حسم الملفات العالقة أساس لأي استقرار سياسي في سورية

محمد علي صايغ

الاستقرار السياسي وأي استقرار سياسي رهن بما يتم من خطوات على الأرض وليس مجرد شعارات أو تصريحات إعلامية .. ما ينتظره السوريون بعد عقود عديدة من الإهمال بل وتدمير كل البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كبير وهائل ، ويفترض بعد مرور ستة أشهر من سقوط النظام البائد أن يلمس الشعب مؤشرات على أن التغيير يسير بخطوات وإن كانت بطيئة ولكن متصاعدة ..

هناك بالتأكيد ملفات كثيرة وضخمة ، وتحتاج لعمل مؤسسي وليس فردي ، وتحتاج إلى إشراك السوريين في عملية حلحلة هذه الملفات والشغل عليها ضمن المعايير الوطنية ..

من أهم وأبرز الملفات التي من المتوجب تناولها :

١- وحدة الدولة ، ووحدة السلطة : وحدة الدولة تتطلب إيجاد حل حقيقي وواقعي لقوى الأمر الواقع ، أو كانتونات الأمر الواقع ، وأيضاً لا بد من وحدة السلطة بعيداً عن العقل الفصائلي ، وأن تتخذ القرارات على أساس مرجعية سلطة دولة لها الشرعية والمشروعة ، لا صدور قرارات متعددة ومتناقضة ، من جهات متعددة ، وقرارات ليست من صلاحية السلطة التي أصدرتها وانما هي من صلاحية سلطة أخرى

٢- الأمن والأمان : المواطن السوري بحاجة إلى الاستقرار ، وبحاجة للأمن والأمان ، إذ ما زالت جزئياً أعمال القتل والإيذاء والخطف وأعمال الثأر والانتقام موجودة ، وهي بحاجة لضبط وربط ومنع التجاوزات من أي جهة كانت ومن أي فصيل كان .. كما أن افتقاد الأمن والأمان لا يشجع الاستثمار ولا يدفع بالنهوض الاقتصادي .

٣- واستنادا للفقرة الثانية لا بد من جيش سوري موحد ، وضبط السلاح حصريا بيد الدولة ، والانتهاء نهائياً من الفصائلية ، وبناء جيش وطني يقوم على مراعاة حقوق الانسان، جيش يليق بوطننا.

٤- تأسيس نظام يقوم على حيادية الدولة تجاه الأديان والإثنيات ، ويكفل حقوق الإنسان ، ويؤسس للمواطنة المتساوية بين جميع السوريين ، وهذا يفترض الدعوة إلى مؤتمر وطني حقيقي وليس شكلي يضم كافة المكونات والقوى السياسية والاجتماعية من  أجل التوافق على عقد اجتماعي جديد يُستند إليه في كافة القوانين والمراسيم والقرارات ، ويكون مرجعاً لأي لجنة دستورية تقوم بإنجاز الدستور الدائم . وعليه فإن الثورة لم تنتهي بإسقاط النظام السابق ، بل إن الثورة مستمرة على أساس بناء الدولة السورية الحديثة  ..

٥- إعادة الإعمار ليس في المساكن التي تهدمت وإنما إعادة الإعمار في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .. هي بالضبط إعادة بناء المجتمع السوري على أساس التعددية السياسية ، وعلى أساس التنوع والتكامل ، وبأن الهويات الفرعية لا تنتقص من الهوية السورية الأصلية وتتكامل بها ومعها .

٦- العدالة الانتقالية وتأسيس هيئة للعدالة الانتقالية التي تتمتع بالشفافية والنزاهة والمصداقية ، يجب أن تكون شاملة للجميع وليست انتقائية أو ترتكز على أساس محاسبة النظام البائد ورموزه فقط ، وإنما يجب امتدادها لكل من تورط بدم السوريين أو أوغل في الفساد الكبير ..

٧- سيادة الوطن السوري فوق الجميع ، والقرارات المصيرية لا تملك أي سلطة في إصدارها مهما بلغ موقعها في هرم السلطة ، ولحفظ ملف السيادة الوطنية لا يجوز إصدار القرارات المصيرية إلا عبر استفتاء شعبي ويمهد له بقبول المؤسسة التشريعية التي انتخبها الشعب بإرادته الحرة .

٨- المعارضة جزء أساسي من الحياة السياسية ، وعلى السلطة الحالية الإسراع بتطبيق نص الإعلان الدستوري بإصدار قانون الأحزاب وتطبيقه ، والذي يؤسس على الاحترام المتبادل بين السلطة والمعارضة ، ودور المعارضة في تصحيح مسار السلطة .

وفي الختام يجب تسويق القناعة بكافة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ولدى مختلف أطراف السلطة والمجتمع بأن هذا الانتصار الذي تحقق في الثامن من كانون الاول تم عبر نضالات السوريين ومن فوق جثثهم ومدنهم واعتقالاتهم وملاحقتهم جيلاً بعد جيل ، والنصر لا تستطيع أي جهة مهما كان دورها وموقعها نسبته إليها ، أو الاستئثار بالسلطة على قاعدة ” من يحرر يقرر ” وإنما الانتصار كان بنضال الشعب السوري وحلمه المتواصل في الخلاص من الاستبداد وتأسيس الدولة الديمقراطية التداولية التي تكون ملكاً لجميع السوريين دون استثناء .

هذه بعض الملفات ، ويدخل فيها الكثير من التفاصيل المطلوبة وتحتاج إلى تحليل أوسع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى