تتكتم السلطات الرومانية، حتى الآن، عن إعطاء معلومات، أو تفاصيل، بخصوص مصادرة شحنة مخدرات قادمة من مطار اللاذقية، السوري، التي تمت يوم الاول من سبتمبر، في ميناء كوستانسا.
تحتوي الشحنة حسب تقرير وزارة الداخلية 1480كغ من مادة الحشيش و740 كغ من حبوب الكبتاجون المخدرة، تقدر قيمتها ب 60 مليون يورو، وذكر التقرير المقتضب، المشار إليه، إلى أن المواد المهربة كانت مخبأة في حاوية تحمل مادة الصابون الطبيعي، المصنعة في مدينة حلب، في مصنع يملكه محمد بشير الجبيلي.
تقرير الداخلية تضمن أيضًا بعض الصور المتعلقة بالمصادرات وكمياتها، وذكر بأن مواطنين من حملة الجنسية الرومانية وآخرين أجانب، لم تحدد جنسياتهم، على صلة بالموضوع.
ووصف التقرير الشحنة بأنها أكبر شحنة يتم مصادرتها على الأراضي الرومانية.
وكانت دول كثيرة شهدت في الشهور الأخيرة حوادث مشابهة، ضبطت خلالها شحنات مهربة تحوي كميات قياسية من هذه المواد الخطيرة، كلها قادمة من مصدر واحد هو سورية، وتحديدًا من المناطق الخاضعة لسلطة بشار الأسد وأبناء أسرته وعصاباته. وكان أكبرها الشحنة التي ضبطتها السلطات الايطالية، في بداية شهر تموز/ يوليو الماضي شحنة، وصفتها السلطات الايطالية بالأكبر عبر التاريخ، وقدرت قيمتها بمليار يورو، وناهز وزنها 14طناً في أكبر عملية تهريب عرفها العالم.
وقبلها أفشلت السلطات الأردنية محاولة تهريب مشابهة، وكذلك عدد من دول الخليج، وخاصة الامارات العربية عبر ميناء دبي، والمملكة العربية السعودية، ومصر، بكميات أقل.
ويرى المراقبون في هذه الحوادث مؤشرات تدل على أن نظام دمشق ذا الطبيعة المافياوية تحول إلى أكبر منتج ومصنع ومصدر لهذه المواد القاتلة عبر العالم، بعد أن كان أفراد أسرة الأسد منذ عشرات الاعوام قد دأبوا على زراعتها بحماية السلطة ثم تصديرها عبر المطارات والموانئ البحرية. كما رأوا في تزايد هذه العمليات مصدرا لسد النقص الهائل في موارده المالية التي يحتاجها لإشباع جشعه للمال والانفاق على حربه على شعبه، خصوصا أن داعميه وحلفاءه يعانون من ضائقة اقتصادية خانقة، كما هو حال روسيا، وإيران التي تواجه عقوبات دولية صارمة، والعقوبات الدولية المفروضة عليه، وتوقف عجلة الانتاج السوري خصوصا في السنوات الأخيرة، وتأثره بالأزمة اللبنانية وانهيار العملة المحلية (الليرة السورية) أمام سعر صرف الدولار الأميركي.
حالة من الترقب تسود بين السوريين لمعرفة مزيد من المعلومات والتفاصيل عن طبيعة الشحنة المصادرة، التي لم يعرف اسم الشركة، أو الأشخاص، المصدرة لهم، وجنسية الباخرة التي حملت المواد المهربة، وعلاقتها برموز النظام في جمهورية رومانيا.
يذكر في هذا الصدد أن سفير نظام دمشق في العاصمة الرومانية/ بوخارست هو حما رجل الأعمال رامي مخلوف، وهو يدير شبكة كبيرة من أعمال واستثمارات النظام في عدد من دول أوروبا الشرقية، وورد اسمه ضمن قوائم المسؤولين الذين فرضت عليهم الولايات المتحدة عقوبات بموجب قانون قيصر الذي بدأت تطبيقه في منتصف حزيران/ يونيو الماضي.
عدا عن الفوائد المالية والاقتصادية التي يجنيها النظام من هذه التجارة، عبر شبكاته الدولية، فهو يوجه رسائل سياسية مفادها ضرورة التعامل معه، باعتباره وحده القادر على ضبط الحدود البرية والبحرية، وهو بذلك يطلب شكلا من اشكال التطبيع معه، يبذل قصارى جهده لأجله، ولإعادته للأسرة الدولية، خصوصًا أنه يتهم الجماعات الاسلامية المتطرفة (داعش) بأنها وراء صناعة وتهريب المخدرات، ولكن دول العالم كافة تعرف أن النظام هو المسؤول الاول والاخير عنها، كما قالت تقارير استخبارية كثيرة.
إنه نوع آخر من الاجرام يفضح طبيعته وبنيته الخطرة، ليس على الشعب السوري فحسب، بل على العالم كله. نتائج التحقيقات، المنتظرة، لا بد أن تكشف المزيد من الحقائق عن تورط نظام دمشق وضلوعه بتهديد الأمن والسلام الدوليين.
المصدر: الشراع