جميع أطراف السلطة اللبنانية، أقطاب النظام الطائفي المذهبي الفاسد، مرتهنون لأجهزة أمنية خارجية، السابقون والقائمون والمستجدون، بعضهم يتلقى التعليمات من أجهزة أميركا، وبعضهم من أجهزة فرنسا، والبعض من أجهزة الكيان الصهيوني، وحديثا البعض من أجهزة روسيا، كذلك بعض قيادات الأحزاب – على اختلافها – وكثير من” النخبة” الإعلامية.
تسمية رؤساء المؤسسات والوزراء والحكومة ومعظم النوائب؛ تتم مباشرة من قبل تلك الأجهزة بالتحاصص أيضا. المايسترو الأكبر هو أنكل سام.
ليس في هذا جديد، أما ما ظهر من مستواهم المبتذل جدا أمام التعليمات الأجنبية، ورضوخهم المذل لها دون حياء او مواربة، فإنما يدل على وضاعتهم أولا شخصيا وسياسيا، أما الإخراج، فيدل على استمرارهم في استحمار اللبنانيين، فيما يؤكد غباءهم هم، فوق إرتهاناتهم الواضحة.
فضلا عن براعتهم الساقطة في تغطية تفاهتهم، وتهافت كل مقولاتهم وتبريراتهم من أول السيادة والاستقلال والدفاع عن الأرض، إلى آخر مقولات مقاومة الأطماع والعدوان وردع المعتدين، مرورا بتوازن الرعب ومشتقاته كما في مقولة الجيش والشعب والمقاومة.
براعتهم هذه أسقطتها تماما أحداث الشهور الأخيرة، منذ بدايات انكشاف التدهور الاقتصادي المتسارع، وما رافقه من سرقات وصفقات وتهريب أموال المواطنين، وتفريغ خزينة الدولة مرورا بما شهدته انتفاضة 17 تشرين، من أحداث وتعديات واتهامات هدفت إلى تمزيق صفوفها وتعطيل مفاعيلها.
وانتهاء بتشكيل الحكومة المستقيلة وتسمية المرشح الجديد لرئاسة الحكومة، وما سيتلوه من اختيار للوزراء من أتباع النفوذ الأجنبي، وصنائع أجهزة الأمن والمعلومات. هذا النفوذ الأجنبي الممتد عبر تاريخ لبنان الحديث، في جعبته الكثير من الأسماء الواضحة والمخفية.
كانت مهمة السلطة تحضير البلاد للانهيار الذي يستتبع الوصاية الدولية على لبنان، بما تعنيه من مصادرة حقوق الوطن والمواطن، وتوزيعها مغانم على فرقاء الوصاية. والمستفيد الأول في البحر والماء والنفط والغاز دولة الصهاينة المعتدين.
السلطة الفاسدة هي المسؤولة أولا وثانيا وثالثا، عما يحصل من نكبات ومآس إنسانية مروعة.. وهي لم تكن لتفعل وتستمر وتستفحل غطرسة وتفاهة وإستحمارا للناس لولا الحماية الأجنبية، التي لم تعد تحاول أن تخفي مقاصدها أو تدخلاتها، بعدما تصدع البنيان وتراجعت الإنتفاضة الشعبية..وأصبحت الأحزاب “الوطنية” مجرد ملحقات.
ولا نشك أن لجوء السلطة إلى تضخيم أخبار وأرقام وأعداد الكورونا ليس إلا، لتخويف الناس ومصادرة مقدرتهم على الرفض والإحتجاج والتظاهر وتجديد الإنتفاضة، التي لم يعد بد منها أو خيار آخر عنها مهما كانت أثمانها، إذا ما أراد شرفاء لبنان وفقراؤه العيش في وطن بالحد الأدنى من الكرامة ومقومات الحياة.. فما بين السلطة المأجورة الفاسدة أو الوصاية الدولية المشبوهة الطامعة؛ تبقى الانتفاضة الشعبية هي الخيار الأفضل والأقل عناء وتضحيات والأضمن وإن بدت أبعد زمنا. تلك مهمة الناشطين الشرفاء لتنظيم الصفوف واسترداد المبادرة الشعبية.
المصدر: المدار نت