يتقدم العام 2021 متثاقلًا، وتُطوى صفحة العام الذي سبقه. بينما يعيش الشعب السوري المظلوم حالات من العسف والقهر مازلت فصولها تجري متتابعة. لكن الآمال والتوقعات ما برحت ماثلة بين ظهراني هذا الشعب، وهو غير مبال بكل حالات الهدر القمعي الفاجر الذي مورس عليه من قبل نظام العصابة الأسدية ودولته الأمنية المخابراتية، التي اختارت الحل العسكري القاهر للبلاد والعباد. دون النظر إلى أن ما تم تدميره هو الوطن السوري برمته وهو ليس وطنًا للآخرين.
الآمال واستشراف المستقبل ما انفكت أن تكون هاجس السوريين برمتهم وما يزال الكثير من أهل السياسة والثقافة والقانون، يحاولون قراءة المستقبل السوري وفق ذلك، لعام قادم، وعبر رؤيا سياسية تفاؤلية لابد قائمة.
صحيفة إشراق استطلعت آراء سياسيين وقانونيين وعسكريين سوريين ووقفت مع آرائهم استشرافًا للمستقبل القادم. الأستاذ أيمن عبد النور اﻹعلامي المعروف ومدير موقع كلنا شركاء قال لصحيفة إشراق. ” التوقع صعب لأن القضية السورية قضية متعددة الجوانب وهي أكثر قضية معقدة كما أعتقد في تاريخ النزاعات والصراعات والثورات. وهذا ليس تفسيري وتحليلي فقط، لكنه تفسير وتحليل أكبر مراكز الأبحاث ووزارات الخارجية في العالم، بسبب تعدد أنواع الصراع فهناك صراع أساسي وعشرات الصراعات الثانوية التيا تتدخل بها العديد من الدول الاقليمية والدول العظمى، وقوى محلية ومليشيات دولية، وبالتالي تحول الصراع إلى صراع بين الكثير جدا من الأطراف، وليس له أي علاقة أصلاً بالثورة السورية وسبب انطلاقتها.” ثم أضاف ” هناك تغيرات عام٢٠٢١وهناك انتخابات جمهورية، وهناك رئيس جديد بالولايات المتحدة ،وقد يكون هناك رئيس جديد في روسيا، لا نعرف، لكن يمكن أن يكون لأسباب مرضية فيمكن أن يتخلى، ويأتي رئيس جديد، وأوروبا قد تتدخل أكثر في المنطقة وبالتالي يمكن أن يكون هذا أيضًا عامل، وهناك علاقات بين الدول العربية واسرائيل أيضًا قد يكون هذا عاملاً جديداً، ما نتوقع أن يحصل هو المزيد من الضغوط على النظام السوري من اقتصادية وعزلة دبلوماسية وتفعيل العقوبات ضده بسبب استخدامه للأسلحة الكيماوية في الأعوام الفائتة، وبالتالي وضع اقتصادي أصعب، وعزلة دبلوماسية أكبر، محاولات لفتح علاقات مع إسرائيل كي يهرب ويخفف من تلك العقوبات، واستمرار الوضع المأساوي لأهلنا في المخيمات، وأماكن النزوح للأسف الشديد. ونأمل من الله أن يكون هناك توافقًا بين الرئيس الأميركي الجديد والرئيس بوتين للوصول إلى حل سياسي يعجل من تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٥٤”.
