زعم مركز المصالحة الروسي أن هيئة تحرير الشام نفذت عشرات الهجمات في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا. وهي مزاعم تخشى المعارضة السورية أن يتخذ النظام وحلفاؤه منها ذريعة لاستئناف المعارك في إدلب.
وعززت مخاوف المعارضة محاولات التسلل المكثفة لقوات النظام والمليشيات الموالية لها في جبهات جنوبي إدلب خلال الأيام القليلة الماضية.
ونقلت قناة “روسيا اليوم” عن نائب رئيس مركز حميميم العقيد ألكسندر غرينكيفيتش قوله إنه “تم تسجيل 31 هجوماً من مواقع سيطرة جماعة تحرير الشام، منها 14 هجوماً في إدلب، و3 هجمات في حلب و12 هجوماً في اللاذقية، فضلاً عن هجومين في حماة”.
وقال الصحافي محمد رشيد ل”المدن”، إن “المزاعم الروسية بخرق الهيئة وفصائل المعارضة لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد مضللة، والحقيقة هي أن قوات النظام والمليشيات هي من تخرق الاتفاق وبشكل شبه يومي منذ دخوله حيز التنفيذ بداية آذار/مارس”. وأضاف أن “الادعاءات الروسية ليست جديدة، وتحاول موسكو من خلالها خلق المبررات الشكلية لتنفيذ مخططاتها العسكرية”.
وأشار رشيد إلى أن “خروق قوات النظام خلال الساعات ال24 الماضية كانت بكثافة عالية، واستهدفت بالمدفعية الثقيلة منازل المدنيين في بلدة البارة في جبل الزاوية”، ما تسبب بمقتل مدني على الفور، في حين تعرضت قرى وبلدات فليفل والفطيرة ودير سنبل لقصف مماثل وبأكثر من 100 قذيفة صاروخية ومدفعية. وعادة ما ترد المعارضة على خروق قوات النظام والمليشيات باستهداف مواقعها بالهاون والمدفعية، أي أن القصف المضاد هو رد على الخروق ولا يمكن اعتباره خرقاً، وفق رشيد.
ولم تعد خروق قوات النظام والمليشيات تقتصر على عمليات القصف البعيد، بل تحاول وبشكل متكرر التسلل الى نقاط الفصائل المعارضة وتنفيذ هجمات ليلية منظمة تهدف إلى الاستطلاع ورصد المحاور الضعيفة، وهو تكتيك لطالما اعتمدته قبل كل معركة كانت تخوضها. ويسهّل التكتيك المفترض إنشاء خطة هجومية تأخذ بعين الاعتبار “الخواصر الرخوة” وقدرات الخصم من ناحتي الأعداد والعتاد الحربي، بالإضافة إلى نوعية التحصينات وشكل التضاريس للمنطقة التي يتمركز فيها خصومها.
ويرى الصحافي عبد القادر يوسف أن قلق المعارضة مبرر في هذا الوقت الحرج من العام والذي يتزامن مع انشغال الإدارة الأميركية بالانتخابات الرئاسية، فيما تسعى روسيا إلى قضم ما تبقى من مناطق تعتبرها استراتيجية لصالح النظام وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي الجديد منصبه، أي حسم ملف ادلب من خلال الوصول الى الطريق إم-4.
ويضيف يوسف ل”المدن”، أن “النظام وحلفاءه روسيا وإيران يخشون من تغير في أداء الإدارة الأميركية لصالح المعارضة وتركيا، مع تسلم الرئيس الجديد، كما أن التقارب السعودي-التركي يبدو مقلقاً أيضاَ لحلفاء النظام، كل ذلك وغيره من التطورات في ملفات عديدة قد تعرقل في ما بعد جهودهم في السيطرة على الطرق والمواقع الحيوية”.
وفي السياق، يرى عضو الدائرة السياسية في اتحاد ثوار حلب هشام سكيف أن “استئناف المعارك في إدلب والعمل على إنجاز باقي الأهداف العسكرية مصلحة مشتركة للنظام وروسيا وإيران، مضيفاً أن روسيا ترى أن من مصلحتها تحقيق ما تبقى من أهدافها عسكرياً وعدم انتظار السبل التفاوضية، كما أن النظام يفضل معركة قبل نهاية العام لأنه يتخوف من رد عسكري تركي قاسٍ في حال تأجيل المعركة.
ويضيف سكيف ل”المدن”، أن ” استئناف المعارك فيه مصلحة لإيران، فهي تريد خلط الأوراق مجدداً لتفادي أي ضربات أميركية مفترضة قبل نهاية عهد ترمب، ومعركة إدلب قد تحقق لها هذا المطلب وتحول أنظار العالم نحو مأساة جديدة شمال غربي سوريا”.
وتبدو المنطقة جنوبي الطريق إم-4 شبه خاوية من سكانها بسبب نزوح العدد الأكبر منهم خلال الفترة القريبة الماضية، إثر القصف المتواصل لقوات النظام والذي ركز على استهداف التجمعات البشرية، أما عدد عمليات التسلل والهجمات البرية لقوات النظام مؤخراً فهي فعلياً أكبر مما يتم الإعلان عنه.
المصدر: المدن