لم تمضِ أيام على قصف جوي يُعتقد أنه من طيران إسرائيلي طاول مواقع لقوات النظام السوري في جنوب البلاد، حتى عاد الطيران وقصف أكبر وأهم المطارات التابعة للنظام المتموضع في قلب البادية السورية: التيفور. ويُعتقد أن المطار تحوّل إلى ما يشبه القاعدة العسكرية للحرس الثوري الإيراني، الذي يتخذ من مواقع لقوات النظام أماكن تمويه لوجود مليشياته وخبرائه العسكريين في سورية. واستهدف طيران يُعتقد أنه إسرائيلي مساء أول من أمس الأربعاء مطار التيفور في ريف حمص الشرقي، وفق وكالة “سانا” التابعة للنظام السوري، التي أشارت إلى أن “طيران العدو الإسرائيلي أطلق رشقة صواريخ من اتجاه التنف باتجاه مطار التيفور”، مضيفة: “تصدت لها وسائط دفاعنا الجوي وأسقطت معظمها واقتصرت الخسائر على الماديات”. وتقع قاعدة “التنف” التابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قرب معبر حدودي بين سورية والعراق يحمل ذات الاسم. كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن طيراناً يرجح أنه إسرائيلي، استهدف فجر أمس الخميس مواقع للقوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها شرقي سورية، ما أدى إلى مقتل 16 مسلحاً موالياً لإيران.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن القتلى ينتمون إلى “فصائل عراقية موالية لطهران، وقتل سبعة منهم عند أطراف مدينة الميادين، بينما قضى الآخرون في ضربات جنوب البوكمال” في محافظة دير الزور. وجاء القصف الإسرائيلي بعد أيام قليلة من قصف مماثل طاول منطقة الكسوة ومحيط مطار دمشق الدولي وكتيبة الدفاع الجوي في الهيجانة جنوب دمشق، كما طاول قواعد ومعسكرات في منطقة إزرع ومنطقة نامر والكتيبة المهجورة في إبطع وتلة محجة ومطار محجة في ريف درعا. وكثّف الطيران الإسرائيلي في الآونة الأخيرة من عمليات القصف التي يُعتقد أنها تستهدف أهدافاً إيرانية تتخذ من مواقع قوات النظام أماكن تمويه على وجودها. وتعرّض مطار التيفور العسكري لعدة عمليات قصف من طيران إسرائيلي وآخر من التحالف الدولي خلال السنوات الماضية، ومن المرجح أنه بات قاعدة عسكرية إيرانية في قلب البادية. ومطلع العام الحالي، تعرّض المطار لقصف طاول قاعدة عسكرية إيرانية قيد الإنشاء في المنطقة، وفق مصادر مطلعة، أكدت في حينه، أن القصف أدى إلى دمار تلك القاعدة ومقتل وجرح عناصر من المليشيات الإيرانية الموجودة هناك. وأوضح العقيد الطيار مصطفى البكور، المنشق عن قوات النظام، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن مطار التيفور “من أكبر وأهم القواعد الجوية التابعة لقوات النظام”، لافتاً إلى أن هذا المطار “يتوسط سورية جغرافياً ويضم أحدث الطائرات التي يستخدمها نظام الأسد لقتل الشعب السوري”. وأضاف البكور أنه “بعد انطلاق الثورة السورية أصبح مطار التيفور قاعدة رئيسية لتمركز الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له، ومنه تنطلق العمليات الجوية والبرية بمختلف الاتجاهات وخصوصاً منطقة البادية السورية”، مضيفاً أن “كل ذلك أكسبه أهمية كبرى لدى جميع القوى الفاعلة على الساحة السورية”.