أما السيد مروان حمزة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان/ فرع سورية فقد قال لصحيفة إشراق ” أتوقع أن ٢٠٢١ ستكون سنة خطيرة على السوريين بالكامل، وخاصة إذا بقي المجتمع الدولي بتآمره لإعادة انتخاب بشار الأسد رئيسًا للبلد، ونحن نعرف أن الانتخابات في سورية ضمن أساليب كثيره أتقنوها وصار عندهم فنون فيها، وأكيد سينجح بنسبة ٩٩ % مثل أبوه، لكن سينجح في ظل عدم قدرتنا نحن، إذا كنا مازلنا نعتبر أنفسنا معارضة، على تغيير أي شيء في الشارع. نتيجة الوضع السياسي المتراكم مع كل المفاصل صار عند الناس نوع من الكره له ولنظامه، ولكل الأساليب التي يتبعها. لكن إذا تمت الانتخابات بظل الوضع الحالي من دون أي تدخل دولي سينجح بالانتخابات ويكون رئيسًا لسوريا لسبع سنوات.” ثم أضاف “هذا مترافق مع فشل اللجنة الدستورية وتعابير العدالة التصالحية التي خرجوا بها آخر شي جماعة الأمم المتحدة لذلك حتى الأمم المتحدة تحاول تمويت القصة السورية. وروسيا التي دعمت هذا النظام بكل قوتها وبكل طيرانها وأسلحتها وهيمنتها وتشكيلاتها حتى الآن، لن يخرج الروس من سورية على المدى المنظور، طبعاً الاستثمارات التي عملوا عليها لن يتركوها. ومع الوجود الأميركي في الجزيرة العربية المسألة خطيرة جداً من كل الجهات ولا أتوقع أن يحصل أي تغيير ديموغرافي على الأرض، لأن النظام مسرور لهذا الوضع، واسرائيل طبعاً هي الراضية عن كل ما يجري في سورية. أما الجانب الاقتصادي وهو الأسوأ حيث سيكون الدولار في ٢٠٢١ قد يتجاوز عتبة ٣٠٠٠ في ظل حالة اقتصادية مخيفة، وهذا النظام قادر أن يوجه أسلحته الباقية على الشعب السوري أمام الصمت الدولي، من قبل كل الدول المحيطة والمؤثرة على الساحة السورية. الوضع الاقتصادي ضاغط على الناس بشكل مخيف جداً والرواتب لا تتجاوز ٢٠ إلى ٣٠ دولار حيث بات الفطور العادي للمواطن السوري يتجاوز خمسة إلى سبعة آلاف ليرة. والأزمات المتكررة على محطات الوقود غير الأكل وغير الأمور الأخرى، الأزمات متراكمة أزمة غاز، والخبز وزعوه على المعتمدين حيث ترى الناس بالبرد يقفون منذ الصباح ليستلموا ربطة خبز، كان الله بعون هذا الشعب كيف سيمضي سنة ٢٠٢١. هناك توقعات أن الدولار سيوصل إلى ٥٠٠٠ آلاف ليرة سوري، وأمراء الحرب مستمرين بزيادة ثرواتهم أمام فقر مدقع لكل الطبقات الأخرى. أما الجانب الاجتماعي ومثالي عن محافظة السويداء طبعاً لأني غير قادر على النزول إلى دمشق، فأنا مطلوب لأكثر من نشرة شرطية، لأكثر من محافظة، محافظ السويداء حالها مخيف، فيها رعب وسرقات متواصلة، والخطف على أشده، سرقات لم تطل السيارات فقط، وإنما طالت أرزاق الناس. لدينا كروم فيها تفاح وعنب وأي أحد لديه كرم فيه آلالات زراعية من تركتور وأدوات الرش والقطف والمحصول قد يكون من لوز أو جوز أو فستق حلبي يذهب فيلقى الأبواب مخلوعة ومأخوذ كل ما فيها. حتى بوابات الكروم تسرق بغض النظر من قام بالعمل.
