إنها رواية الكاتب محمود شاهين.
الرواية غرائبية تخلط بين الحياتي الواقعي المباشر والغيبي المُتصور. تغوص عميقا في قراءة الازمة الانسانية المعاشة على كل المستويات. حياة القهر والتخلف والاحتلال والاستبداد. العقائد والفلسفات. الوجود والعدم. من اين اتينا.؟ والى اين نذهب.؟. علميا وفلسفيا ودينيا. بخلط كبير متعب على التتبع في كثير من الأحيان.
الرواية غير حيادية، تعبر عن موقف ديني يصحح (من وجهة نظر الكاتب) ما في الأديان من اسطورة وقسوة وعنف. ويقربها اكثر من جوهر الخير والعدالة والإنسانية.
الرواية تعبر عن موقف فلسفي ينتصر لمذهب وحدة الوجود. وحدة الخالق والخلق. وتغوص كثيرا في ذلك، كأنها تدافع عن اطروحة لا تجد التقبل.
الرواية تنصر لحق الانسان ان يتمتع بجسده وملذات الحياة كاملة. وتختلف مع ضوابط الأديان. وتنتصر للعلمانية وفصل الدين عن الحياة العامة.
الرواية تستبطن السلطة. ولو أن بطلها ضحيتها في الواقع. فالبطل ملك وزوج ملكة جنيه. ويسخّر الشيطان وملوك الجن. يتعامل مع ملوك جن وانس.. الخ. كل ذلك في عالم بديل. يراد له ان يكون بلا عنف ولا تسلط. ومع ذلك هناك حروب كونية. وطاقات (آلهة) تستخدم من قبل الملك لقمان. قرين المؤلف محمود شاهين. لكي يحقق ما يراه صحيحا .الله حاضر في الرواية بكل الاشكال ودوما.
وهناك إعادة تقييم لحضوره من خلال وحدة الوجود. ورفض الأديان أو تصحيحها. واعتبارها عبء بشكل شبه دائم. وهناك رأي أراه غير صحيح. وهو إعادة الشر في البشر إلى انتمائهم العقائدي. بل الشر جزء اصيل من بنيتهم الغريزية. وكونهم يتحركون لتحقيق مصالحهم الفردية والجماعية وكدول. المصالح المتناقضة اصلا. ولذلك يحصل الصراع الذي يتغطى بالعقائد. ويقدم من خلالها مبررا يغطي نزعة الشر والوحشية التي ورثها من الغابة.
توغلت الرواية كثيرا في المتخيل العلمي والفلسفي. إلى درجة متعبة ، توغلت الرواية كثيرا في التعويض الغرائزي عن حرمان مزمن. جنسي وطعام(الشواء) وشراب وقصور وحدائق واسفار وكل شيء متصور ومحرومين منه.
لم تستطع الرواية الخروج من ازمة الانسان الوجودية اتجاه الموت . وما تسليطها الضوء على وحدة الوجود الا لحل هذه المشكلة. حيث لا نذهب للعدم. وهذا ما قالته كل الأديان. والحل في النهاية أن يصطفي الله لقمان الملك و يأخذه إليه في وحدة وجود مبتغاة ومحققة.
الرواية مسكونة بآلام الناس الخاصة والعامة. وتبحث عن حل سحري لمشاكلها. وتحققه عبر الرواية. التي تنقذ الأطفال والنساء والأمم والكواكب والمجرات. والتي تحل كل المشاكل. وتمتلك طاقات وقدرات وأفعال الآلهة. كل ذلك تعويض نفسي متخيل عن واقع قهري على كل المستويات.
الرواية سجالية جدا فلسفيا ودينيا وفكريا، وتكاد تطرح رؤيا لدين أو فلسفة جديدة.. وتنتصر لها إلى درجة مملة. التكرار فيها يعني أنها تحولت من اعتقاد إلى هاجس حياة. في مرحلة من العمر متأخرة تقدم عصارة الحياة والتجربة الانسانية الخاصة لإنسان يرى نفسه على أعتاب لقاء مع الله. ويصر أن يوضح رسالته للناس قبل الرحيل.
رواية في شطر منها تظهر انها للفتيان، وفي شطر منها فلسفية دينية علمية معقدة. وفي شطر منها أحلام يقظة موغلة في استبطان الحرمان المزمن. لذلك تطلب كل شيء وتحققه بما فيها الالوهية في ذات الانسان.
الرواية اخيرا لا تقدم حلا لواقع الإنسان ومشاكله، إلّا كرؤية فلسفية فكرية دينية متراكبة. لكنها لا تقول لنا كيف يتحقق ذلك؟ في أوساط بشر تحكمهم مصالحهم وليس عقائدهم.