تضاعفت أعداد الفائزات بالبلدية ورئاستها… رغماً عن رجال الدين

رنا البايع

كشفت الانتخابات البلدية التي جرت مؤخراً أن مسار مشاركة النساء الفعّالة في الشأن العام كان لافتاً جداً. وهذا ما تبيّنه الأعداد المضاعفة للمرشحات على المجالس البلدية والفائزات في عضوية المجالس وفي رئاسة البلدية، إذ وصل عدد الرئيسات إلى 18 حتى الساعة.

تضاعف نسب المشاركة الفوز
إقبال النساء على الانخراط في الشأن العام في تحسّن تدريجي من سنة الى أخرى. في انتخابات العام 2016 كانت المشاركة النسائية محدودة. فقد بلغ عدد المرشحات 1485 من أصل 21932 مرشحًا، أي بنسبة 6.5 بالمئة من إجمالي المرشحين، وفازت حينها 680 امرأة، ما يمثل 5.6 بالمئة من إجمالي الفائزين، وفازت 9 رئيسات بلدية فقط من أصل 1062 بلدية في لبنان.

هذا العام تضاعفت نسبة مشاركة النساء في انتخابات البلديات، بحسب الأرقام الحصرية التي حصلت عليها “المدن” من برنامج الأمم المتحدة الانمائي لدعم الانتخابات في لبنان. فقد وصل عدد المرشحات للمجالس البلدية إلى 2591 مرشحة من أصل 21544 مرشحاً أي بنسبة 12.02. ووصل عدد المرشحات المنتخبات إلى 1331 من أصل 12835 فائز، أي بنسبة 10.37 بالمئة. أما نسبة السيدات الفائزات من عدد المرشحات فقد وصلت إلى 51.37 بالمئة. وهي نسبة مرتفعة أو مضاعفة قياساً بالسابق، وتظهر التحوّل المجتمعي لمنح الثقة بدور المرأة في الشأن العام.

في انتظار الانتهاء من انتخابات رؤساء المجالس النيابية على كامل الأراضي اللبنانية، لا يزال عدد الرئيسات المنتخبات غير دقيق، لكنّه تخطى رقم 2016. اذ انتخبت 18 رئيسة بلدية حتى الساعة أي ضعف العدد السابق، والرقم قد يزيد بشكل ملحوظ عند انتهاء المهلة القانونية لإجراء انتخابات الرؤساء وهي شهر بعد انتهاء الانتخابات البلدية.

الفرص أمامهنّ محدودة
يتحدّث الكثيرون عن أداء المرأة في البلديات مقارنة بالرجال، وكيف أثبتن أحقيّة وجودهن في العمل البلدي، خصوصًا في مجالات الخدمات والرعاية الاجتماعية.

“لم تكن المشكلة بكفاءة المرأة وجدّيتها بل بالفرص المحدودة المتاحة أمامها”، تقول رئيسة بلدية شيخ طابا في عكار ماري الراسي التي فازت بالتزكية. ما يشير إلى احتضان شعبي لها في بلدتها. هي الآتية من العمل المصرفي كـ “مديرة بنك”، تعتبر أنّها تستحق لقبها البلدي لأنّها تتعاطى الشأن العام وعلى تواصل مع الناس ولها إلمام بالتنظيم والقدرة على تنفيذ أكثر من مهمة في آن.

تنتقد الراسي غياب الدولة لا سيما في البلدات النائية، مؤكدة استمرار دور ومسؤولية البلدية في تأمين حاجات الناس الأساسية من كهرباء ومياه “ولو دفعنا من جيوبنا في ظلّ غياب السيولة التي تسهّل الأعمال كلّها”. وتجدر الإشارة إلى أنّه في محافظة عكار وصلت 3 مرشحات، كلّ من خلفية سياسية وعائلية مختلفة، إلى رئاسة بلدية.

مواجهة رجال الدين
في المتن الشمالي، انتخبت السيدة سناء البنا أوّل رئيسة لبلدية الخريبة، في خطوة اعترض عليها رجال الدين في البلدة، فجاء الردّ عليهم في الصناديق اذ فازت لائحتها ب 8 أعضاء من أصل 9. وتشير البنا إلى أنّ الانتخابات غلب عليها الطابع العائلي من دون التدّخل السياسي للأحزاب، “في وقت حاول رجال الدين منعي من الترشح لأسباب تعود إلى خلفيتهم المجتمعية والدينية التي تعتبر ربما أنّ الرجل أحقّ من المرأة بالمناصب البلدية”.