ضمن الحالة الاقتصادية الضاغطة يلجأ البعض لأحط الأنواع من قطع أشجار، إن كانت خاصة أو عامة بالغابات بالكروم، هناك ناس تقطف تفاح، ويقولون لا تلوموا من يفعل ذلك، فأولاده يعيشون بالبرد. الحقيقة أن هناك أمراء حرب، أمراء حيث ترى محطات البنزين عليها طابور طويل من السيارات وترى بعد قليل أناس تبيع بالقنينة ليتر البنزين بألف ومئة، تستغل أنه ما حدا يستطيع الوقوف على الدور، والوضع الأمني منفلت، والسلطات الأمنية لا تحرك ساكن، حيث يذهب المرء ويقول لهم سرق بيتي أو أي شي صار، فيقولون له نحن ليس لنا علاقة. والأمن يتفرج. يقولوا نحن لا نتدخل. يمكن أن يكون الريف في السويداء أكيد مثل أي منطقة بسورية. هذه الحالة الأمنية يلي وصلتها البلد إذا بقيت الأمور الاقتصادية والسياسية على هذا الحال بكل تأكيد فسنة ٢٠٢١ ستزيد فيها القصة أكثر بشاعة.” ثم قال:” أما عن حقوق الانسان في ٢٠٢١ فلن تتغير عما كانت عليه في السنوات السابقة، وهذه المنظمات الإنسانية تشتغل بحذر طبعاً نتيجة أن الناس لم يعد لديها ثقة بشيء، حتى المنظمة العربية فيها تميز، لديها نشاطات تقوم فيها لكن بسبب الكورونا وقفت حالياً، حقوق الإنسان منتهكة من كل الجوانب منتهكة بالشارع منتهكة على محطة البنزين منتهكة على أبواب الافران ومع قطع الكهرباء، حيث تأتي ساعتين وتقطع ثلاث ساعات، أو بالعكس تأتي ساعة وتقطع أربعة. الناس تدور على أي وسيلة لتدفي حالها من أيام الشتاء. قد يكون برد السنة قارص أكثر، ويمكن أن يكون ٢٠٢١ أكثر برداً من السنة، ونقول هنا الله يعين الناس. وان أردت أن أحكي عن المنظمة العربية فنشاطها مثل نشاط كل المؤسسات أو التنظيمات أو الجمعيات أو منظمات المجتمع المدني، خفت كثيرًا بظل مرض كورونا طبعاً، وخوفاً من انتشار المرض بين الناس، ومخالفة القواعد والتباعد الاجتماعي وهو للأسف صار سيف على رقاب الناس يعني حتى بالعزاء صار الناس يعني الأخ صار يخاف يروح يوقف مع أخيه، مسألة جد محزنة. بالنهاية أتمنى الخير للشعب السوري ب ٢٠٢١.”
أما المهندس أحمد طه فقال لصحيفة إشراق ” نحن على ابواب 2021 ترى عينا عقلي تلك الاستحكامات الروسية سواء العسكرية أو الاقتصادية في وطن مازال رهينة بيد طاغية يعمل أجيرًا عند أسياد روس وإيرانيين، وحقبة أميركية مقبلة لا نعرف ماذا تخبئ، وخصوصًا أنها قد تكون امتدادًا لحقبة أوباما سيئة الصيت. وطن يقضي قسم من أفراده يومهم على طوابير الخبز والغاز والقسم الآخر مشرد بعيد عن أرضه وأهله. ولكن انطلاقًا من غرامشي “إن تشاؤم العقل لا يقاومه إلا تفاؤل الإرادة” فإنه لابد دائمًا من أمل في طفرة ما في العلاقات الدولية تنهي هذه المأساة وتعيد الوطن إلى أهله وتلم شمل الأحبة”.
الباحث الدكتور أحمد قربي قال لصحيفة اشراق ” أتوقع في 2021: استمرار حالة المراوحة في المكان عسكرياً وسياسياً بالنسبة للقضية السورية. آمل: رحيل الأسد ونظامه، أو على الأقل تثبيت وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين تعزيز الحوكمة في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، وإيجاد حل لقضية هيئة تحرير الشام، وجود هيئة سياسية تمثل مطالب السوريين وآمالهم”.
