أحمد مراد كاتب مصري معاصر، هذه روايته الاولى وهي إصدار 2007. وله روايات أخرى وأصبح له حضور. فيرتيجو اسم بار او ملحق بكازينو في القاهرة، أحمد كمال بطل الرواية، يعمل به مصورا مساعدا للمصور الأساسي. حيث يحضر الزبائن ممن أدمن عالم السهر والشراب والرذيلة ايضا. ومعه من النساء عشيقة أو ابنة ليل
احمد شاب تخرج من الجامعة ولم يجد عملا فعمل مع والده في استديو تصوير . لكن والده سرعان ما توفي وترك له أخت وحيدة. أمه متوفية منذ زمن . وجد في فيرتيجو عملا. يصور الزبائن وعشيقاتهم وكله باجر . يعتمد على الأعطيات أكثر من اعتماده على الأجر الحقيقي. احمد يتابع بدقة العالم الذي يعيش به. يسهر ليله وينام نهاره .هنا يرى كل وجوه المجتمع بصورتها الحقيقية . السياسي والتاجر والفنان . كل مصاصي دم الناس هنا لهم حكاية وصورة ايضا
تبدأ حياة احمد بالتغير النوعي .عندما يكون الشاهد الوحيد المتبقي على جريمة قتل وتصفية جماعية . خططت بعناية من قبل اجهزة (الباشا) رمزا للحاكم . فهناك اثنان احدهم يروج افلام دعارة يتحدث بها عن اولاد الحاكم ويجب أن يُصفّى . وهناك تاجر ينافس في السوق يجب أن يُؤدب. ويجب ان يعتبر العمل صراع اثنين من الفاسدين على عاهرة في نادي ليلي. يطلقون النار على بعضهم ويقتل كل الشهود، ولا يبقى الا احمد متخفيا وراء ستارة مع كمرته التي خلدت اللحظة والجريمة. احمد يتابع مع معلمه في التصوير كل ما حصل ويفكر بطريقة ما لايصال الحقيقة. خاصة بعد أن يُساء له شخصيا . ويتم التعامل معه على أنه مجرد عامل يخضع لأي طلب، وعليه التنفيذ للحصول على أي مكسب، كأي إنسان فقد كرامته. الرواية وبطريقة التوسع التسجيلي حول الشخصيات ودائرة حياتهم .ستعطينا الصورة واضحة. شعبا فقيرا يكدح ليحصل ما يسد الرمق. وفئة قليلة تمتص خير المجتمع كله، هي الحاكم وعصبته ومن يلتف حوله. كل الأشخاص في الحياة أدوات يمكن امتهانها واستخدامها وقتلها إن تطلّب. الحاكم ومؤسساته هم القوة الفارضة حضورها ومطلبها. احمد كشاب رأى ما رأى بدأ يتحرك مع صديقه، يوضح الصورة ولديفضح هذه الفئة سارقي جهد الناس . وبطريقة شبه بوليسية .فيها من المراهقة والفهلوة الكثير. بدأ مع صحفي آخر نظيف بصناعة ملفات وايصالها للصحافة، لكنه لم ينجح تماما، فهناك السلطة تتصرف بطريقة تحمي بها مصالحها و رجالها. واحيانا تضحي ببعض الأكباش. احمد يلاحق صحفيا يرأس تحرير صحيفة معارضة، لكن ذلك كان في واقع يقوم بدوره هذا بالتناغم مع السلطة ومراكز القوى وأصحاب الأعمال. وهو ابن ليل ويصاحب القاصرات. يفتح ملفه يحاول أن يفضحه ويسقطه كنموذج متكسب مع ادّعاء انه يدافع عن مصلحة الناس. يعمل أحمد لكشف جريمة البار، لكنه لن ينجح إلّا بشكل جزئي. فكشف بعض الناس أدى إلى ازاحتهم من الواجهة. لكن الفاعل الأول ما زال قائما وهو السلطة التي تعيد ترتيب الوقائع بما يخدم الحاكم وعصبته
عند أحمد عالم آخر فهو شاب له حق انساني بالحب. وله قصة تعيدنا لعالم الرومانسية داخل هذا الواقع المرير فرديا واجتماعيا. يحب فتاة يحاول لقاءها، يصلوا لبعضهم . هي فتاة مصابة بالصمم من طفولتها، لها اسرة متواضعة، تعلمت وتعمل وتعيش حياتها العادية، سيحبها وتحبه. تنتهي الرواية وهم على ابواب زواج. عند أحمد اخت سيخطبها ابن الجيران، الذي سيصبح من الشباب “المتأسلم” المنفصل عن الواقع. الشاب الذي يحرم التصوير ويؤمن بالجن ويعمل على معالجة المرضى بالزار وغيره. ستتزوج وتخرج أخاها من حياتها..د يعطيها أخاها بيته الذي ورثه كايجار عن والده. لكن الزوج يتزوج على اخته ويعذبها في حياتها، تتركه لتعود إلى أخيها أحمد. اختا مكسورة
تكتمل أركان الرواية بتكامل هذه الأبعاد؛ الناس العاديين مثل ماء النهر، المسيرين رغما عنهم للبحث عن لقمة العيش. قد يجدوا وقد لا يجدوا. هم ضحية الفقر والتخلف وغياب الأمان والأمل ايضا. وهناك حيتان الواقع الذين يتحكمون بكل شيء ويتاجرون بكل شيء؛ بالبلاد والعباد، بيع سلاح للعدو، اغذية فاسدة، رقيق ابيض ودعارة ومخدرات وفساد استغلال في كل شيء. يتربع على ظهر المجتمع كله سلطة تتحكم بكل المسارات وتحصل على أفضل المكاسب وتتحكم برقاب العباد والبلاد. لا يهمها إن قادتها للضياع أو سلمتها للاعداء غنيمة تاريخيه. والحديث في الرواية عن مصر ام الدنيا
الرواية تقرأ واقعا جاهزا للثورة قبل حصولها بأربع سنوات، إن الظلم لا يدوم والشعب سيعيد استرداد حقه بالحرية والكرامة والعدالة والحياة الأفضل. سيأتي الربيع العربي وتحصل الثورات.
أما ما حصل لربيعنا فذلك حديث آخر ، المعركة بين حق الناس ومن نهبه دائمة.