وتقول عن ترشّح النساء أنّه حقّ “وقد لمست أن المجتمع بدأ يتقبّل بشكل أوسع خوض المرأة الشأن العام لا سيما بعد حملات التوعية الكثيرة التي كانت تحثّ النساء على المشاركة”.

وأضافت أنّه لا فرق بين عمل الرجل وعمل المرأة متى تأمّنت الإمكانات المادية واللوجيستية والدعم، معتبرة أنّ التنوّع الجندري والثقافي داخل المجلس البلدي يساهم بزيادة المقاربات المختلفة للأمور، ما يجعل قراراته أكثر عدالة وأقل أضراراً.

إلى قضاء بعبدا حيث فازت ماجدة هاني برئاسة بلدية رويسة البلوط. وهي أستاذة متعاقدة ورئيسة جمعية سيدات رويسة البلوط الخيرية وناشطة اجتماعية. وتعتبر هاني أن مشاركة النساء في البلديات تعزّز الشفافية لأنّهنّ بطبعهن أقلّ تورطًا في شبكات المصالح السياسية والخدماتية، وهن أكثر ليونة في التواصل ما يجعلهن أكثر قرباً من الناس وأكثر قدرة على حلّ الخلافات.

وتضيف: “وصلت لهذا المركز ولي كامل الثقة بدور المرأة القيادي في مناصب يشغلها عادة الرجال. نحن قادرات أيضاً على العمل في الشأن العام بنفس الجودة أو أفضل”.

لا تعد هاني سكان بلدتها بالمستحيل في ظل إمكانات البلدة الضعيفة. لكنّها تتمنى أن تمدّ الدولة يدها للبلدية لاسيما بما يخصّ البنى التحتية والطرقات وتأمين المياه. وتؤكد أنّ البلدية تحت إدارتها ستعمل على إعادة فتح مكب النفايات الذي أغلق لظروف اقتصادية، وستحاول استقطاب شركة لتتولى إدارة المكبّ علماً أنّ البلدة تفرز نفاياتها. وستعمل على تشجيع الزراعة وتأمين المساعدات للمزارعين وأسواق لمنتجاتهم.

الكوتا النسائية وحملات المناصرة
رّغم التحسّن العددي، لا تزال مشاركة المرأة في المجالس البلدية بحاجة إلى دعم أكبر. وسعت النساء في هذه الانتخابات تحديداً إلى زيادة تمثيلهنّ في المجالس البلدية على الرّغم من التّحدّيات الهيكلية والثقافية والجندرية القائمة. فهناك حاجة ملحّة لإقرار تشريعات مثل “الكوتا النسائية” لضمان تمثيل عادل للنساء في المجالس البلدية. علماً أنه كان يمكن لهذا القانون لو أقرّ أن يؤمّن وصول نحو 4000 امرأة الى المجالس البلدية من بين 12475 عضواً.

ويشير الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أنّ “حملات المناصرة التي أطلقت من أجل الكوتا النسائية في المقاعد البلدية وحملات المناصرة لتعزيز دور المرأة في العمل البلدي والسياسي أعطت نتيجتها وإن كانت دون المستوى المطلوب.

وأضاف أن “هذه الحملات ضاعفت أعداد النساء المرشحات والفائزات ما سيحفّز الهيئات والجمعيات على المطالبة بإقرار قانون الكوتا النسائية الذي سيدفع نحو تمثيل عادل للنساء في الانتخابات البلدية والنيابية على السواء”.

المصدر: المدن

تعليق واحد

  1. معطيات جديدة ظهرت بالإنتخابات البلدية اللبنانية، من تغيير بالتحالفات ومشاركة النساء الفعّالة، وهذا ما تبيّنه الأعداد المضاعفة للمرشحات على المجالس البلدية والفائزات في عضوية المجالس وفي رئاسة البلدية، هذا يدل على الدور الذي فشل فيه الآخرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى