأولوية وزيادة تقديم الأمم المتحدة للمساعدات عبر خطوط التماس، أي عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام.
وشدد في الوقت ذاته على ضرورة أن تكثف الأمم المتحدة من تعاونها مع النظام السوري بشكل أكبر في هذا المجال. ومن غير الواضح، حتى اللحظة، ما إذا كانت التصريحات الروسية مجرد مراوغة لخفض سقف التوقعات في المفاوضات مع الدول الغربية حول مسودة المشروع، أو ما إذا كانت روسيا تنوي بالفعل تنفيذ ذلك ووقف السماح بمرور المساعدات عبر الآلية العابرة للحدود. ومع ذلك ما زال هناك بعض الوقت قبل التصويت على مشروع القرار المحتمل في شهر يونيو/ حزيران المقبل.
لكن الأمم المتحدة وتقاريرها تتعارض مع التصريحات الروسية التي تدعي أن زيادة دخول قوافل المساعدات إلى الشمال الغربي عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام زاد إلى درجة تغطي الاحتياجات اللازمة، الطبية خاصة. ويؤكد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، حول الموضوع والذي قدمه للمجلس الشهر الماضي كذلك، أنه وعلى الرغم من وجود زيادة ملحوظة، مقارنة بالماضي، بعدد قوافل المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة التي يسمح النظام بعبورها عبر مناطقه للشمال الغربي السوري إلا أن ذلك لا يغطي حجم الاحتياجات الماسة التي تعيشها تلك المناطق والآخذة بالازدياد. وتؤكد الأمم المتحدة أن إعادة فتح المعابر الأخرى وخاصة اليعربية، أمر ملح جدا. ومن المتوقع أن تشير عدد من الدول في هذا السياق إلى العراقيل اللوجستية والبيروقراطية التي يفرضها النظام على الأمم المتحدة.
هذا وسيركز لوكوك كذلك على الاحتياجات الماسة التي تواجه السوريين في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وانخفاض قيمة الليرة السورية مما أدى إلى زيادة أسعار البضائع والسلع المحلية بشكل غير مسبوق. كما يعاني ملايين السوريين من نقص في الأمن الغذائي وزيادة شديدة في الاحتياجات.
وسيشير لوكوك في إحاطته كذلك إلى عمليات النظام العسكرية الأخيرة التي استهدفت مستشفى في محافظة حلب وأدت إلى مقتل ستة مرضى على الأقل وجرح 16 آخرين بمن فيهم طواقم طبية بحسب الأمم المتحدة.
من جهتها ستركز المديرة التنفيذية لـ “يونيسف” على وضع أطفال سورية ومعاناتهم خلال السنوات العشر الأخيرة بما في ذلك النقص الحاد بالاحتياجات الأساسية للملايين منهم. وبحسب المنظمة الأممية فإن قرابة 12 ألف طفل في سورية جرحوا أو قتلوا خلال السنوات العشر الأخيرة. كما يحتاج قرابة 6 ملايين طفل إلى المساعدات الإنسانية، أي نسبة 90 بالمئة من كل أطفال سورية. وتشير تقديرات “يونيسيف” إلى أن قرابة نصف مليون طفل سوري دون سن الخامسة يعانون من “التقزم” بسبب سوء التغذية المزمن.
المصدر: العربي الجديد