وأشار إلى أن المطار يضم حالياً عدداً من طائرات “سوخوي 22″ و”سوخوي 24″ و”سوخوي 39″ والحوامات، معرباً عن اعتقاده بأن الاستهداف المستمر له من قبل الطيران الإسرائيلي يحصل بفعل تحوّل المطار إلى نقطة تجمع وانطلاق ومقر قيادة عمليات رئيسي للحرس الثوري الإيراني. وشاطره الرائد الطيار يوسف حمود، المنشق عن قوات النظام، الرأي، مضيفاً في تصريح لـ”العربي الجديد”: “يوجد في مطار التيفور مركز الصيانة الرئيسي لطائرات سوخوي”. ويعد مطار التيفور أو ما يعرف بمطار “طياس” من أكبر المطارات في سورية، وهو يقع على بعد 60 كيلومتراً عن مدينة تدمر الأثرية. وحاول تنظيم “داعش” السيطرة على المطار عقب محاصرته من جهات عدة، غير أنه لم يتمكن من ذلك، ولكنه سيطر في ديسمبر/كانون الأول 2016 على كتيبة الدفاع الجوي داخل المطار، ودمر ثلاث طائرات حربية تابعة للنظام كانت رابضة داخل المطار. وقال التنظيم في حينها إنه استحوذ على 30 دبابة و6 ناقلات جند و6 مضادات طيران عيار 122 ميليمتراً، و7 مضادات طيران عيار 23 ميليمتراً، و4 مستودعات أسلحة خفيفة وذخائر، وكميات كبيرة من مضادات الدروع. وفي عام 2017 انتزعت قوات النظام السيطرة على المطار بعد تدخل عسكري جوي روسي مكثف. وفي فبراير/شباط 2018، تعرّض المطار إلى قصف جوي أدى إلى تدمير برج المراقبة الرئيسي.
وفي 9 إبريل/نيسان من العام نفسه قالت وكالة “سانا” إن طائرات إسرائيلية من طراز “أف 15” قصفت المطار، مؤكدة أن القصف أوقع قتلى وجرحى، وأن الدفاعات الجوية أسقطت عدداً من الصواريخ. وقبل تحوّل الثورة إلى العمل العسكري في عام 2012، كان النظام يملك العشرات من المطارات العسكرية الموزعة في عموم البلاد. ومن أبرز هذه المطارات إضافة إلى التيفور، مطار الشعيرات والذي يقع على بعد 31 كيلومتراً جنوب شرق مدينة حمص وسط سورية. وفي 7 إبريل 2017 قصفت الولايات المتحدة هذا المطار بـ59 صاروخاً من صواريخ “توماهوك” المجنّحة، انطلاقاً من مدمرتين أميركيتين في شرق البحر المتوسط، رداً على الهجوم بالغاز السام على مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي في 4 إبريل 2017، وأكدت واشنطن في حينه أن الطائرات التي استخدمت في الهجوم الكيميائي انطلقت من هذا المطار. وإلى جانب مطار التيفور، هناك مطار المزة غربي العاصمة دمشق، الذي تعرّض هو الآخر لعمليات قصف عدة من قبل الطيران الإسرائيلي. ويضم هذا المطار أكبر مركز تعذيب للمعارضين، يديره جهاز المخابرات الجوية، أكثر الأجهزة الأمنية فتكاً بالسوريين.
ومن المطارات الرئيسية أيضاً، مطار حماة العسكري الواقع في الريف الغربي للمدينة، وكان من أبرز المطارات التي تقلع منها طائرات حربية وحوامات لقصف المدن والبلدات السورية، خصوصاً في الشمال السوري. وفي محافظة حلب أكثر من مطار، أبرزها مطار كويرس الذي يضم الكلية الجوية، والواقع إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب، وتعرض لحصار لفترات زمنية طويلة من فصائل المعارضة السورية ومن ثم “داعش”، ولكنه صمد كونه قاعدة عسكرية كبرى. وفي دير الزور، شرقي البلاد، للنظام مطار عسكري مهم، صمد لفترة طويلة أمام حصار تنظيم “داعش” له. وفي ريف إدلب الشرقي انتزع النظام مطار أبو الظهور من فصائل المعارضة التي سيطرت عليه لسنوات. وفي ريف حمص أيضاً، هناك مطار السين الواقع على بعد 140 كيلومتراً جنوب غربي مدينة تدمر إلى الشمال الشرقي من دمشق، إضافة إلى مطار بالقرب من بلدة القصير في ريف حمص الجنوبي الغربي. وفي جنوبي البلاد، للنظام السوري مطار الثعلة في ريف السويداء الغربي، ومطار خلخلة. وفي ريف دمشق، ثلاثة مطارات هي: مطار الضمير، ومطار الناصرية، ومطار مرج السلطان في غوطة دمشق الشرقية، إضافة إلى مطار دمشق المدني والذي يُعتقد أن الإيرانيين يستخدمونه لأغراض عسكرية.
المصدر: العربي الجديد