بعد عشر سنوات ومطلع السنة الحادية عشرة لابد من سؤال أنفسنا بعد كل هذا: لماذا لم ننجح؟ نحن لم نفشل وما زلنا نقاوم ونناضل وطالما أنت تقاوم فأنت لم تفشل ولن تهزم، لكننا لليوم لم ننجح.
والسؤال الأهم اليوم: هل يمكن أن ننجح وهل يمكن وضع حد لإنهاء هذا التعثر والتقهقر، الجواب بكل تأكيد نعم فمعركة المواجهة لم تنته والملايين من السوريين يرفضون العودة الطوعية للعبودية رغم أنّ قرابة مليونين إنسان فضّل العيش بخيمة بينه وبين عوامل الطبيعية وقساوتها الشتوية قطعة من النايلون أو القماش من أن يعود إلى حكم الأسد، واليوم حتى الموالين باتوا يشعرون أنهم ضحية الأسد حسب الظروف التي يعيشونها من فقدان سبل الحياة الأساسية وتحميل الشعب العقوبات ونتائجها وهي عقوبات على الأسد وعصابته المدانين دولياً.
نحن اليوم أحوج ما نكون للتركيز على الخطاب الوطني الجامع قولاً وعملاً وليس الخطاب السياسي فقط، فاليوم الموالي والصامت يستجير من الظروف المحدقة بهم وهذا يحتاج إلى دور وعمل ينقذ السوريين جميعاً من أن يكونوا ضحية هذا النظام الذي يعيش على مأساة السوريين وهذا دور مهم حالياً.
المعارضون والموالون اليوم في خندق حريق الأسد الذي يحرق به الجميع من أجل بقائه هو وزمرته، وينبغي الخروج من حالة الموالي والمعارض ونفكر بالخلاص كسوريين جميعاً طالما أن الأسد موجود فالجميع عانى ويعاني.
اليوم نحتاج إلى تفكير وعمل يختلف عن السابق وتوظيف الطاقات والامكانات توظيفاً مثالياً مفيداً وليس صحيحاً فقط، فليس المهم أن أعمل عملاً صحيحاً فقط لكن ينبغي أن يكون مفيداً بشكل جماعي يصب بمصلحة السوريين جميعاً عبر عمل دؤوب مركّز وليس بالعاطفة وحدها، فالعاطفة تثير الحماس للعمل المرغوب لكنها لا تُنجزه لاسيما إذا كان غير مرغوب أو رغبوياً.
والسياسة هي فن إدارة غير المرغوب والممكن في سبيل تحقيق المرغوب غير الممكن. فنحن نعيش في عالم بوصلته المصلحة والمكاسب وقناعته بها، ولا تحركه القضايا الإنسانية المجردة، لكن كيف سنكون مقنعين ونحن غير منضبطين وغير منظّمين وهذا يعني غير قادرين على تقدير مصلحتنا والحفاظ عليها.
آن الأوان لنفكر بطريقة مختلفة وعمل مختلف بوصلته مصلحتنا جميعاً وليس أنانية الأفراد، وهل نسأل أنفسنا: لمَ نحتاج للدول لترتب هياكلنا ولتوحدنا ولتقرر عنا، ونحتاج أحياناً من يصلح بيننا!
لمَ نحتاج من يجمعنا ومن يقرر عنّا أحياناً؟ لم نحاول أن نبرئ ساحتنا فنلقي اللوم في ساحات الآخرين.؟ لمَ يستغلنا كل أهل التطرف؟ ابتداء من داعش وقسد إلى سواهم ليبنوا أحلامهم وأوهامهم فيما بيننا وعلى أرضنا التي دفعنا ثمناً كبيراً لتحريرها، إلا لأنهم وجدوا فوضى يستطيعوا البناء بوسطها فمن ساهم بجرأتهم علينا سوى عدم انضباطنا والفوضى التي نعيشها وعدم قدرتنا على بناء تحالفات وشراكات دولية وإقليمية.
ليس بالأماني والأمنيات نحقق أهدافنا وإذا فشلنا أو لم ننجح لنسأل أنفسنا لماذا لم ننجح وبعد كل هذا الكم الكبير لم ننجح. وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابًا
الاستمرار بنفس التفكير ونفس العقلية ونفس الأداء لن يعطي نتيجة مختلفة عن السابق، والمكوث بحالة النقد والتقاذف لن يغير حالاً، وقوى مبعثرة غير منظمة كقوى سياسية ومجتمعية وعسكرية لن تفرض واقعاً جديداً مختلفاً.
نحتاج جرأة في التفكير وجرأة في التغيير والعمل وأن نفكر بخلاص كل السوريين وكل سورية، فلا قيمة لقوى الأمر الواقع المفروضة بشكل أو بآخر، ونتذكر أن سورية العظيمة أسسها كل الآباء المؤسسون بروح وطنية التي ما لبثت أن اختطفت من هذه العصابة وينبغي أن نعيدها جميعاً، ولابد أن نؤكد أن التطرف هو صناعة النظام في صفوف المعارضة وليس صناعة المعارضين ابتداءً، وأنّ الوطنيين يتغلبون على الجغرافية المقسمة حسب النفوذ الدولي إلى سورية واحدة يتساوى فيها السوريون جميعاً، وأن خلاصنا بقضنا وقضيضنا بالانتهاء من حكم الأسد وزمرته.
ربما نحتاج ونحن ندخل العام الحادي عشر في ذكرى الثورة لتحرير السوري وتحرير تفكيره ليكون هو صاحب المبادرة وصاحب القرار وهو من يرسم مصيره، ويتفاهم مع إخوانه من أبناء وطنه ولا ننتظر ما يخطه لنا الآخر.
المصدر: اشراق