بينما تحدث العقيد المنشق خالد بكار بقوله” لا توجد حلول في المدى المنظور بما يخص الوضع السوري، مع العلم أن كل أطياف المعارضة تتكهن بأن بايدن الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأميركية سيكون سلبيًا مع الملف السوري على عكس ترامب الذي بنت عليه المعارضة السورية والشارع السوري الآمال لحل الوضع السوري وعلى العكس فقد خيب ترامب آمال الجميع، العارف بتاريخ بايدن السياسي يعلم أنه شخص محنك سياسياً وسيكون لسياسته وقع على الملف السوري حيث كما أتوقع أن بايدن سيستفيد من كلا تجربتي أوباما و ترامب على صعيد الملف السوري ويتعامل معه على أساس النتائج المستفادة من كلا التجربتين وأنا في الحقيقة أعول على بايدن في تقدم ملموس للقضية السورية ولكن بشكل بطئ غير متسارع في ظل التنازلات التي قدمها رأس النظام السوري بشار الأسد لإسرائيل من أجل التطبيع مقابل بقاؤه في الحكم”. ثم قال ” ومن وجهة نظري إسرائيل ترى بشار الأسد خيارًا مقبولًا كونها تعرفه جيدًا و تعرف عائلته ولذلك ترى أن بقاءه أفضل من بديل لا يعرفون عنه شيئاً فقد يكون البديل مدعوم إيرانياً وعلى قدر عالي من التطرف لصالح إيران وهذه مشكلة وقد يكون البديل من المعارضة المتطرفة حسب وجهة نظرهم وهي أيضاً مشكلة لذا أظن أن الانتخابات السورية القادمة سيتم تأجيلها لسنة أو سنتين كحد أقصى ريثما يتم البت بمجلس انتقالي أو حكومة انتقالية توافقية لكل الأطراف اللاعبين في الملف السوري، و عليه تعمل روسيا حالياً على تضييق الخناق على الحرس الثوري الإيراني الموجود في سورية وكل المليشيات التابعة له في مختلف المناطق والأولوية للجنوب السوري كونه على تماس مع حدود إسرائيل ومن ثم بدأت حالياً بالتمدد والتضييق في الشمال الشرقي لسورية ( دير الزور والبوكمال والميادين وقد أخلت العديد من المواقع من المليشيات الإيرانية وأخذت مكانها ) وهو ما تم الاتفاق عليه ما بين روسيا و أميركا وإسرائيل.”
ثم أضاف ” من جانب آخر تعمل روسيا وبالتعاون مع الأميركان وبالتنسيق مع تركيا للتوسع برقعة الأرض التي تسيطر عليها تركيا في الشمال السوري على حساب الأكراد مقابل الحفاظ على خطوط التماس الأخيرة جنوب إدلب ( طريق أم 4 ) و سيتم الضغط أكثر خلال العام القادم على الأكراد من الحلفاء و روسيا لتسوية الخلافات مع تركيا لإرضاء الجانب التركي، من جانب آخر سيقدم النظام السوري العديد من التنازلات على مستوى المعلومات الأمنية والاستخبارية عن شخصيات مطلوبة لأميركا وإسرائيل وتركيا سيتم تصفيتها مقابل بقاء رأس النظام كما قلت آنفاً على سدة الحكم. بالنتيجة سيشهد الملف السوري عدة تحولات خلال العام المقبل ولكن بشكل تراتبي وبطيء لا يحقق آمال السوريين ولكن قد يعطي نتائج لا بأس فيها من دعم عسكري لقوات المعارضة المسلحة وإنهاء هيئة تحرير الشام كي لا تبقى شوكة تعيق الاتفاقات والتفاهمات الروسية التركية وقد نرى تحركًا عربيًا إقليميًا لدعم المعارضة بالتعاون مع تركيا على الصعيد السياسي. أخيرًا كل من يتوقع الفيدرالية في سورية فهو لا يفهم الملف السوري وكل تعقيداته ولا سبيل لتحقيق هذا المشروع بوجود بشار الأسد أو برحيله.”
المصدر: صحيفة اشراق