هاجم تنظيم “داعش” رتلاً من صهاريج نقل النفط التابعة لمجموعة قاطرجي الدولية في بادية الرقة الجنوبية. وتسبب الهجوم بمقتل عدد من موظفي الشركة والسائقين ومسؤولي الحماية الأمنية، وأسر التنظيم عدداً آخر منهم خلال العملية.
ويعتبر هجوم التنظيم الذي استهدف صهاريج القاطرجي بشكل مباشر، الأول من نوعه. ويأتي الاستهداف لينهي فترة طويلة من التعاون والمصالح المتبادلة بين الطرفين والتي تمتد الى الفترة التي كان فيها التنظيم مسيطراً على مساحات واسعة من مناطق شمال شرقي سوريا بما فيها من حقول نفط.
وكانت “مجموعة قاطرجي الدولية” التي يملكها عضو مجلس الشعب حسام قاطرجي، وعدد من أفراد عائلته، قد أعلنت منتصف العام 2018 عن تأسيس شركة “ارفادا البترولية” كواحدة من مجموع شركات تتبع للمجموعة، وتهتم بتجارة وتسويق المنتجات النفطية، إلى جانب أنشطة متنوعة كالحفر والاستكشاف والإنتاج وبناء مصافي التكرير.
نقل وتجارة النفط الخام من مناطق شمال شرقي سوريا كان بداية التأسيس لثروة عائلة القاطرجي ونفوذها الذي سيظهر لاحقاً في مختلف مؤسسات النظام الاقتصادية والأمنية والعسكرية.
مع توسع داعش وهيمنته على كامل مناطق الجزيرة السورية، بين العامين 2013 و2017، أصبح لدى القاطرجي أسطول كبير من صهاريج نقل الوقود، وأصبح صلة الوصل بين النظام وداعش، ينقل المواد الغذائية والألبسة لداعش ويشتري منها النفط والقمح والقطن لصالح النظام.
حافظت “مجموعة القاطرجي” على استمرار تدفق النقط والوقود الى مناطق النظام بعد أن خسر التنظيم مناطقه لصالح قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، واستفادت المجموعة من علاقتها السابقة بداعش في تأمين قوافلها (النفط والبضائع)، مقابل خدمات معينة استمرت بتقديمها على ما يبدو. وبقيت أرتال القاطرجي حتى وقت قريب خارج قائمة أهداف التنظيم الذي حوّل البادية السورية (بوادي حلب ودير الزور والرقة وحماة وحمص) إلى مركز نشاطه العسكري المركزي ضد قوات النظام والمليشيات الموالية لها.
مصادر إعلامية في ريف الرقة أكدت ل”المدن”، أن “معبر الهورة بين مناطق سيطرة قسد والنظام جنوبي الرقة يعتبر من أهم الممرات التي تستقبل ناقلات النفط التابعة للقاطرجي، ويسجل يومياً عبور 300 صهريج تحمل النقط الخام القادم من ريف الحسكة نحو مناطق سيطرة النظام”.
وأضافت المصادر أن “أرتال القاطرجي التي تدخل مناطق شمالي شرق سوريا تحظى بحماية أمنية تقدمها قسد، ونادراً ما يتم استهدافها، في حين تتولى مليشيا القاطرجي، وهي مجموعات عسكرية تتبع للمجموعة أنشئت بغرض حماية القوافل، عمليات التأمين للقوافل فور وصولها الى مناطق النظام، وتسلك القوافل عادة طريقين رئيسيين، الأول باتجاه حمص مروراً بالرصافة جنوبي الرقة وإثريا والسلمية في بادية حماة وصولاً إلى مصفاة حمص، والطريق الثاني باتجاه حلب مروراً بدبسي فرج ومسكنة ودير حافر”.
وأشارت المصادر إلى أن “أرتال القاطرجي خلال الفترة الماضية لم تتعرض لأي هجوم مباشر من عناصر وخلايا التنظيم الأمنية، ويسود اعتقاد هنا بأن القاطرجي تدفع المال وتزود التنظيم بالمحروقات مقابل السماح بمرور قوافلها عبر طرق البادية الوعرة، وهي سياسة يرضى النظام عنها ليضمن استمرار تدفق النفط الى المصافي”.
ويبدو أن شركة “ارفادا للبترول” التابعة للقاطرجي قد تعرضت لضغوط كبيرة من روسيا مؤخراً لكي توقف التعاون مع التنظيم وذلك بسبب نشاطه المتزايد في البادية ضد قوات النظام ومواقعها الحيوية (استثمارات النفط والفوسفات). وتفترض المصادر أن قطع العلاقة من جانب القاطرجي دفع التنظيم إلى وضع أرتاله ومصالحه على قائمة أهداف الأهداف العسكرية في البادية.
وأظهرت التطورات أن “مجموعة القاطرجي” كانت تتوقع عداء التنظيم لذلك بدأت بتهيئة نفسها في وقت مبكر للتطورات الأمنية، حيث فتحت باب الانتساب لضم المزيد من المتطوعين في المليشيات العسكرية الخاصة بحماية القوافل (مليشيا القاطرجي)، والتي يتزعمها عمر خالد البدر. ونجحت خلال الشهرين الماضيين بضم 500 عنصر على الأقل الى صفوفها وتم زجهم في معسكرات التدريب في حلب.
وقال الناشط الإعلامي محمود طلحة ل”المدن”، إن “القاطرجي أنهت تدريبات فوج من المنضمين الجدد الى معسكراتها في حلب في وقت مبكر بسبب التطورات الأمنية التي تشهدها البادية”. وأضاف طلحة أن “أعداد العناصر الذين أنهوا تدريباتهم يزيد عن 300 عنصر، وجرى توزيعهم على مقار القاطرجي في باديتي الرقة ودير الزور”.
تعتبر مناطق جنوبي الرقة (بادية الرصافة) منطقة استراتيجية مهمة بالنسبة للقاطرجي، وتوسع التنظيم واستهدافه لها قد يعيق مساعيها لإنشاء “مصفاة الرصافة” في المنطقة بالشراكة مع شركة “ساليزار شيبينغ” اللبنانية. والمشروع جزء من عقد تم توقيعه مع وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة للنظام، ويتضمن أيضاَ، إنشاء مصفاة الساحل.
المصدر: المدن